تريند 🔥

🤖 AI

لعبة Atomic Heart الروسية: تجربة ممتعة أثقلتها الاتهامات بالبروباجندا!

مصطفى عرجون
مصطفى عرجون

9 د

صدرت لعبة Atomic Heart في 21 فبراير الماضي، وحصلت على تقييمات عامة متوسطة على الرغم من كونها حديث الإعلام لفترة طويلة امتدت لسنوات، وزاد ذلك الحديث في الشهور التي سبقت الإصدار الرسمي للعبة، وفوجئ الجميع بانتشار فيديو يحذر من شراء اللعبة ويربطها بشكل مباشر بالحكومة الروسية، زاعمًا أنها "بروباجندا" حديثة في يدي الحكومة الروسية، تستخدمها لتصدير أفكارها، فما مدى صحة هذه الادعاءات، وهل اللعبة جيدة على أية حال؟


ماهي مزاعم مقدم الفيديو؟ وهل اتضح بالفعل أن Atomic Heart هي أداة ترويجية للحرب الروسية؟

فيديو يوتيوب

نشر Harenko عبر يوتيوب قبل أسبوع من إصدار اللعبة فيديو على قناته التي لا يتعدى تعداد المشتركين فيها 10 آلاف مشترك فيديو يمتد لعشرين دقيقة بعنوان "أرجوك لا تشترِ Atomic Heart" يشرح فيه أسباب تشكيكه في اللعبة وما إذا كانت أداة للبروباجندا الروسية، أو دعمًا للحرب بشكل مادي كامل من قبل المطورين.

يبدأ Harenko الفيديو بمثال يستشهد به حول لعبة طاولة لوحية (Table Top Game) أمريكية تسمى Nuclear Love (الحب النووي) تحاكي ما حدث في هيروشيما ونجازاكي وهو أمر غير أخلاقي، ثم ينتقل ليقول إن اللعبة فشلت في المبيعات على الرغم من حديث الناس عنها لفترة طويلة، ومن ثم يفاجئنا قائلًا إن اللعبة ليست موجودة بالفعل ولكنه مثال ألّفه هو من الصفر ليستشهد به، ويقرّب الصورة للمستمعين حول الوضع مع Atomic Heart.

بالطبع، البدء بحجة مثل هذه هو أسوأ شيء قد يفعله أي أحد لسببين؛ أولهما هو أنها محاولة صريحة للتلاعب بمشاعر المستمعين دون عرض حجة جذابة تجعل المشاهدين مهتمين باستكشاف نظريتك. هذا ببساطة، لأنه ليس هناك أي نظرية! Atomic Heart لا تحاكي أي حرب، ولا تحاول الدفاع عن موقف روسيا في حربها ضد أوكرانيا ولم يظهر في إعلاناتها أي شيء غير أخلاقي نحو أي شعب من شعوب الأرض.

بعد ذلك يقول Harenko بأن من سيلعب اللعبة حتى بعد سماع وجهة نظره أو من تسوّل له نفسه أن يجرب Hogwarts Legacy عليه إغلاق الفيديو والتوقف عن الاستماع في الحال. محاولة طفولية من Harenko لفرض رأيه بشكل أبعد ما يكون عن النقاش الحضاري الموضوعي الذي من المفترض أن يكون لغة الحوار فيه تميل للرغبة في الإقناع، بكلمات مثل "اسمعني وإذا لم تقتنع لك الحق في فعل ما تشاء".

عند إكمال الفيديو ستجد بأن جميع المزاعم التي يطرحها Harenko حتى تلك المستندة على حقائق، مثل جنسية الاستوديو والعاملين فيه، يتم اجتزاؤها خارج سياقها بشكل بالغ السوء، حيث يزعم Harenko بأن الاستوديو أخفى أنه استوديو روسي وحذف العبارة من موقعه الرسمي حتى يتمكن من دعم الحرب الروسية بشكل سري، وأنه حين تم سؤاله على تويتر بشكل مباشر إذا ما كان ضد الحرب الروسية، رد حساب المطورين بأنه ضد أعمال العنف والحروب بشكل كامل وضد أي شخص.

إجابةً مثل هذه لم تُرضِ Harenko، ولكنها أيضًا إجابة منطقية جدًا إذا وضعت نفسك مكان هؤلاء المواطنين الروس الذين يعيشون في وطنهم ولا يريدون أن ينقلب الوضع إلى نضال سياسي على تويتر بعد أن كان سؤالًا حول لعبتهم. هي الإجابة الأفضل في الحقيقة ضمن الظروف المتاحة، فليست كل الأعمال الفنية مثل الأفلام أو الألعاب أو الأغاني من المفترض أن تدين كل الأشياء السيئة!

