تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

عصر تزييف الوجوه: ما هي تقنية التزييف العميق التي قلبت مجال الذكاء الاصطناعي رأسًا على عقب؟

بيتي فرح
بيتي فرح

5 د

من الخطأ الاعتقاد أن عمليات التزييف فكرة حديثة العهد، ففن التلاعب بالصورة الفوتوغرافية قديم العهد، وجلّ من استخدمه أصحاب السلطة تاريخيًا مثل إبراهام لينكولن وجوزيف ستالين للإطاحة بمعارضيهم من خلال فرض هيمنة نفسية بواسطة الصورة ولتجميل الهيئة أيضًا، ولاحقًا استخدمت الفيديوهات المزيفة بشكل رئيسي على سبيل إنشاء مقاطع فيديو ساخرة لممثلين أو لغيرهم من الشخصيات المشهورة، وسرعان ما أصبحت أداة فعالة لتشويه سمعة النساء بشكل خاص ووسيلة للابتزاز.

اليوم يفتح الباب على مصراعيه لنقف أمام تحديث مرعب لهذه التقنية تحت مسمى Deep Fake بغية الخداع البصري لأي محتوى في عالم الاقتصاد والسياسة والأمن وغيره للوصول إلى الغاية المنشودة وهي التضليل الإعلامي والتلاعب بالرأي العام.


ما هي تقنية التزييف العميق Deep Fake؟

تقول "كريستينا لوبيز" كبيرة المحللين في شركة "غرافيكا" التي تبحث في تدفق المعلومات عبر الشركات الرقمية، إن التزييف العميق عبارة عن لقطات يتم إنشاؤها بواسطة جهاز الكمبيوتر الذي يحتوي على عدد لا يُحصى من الصور، ويأتي هذا المصطلح أيضًا من التكنولوجيا الأساسية -خوارزميات التعلم العميق- ويعني حل المشكلات باستخدام مجموعات كبيرة من البيانات التي يمكن استخدامها لإنشاء محتوى مزيّف لأشخاص حقيقيين.

أبرز مثال لهذه التقنية ما حدث مع الرئيس السابق "ترامب" عندما تم تزييف مشاهد لاعتقاله قبل وقت قصير من توجيه الاتهام إليه. على الرغم من أن فيديوهات التزييف العميق تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، إلا أنها مطابقة للحقيقة لدرجة أنها لا تخدع أعيننا فحسب، بل تخدع أيضًا الخوارزميات المستخدمة للتعرف إليها.

أعلنت تقنية التزييف العميق عن انفجار بركان من التلاعب بالصور ومقاطع الفيديو والمعلومات لتصبح ظاهرة متفشية كالنار في الهشيم ويهدد الأمن القومي العالمي، حيث أصبح بمقدور ملايين الأشخاص والعديد من الشركات إنشاء محتوى مطابق للحقيقة، علمًا بأن أكثر البلدان التي تعتمد على هذه التقنية هي الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية من أجل نشر الإشاعات والأخبار المزيفة تحقيقًا لمصالحها.


كيف يتم إنشاء التزييف العميق بشكل مُتقن؟

إحدى أبرز طرق إنشاء التزييف العميق هي الشبكات العصبية العميقة التي تستخدم تقنية تبديل الوجه. بدايةً، لابد من وجود مشهد يتضمن شخصًا داخله لاستخدامه كأساس للتزييف العميق ومقاطع فيديو لوجه الشخص المُستهدف تركيبه بالمشهد المزيف أيًا كان مصدر هذه المقاطع، وهنا يخمن برنامج التزييف العميق شكل الشخص من زوايا متعددة، وبعدها يقوم بدمج وجه الشخص المُستهدف مع الشخص داخل المشهد بالذكاء الاصطناعي.

ليس هذا فحسب، حيث تُستخدم تقنية شبكات الخصومة التوليدية "GANs" لاكتشاف وتحسين عيوب التزييف العميق مما يُصعّب على الخبراء مهمة كشفه.. هل تتخيل أنه بإمكان أي منظمة بهذه الطريقة أن تصنع فيديوهات فاضحة مزيّفة تطابق الحقيقية لأغراض دنيئة، والأسوأ أن الأبحاث الحالية تتوقع خلال خمس سنوات بحد أقصى الوصول لمرحلة لن يمكن فيها التمييز بين الفيديوهات الحقيقية والمزيفة!


ما الهدف من استخدام هذه التقنية؟

غالباً ما يكون الهدف من تقنية التزييف العميق تحقيق أغراض غير مشروعة من خلال إنشاء مواد إباحية للانتقام أو الابتزاز، فالمواد الإباحية تشكل 96% من مقاطع الفيديو المزيفة، وهو ما يتسبب في تشويه سمعة بعض المشاهير والشخصيات رفيعة المستوى وكان ذلك في عام 2019.

ومن عالم الفن إلى عالم السياسة المليء بالضغائن والصراعات تجد هذه التقنية لنفسها مجالًا خصبًا، فقد أصدر حزب سياسي بلجيكي عام 2018 مقطع فيديو "لترامب" وهو يلقي خطابًا يدعو بلجيكا إلى الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ. وبالطبع لم يلقِ "ترامب" هذا الخطاب أبدًا.

لهذا يجب الاستعداد جيدًا لدحض أي فيديو مزيف بالأدلة والبراهين خاصةً أن الدول الكبرى غالبًا ما تكون مُستهدفة بهذه الفيديوهات دون غيرها، مما يضعها في كثير من المشاكل والتوترات الدولية، وهو ما ستزداد وتيرته خلال السنوات القادمة مع تطور تقنيات التزييف العميق.


يبدو أن لهذه التقنية مزايا أيضًا

هل تصدق أن لتزييف مقاطع الفيديو جوانب إيجابية أيضًا؟ نعم، يتم بالفعل استخدام تقنية التزييف العميق في العلاج النفسي للتخفيف من معاناة أشخاص فقدوا عزيزًا عليهم، وهو ما حدث بهولندا لأب فُجع بوفاة ابنته الشابة فتمكن من استعادة ذكراها عبر فيديو بتقنية التزييف العميق يُظهرها وكأنها حية أمام ناظريه.

أيضًا، استخدم الصحافيون وجماعات حقوق الإنسان تقنية التزييف العميق لإنقاذ حياة اللاجئين المثليين الروس عبر إخفاء هوياتهم وتعديلها. وترى "شيرين آنلين" خبيرة تكنولوجيا الإعلام في "ويتنيس" أن جزءًا من عملهم يتمحور حول تعزيز الاستخدام الإيجابي لهذه التكنولوجيا وكشف زيف التكنولوجيا عندما تُستخدم لغرض غير مشروع.


كيفية كشف تقنية التزييف العميق

قليلة هي المؤشرات التي تكشف عن التزييف العميق، ومن أهم هذه المؤشرات البحث عن مشاكل الجلد أو الشعر أو الوجوه التي تبدو أكثر ضبابية من البيئة التي توجد فيها. أيضًا يمكن الكشف عن زيف الفيديو عبر ملاحظة اختلاف إضاءة نماذج الفيديو المُستخدمة لإنشاء الفيديو المزيف.

يوجد مؤشر آخر للكشف عن زيف الفيديو عبر ملاحظة عدم تطابق الصوت مع الشخص، خصوصًا إذا كان الفيديو مزيفًا ولم يتم التلاعب بصوت الأصل بعناية، كما يمكن كشف الزيف عبر التحقق من مصدر الفيديو ومكان نشره، إذ غالبًا ما يكون هذان الأخيران مشبوهين.


كيف تحارب التكنولوجيا هذه التقنية المسيئة؟

معظم المسؤولية تقع على عاتق المطورين وشركات التكنولوجيا لتطوير علامات مائية غير مرئية والإشارة لمصدر الفيديو. هذا ويقوم عدد من الشركات الناشئة بتطوير طرق لاكتشاف التزييف العميق، ومنها تطوير نظام للكشف عن التزييف يشبه برنامج مكافحة الفيروسات كما فعلت شركة Sensity.

ذو صلة

الجدير بالذكر أن شركة Operation Minerva تتخذ مسارًا أكثر وضوحًا في كشف التزييف العميق، حيث تقارن خوارزميات هذه الشركة التزييف العميق المحتمل بفيديو معروف تم بالفعل "تسجيل بصماته الرقمية"، فمثلًا قد تكشف الخوارزميات زيف فيديو إباحي عبر مقارنته بفيديو أصلي مُسجل مسبقًا بقاعدة بيانات الشركة.

مع تطور التكنولوجيا، يصبح إيجاد حل جذري يوقف زحف المحتوى المزيف المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي أمرًا ممكنًا. لكن حتى الآن، لم يتم بذل جهود كافية لمكافحة التزييف العميق على نطاق واسع، علمًا بأن أي حل مستقبلي لن يكون علاجًا لجميع حالات التزييف العميق الضار، والأهم من ذلك نشر التعليم والأخلاق والوعي وتفعيل قوانين تضع من يتجاوز تحت طائلة العقاب.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة