تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

سرق اللص هاتفه، فسرق هو حياة اللص كاملة! كيف يمكن لشخص أن يتتبعك كما المخابرات وأسوأ!

ماذا تبقى من الخصوصية والحماية
عبد الله الموسى
عبد الله الموسى

5 د

بدأت القصة عندما كان الطالب الهولندي Anthony Van Der Meer يتناول غداءه في أحد مطاعم أمستردام في يوم أوربي كلاسيكي هادئ، ولم يعكر صفو هذا اليوم سوى سرقة هاتف أنتوني المحمول، ومع ذلك لم تكن خسارة الهاتف المادية هي ما عكر مزاج هذا الطالب بل كان مصير صوره وبياناته الشخصية تمامًا كما كان سيحدث مع أي شخص منا.

وبما أن هاتفه كان من نوع iPhone أول ما خطر بباله هو العثور على هاتفه بواسطة خدمة Find My iPhone الشهيرة، فأحضر حاسوبه المحمول، وحاول تعقب هاتفه من خلاله، ولكن يبدو أن اللص قد قام بإقفال الهاتف، واستبدال بطاقة SIM بعد دقائق فقط من حصوله عليه ليحاول كسر حمايته بإحدى الطرق غير الشرعية المتاحة، وهذا ليس بالأمر السيء، فبأحسن الأحوال قد اطمئن قلب أنتوني إلى أن بياناته ستُزال من الهاتف، ولن يتمكن اللص من الإطلاع عليها.

ومع أن اللص بقي مجهولًا.. إلا أن الشاب الهولندي العشريني قرر أن يبحث عما يمكن أن تكون عليه شخصية شخص تُسَوّل له نفسه لسرقة هاتف غيره في أمستردام، وأراد أيضًا توثيق ذلك في فيلم قصير لنشره على موقع يوتيوب، وهكذا فعل!


تطبيق تعقب لايمكن إزالته!!

بسبب إمكانية الحصول على صلاحيات أكثر من تلك التي يمكن الحصول عليها في هاتف آيفون، ولتجنب ماحصل في المرة السابقة، قام أنتوني بإحضار هاتف محمول يعمل بنظام أندرويد، وقام بتثبيت نظام Cerberus Anti Theft لتعقب الهاتف، ومايميز هذه الخدمة عن غيرها أنه من الصعب إزالتها حتى عند عمل استعادة لضبط المصنع! لكن كيف يمكنه ذلك؟


طبقات نظام اندرويد

ينقسم نظام أندرويد إلى قسمين: الأول هو القسم الخاص بالمستخدم، ويتضمن ملفاته وإعداداته والتطبيقات الخاصة به، وهو مايتم حذفه من الهاتف بالفعل عندما تقوم بعمل فورمات للهاتف، بينما القسم الآخر هو ملفات النظام نفسه التي لا تتأثر حتى عند استعادة ضبط المصنع، والطريقة الوحيدة لتبديلها هي تحديث برنامج الهاتف إلى إصدار أحدث أو تبديل ” الروم ” بشكل يدوي، وهذا في الغالب يحتاج إلى مختصين أو على الأقل مستخدمين متمرسين للقيام به!

ولضمان نسبة نجاح أكبر قام أنتوني فان دير مير بالتواصل مع مطوري نظام الحماية والتعقب هذا وطلب منهم تعديل اسم البرنامج في قائمة التطبيقات لكي لا يتم التعرف عليه بسهولة، كما قام بجعل عملية تحديث أو ” إعادة تفليش ” الجهاز أصعب بكثير لكي لا يتمكن اللص الضحية من إزالة التطبيق، أو على الأقل ليبقى أطول مدة ممكنة.


مايمكن فعله باستخدام تطبيق مانع السرقة Cerberus

مايمكن فعله باستخدام تطبيق مانع السرقة Cerberus

يتيح نظام Cerberus لصاحب الهاتف إمكانية التحكم به عن بعد من خلال أي جهاز كمبيوتر، ويمكنه من معرفة مكان الجهاز بالضبط، ومتابعة تحركاته خطوة بخطوة في الوقت الحقيقي، واستخدام الكاميرا والميكروفون بشكل مباشر والإطلاع على دليل الأرقام والرسائل وحفظها وأرشفتها أيضًا.

بعد أن قام بوضع نظام التعقب في الهاتف، وضع الهاتف في المكان حتى يأتي تعيس الحظ الذي سيقوم بسرقته، وبعد طول انتظار تمت سرقة الهاتف بالفعل.


اللص عربي!

لم يفلح أنتوني في أول أربعة أيام من الحصول على صورة واضحة لوجه اللص الضحية، فكلما حاول التقاط صورة كانت النتيجة صورة سوداء أي أن الهاتف كان في الجيب، وفي أحسن الأحوال كانت صورة للسقف عندما يكون الهاتف على الطاولة، وبعد أربعة أيام فقد الاتصال بالهاتف، ويبدو أن هذا اللص لديه