يستكمل Harenko الفيديو باستشهاده بأن اللعبة لم تعرض أسلوب لعب بشكل كافٍ وأنها قد يتضح لنا كونها منتجًا غير موجود في الأساس، ولكن بالطبع كلنا نعرف الآن أن هذا ليس صحيحًا لأن اللعبة صدرت بالفعل. خلال الفيديو أشار Harenko أن اللعبة سياسية في الأساس، ولذلك يجب على المطور ألا يزعم بأنه لا يتطرق للسياسة، وألا يرفض التعليق على الحرب الروسية وإدانتها، وهي بالطبع حجة ضعيفة جديدة لأن الألعاب إذا كانت سياسية لمجرد تضمنها جانبًا سياسيًا في القصة فهل يعني ذلك بأن مطوري ألعاب Call Of Duty يحبون العنف، ويؤيدون القتل الذي حدث في حرب العراق مثلًا؟


صناعة الألعاب تتعرض للتخريب: الصوابية السياسية أمامكم وطمع المستثمرين من خلفكم!

لم تكن هذه المرة الأولى التي تنتشر فيها دعوات مقاطعة لعبة ما لأسباب لا علاقة لها بالألعاب، ولمن لا يعرف، فصناعة الألعاب حاليًا تواجه مشكلة كبيرة ظهرت جليًا مع لعبة Cyberpunk 2077 التي طورها CD Project Red البولندي.

يثق اللاعبون ثقةً عمياء في استوديوهات محدودة لتطوير الألعاب، وأحد أهم تلك الاستوديوهات كان CDPR الذي جلب لنا واحدة من أعظم -إن لم تكن أعظم- الألعاب في التاريخ وهي The Witcher 3 Wild Hunt في 2015، وكان العالم مستعدًا لتلقي لعبة عظيمة أخرى في 2020 مع Cyberpunk 2077 والتي خرجت في حالة مزرية يرثى لها، واتضح أن السبب هو ضغط المستثمرين على الاستوديو لنشر وإصدار اللعبة في موعدها وعدم تأجيلها حتى وإن كانت في حاجة ماسة للصقل التقني.

هذه ليست أول مرة في العشر سنوات الأخيرة يحدث فيها حدثًا كهذا، ولكنها كانت المرة الأولى من أحد الاستوديوهات التي لم تمتلك قبلها نقطة سوداء واحدة في علاقتها مع اللاعبين، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على أن الكلمة العليا أصبحت للمستثمرين وناشري الألعاب أكثر من مطوريها، وهو ما يجعل في أياديهم الصلاحيات الكاملة لارتكاب أي شيء بدافع البحث عن الربح.

على الجانب الآخر، بدأ اتجاه جديد في الظهور مؤخرًا يحاول إدخال عوامل لا علاقة لها بالألعاب أو المتعة في معادلة كل لعبة جديدة صادرة، Hogwarts Legacy و Atomic Heart وغيرها من الألعاب التي تمت مهاجمتها قبل إصدارها ودعوة اللاعبين لمقاطعتها الكاملة لأسباب خارج إطار صناعة الألعاب، وهو ما يهدد الصناعة بشكل كبير، لأن العنوانين اللذين أشرت إليهما هما من أفضل الألعاب في الفترة الأخيرة، حتى وإن لم تحقق لعبة Atomic Heart تقييمات عالية فهي محاولة جريئة ومرموقة لمقارعة الكبار وإصدار منتج قوي، وهو شيء لا نراه كثيرًا هذه الأيام لأن معظم المطورين يحاولون اتباع سياسة الربح السهل.

آخر ما يريده محبو الألعاب أن تكون دعوات المقاطعة لأسباب سياسية أو أيدولوجية هي السبب وراء عدم إصدار ألعابهم المفضلة أو عدم العمل على أجزاء جديدة منها في الوقت الذي تندر فيه الألعاب الجيدة من الأساس.

إما إخفاق من المطور في إخراج منتج يرقى للمعايير العامة، أو إخفاق من الجماهير لدعم لعبتهم المحبوبة! سيكون هذا عنوان المرحلة القادمة حيث سيتعين على اللاعبين اتخاذ موقف صارم أمام دعوات إدخال السياسة والأيدولوجية في صناعة هدفها الأساسي هو الترفيه، وهو ما يمكن أن يتم دحضه بكلمة أخيرة من اللاعبين.


ما هي قصة اللعبة التي أثارت كل هذا الرعب؟

تدور أحداث Atomic Heart في خط أحداث موازٍ لعالمنا، انتصرت فيه روسيا في الحرب العالمية الثانية وشهدت تقدمًا علميًا غير مسبوق، خصوصًا في مجال الآليين بفضل مركب كيميائي جديد وصل إليه أحد العلماء وهو مركب Polymer، وبفضله استطاع تطوير قطاع الآليين والتحكم بهم من خلال Kollective وهو نظام ذكي للتحكم بالآليين.


من خلال النسخة الجديدة، Kollective 2.0 يطمح العالم Sergeevich Sechenov إلى أن يسيطر على جميع الآليين من خلال نظام ذكاء اصطناعي يشكل الوعي الجمعي لهؤلاء الآليين، وجهاز صغير يمكّن البشر من التحكم بالآليين من خلال الأفكار فقط.

سرعان ما تسوء الأمور وتتمرد الأجهزة على البشر بفضل عطل يحولهم لوضع القتال. تخشى الحكومة تسرب أخبار التمرد الآلي للأمريكيين حتى لا يستغلوا الآليين ضدهم في الحرب، ولكي لا يتم الإضرار بصناعة الآليين الروسية التي تصدر منتجاتها للعالم كله.

تلعب أنت دور ضابط في المخابرات الروسية يتم إرساله إلى المنشأة التي يتم فيها حفل إطلاق Kollective 2.0 لمعرفة سبب التمرد وإيقافه، ووقتها تظهر لك علامات تنذر بأن سرًا كبيرًا يقبع خلف ستار ذلك التمرد الكبير.


ما الذي تقدمه اللعبة على صعيد أسلوب اللعب؟

ما الذي تقدمه اللعبة على صعيد أسلوب اللعب؟ في ساعات اللعب الأولى، ستشعر بأن Atomic Heart تقدم الكثير من آليات اللعب، ويزيد هذا الشعور مع انتهاء المرحلة الأولى من اللعبة والتي تمتد لأكثر من ساعتين، لينفتح أمامك العالم المفتوح وتظهر بعض عيوب اللعبة، وفي مقابل هذه العيوب تظهر آليات لعب جديدة تمامًا لتزيد الأمر تعقيدًا.


Atomic Heart

في الحقيقة، Atomic Heart لعبة طموحة لدرجة جعلتها مشتتة، ربما لأنها حاولت دمج ألعاب العالم المفتوح بالألعاب الخطية وفشلت في صياغة قالب ناجح لفعل ذلك بشكل سلس. Atomic Heart تركز على المراحل الخطية في مهماتها الأساسية، وتضعك في العالم المفتوح خلال بعض المراحل الجانبية، وكأنها لا تعترف بالجزء المفتوح من تصميمها، أو لا تريد تضمينه في هيكلها الأساسي.

كانت المراحل الخطية أفضل بسنوات ضوئية من العالم المفتوح بفضل لحظات القصة، وتصميم البيئات المغلقة بصريًا وعمليًا، والألغاز التي كانت -بشكل مفاجئ وغير متوقع- أحد أفضل جوانب اللعبة.


تضارب أراء محير بين محب شديد للعبة وكاره لها!

بعد صدور اللعبة، ستلاحظ بأن هناك من يكرهها كرهًا شديدًا أو من يحبها حبًا جمًا، ويعود ذلك لكون اللعبة متأثرة بشكل مكثف بكلاسيكيات ألعاب التصويب الأمريكية مثل Bioshock و Half life و Wolfenstein وهي ألعاب محببة لقلوب الكثيرين، ولكن في طريقها لتقديم تجربة تجمع كل هذا تتعثر Atomic Heart في بعض جوانبها المهمة مثل العالم المفتوح وتصميم البيئات لتخلق تجربة غير متوازنة.

عدم التوازن في العالم المفتوح وتزويده بنظام أمني 90% من أوقات تجولك به مشغولة ومشبعة بالمواجهات العنيفة مع أعداء يحتاجون لعدد لا نهائي من الذخيرة للتغلب عليهم، في تجربة لا تزودك بالكثير من الذخيرة في الأساس!

هناك نظام يعكر عليك صفو انتصارك على الآليين يقوم بإرسال آلية إصلاح خصيصًا لإصلاح الأعداء الذين تغلبت عليهم! ومع المساحات الواسعة التي ستكون مجبرًا للتجول فيها خلال بعض المهمات الأساسية، تجد بأن تلك المواجهات المزعجة هي أمر حتمي لا مفر منه.


Atomic Heart
ذو صلة

لكل هذه الأسباب، هناك من استطاع التغاضي عن العيوب، وهناك من لم يستطع لنخرج من هذه الحالة التي ولّدتها اللعبة في الإعلام بحالة من اثنين: إما الحب الشديد أو الكره، فلعبة Atomic Heart هي نسخة روسية غير متقنة من ألعابنا المفضلة، تأتينا من مطور بدا جليًا ولعه وحبه الشديد لألعاب التصويب الكلاسيكية.

في النهاية، لا علاقة للعبة Atomic Heart -على الأقل من خلال ما قدمته من محتوى- بالترويج لروسيا وفكرها السياسي، أو حتى حربها في أوكرانيا في الوقت الحالي، وإنما الحملة التي زادت حدتها في الأيام الأخيرة ما هي إلا حملة خوف مشروعة من مواطن أوكراني ربما أرهقه السماع عن أهوال الحرب في بلاده، أو تخوف من نجاح ساحق للعبة تنتقل أرباحه إلى تمويل الحرب على بلاده، وفي كل الأحوال ما قدمته Atomic Heart من قصة وأسلوب لعب يبلوران الثقافة الروسية بشكل جميل، ولكنه أيضًا يظهر مساوئ الاتحاد السوفيتي من بوابة فانتازيا خالصة، أي أن اللعبة لا تهاجم ولا تفخم روسيا.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة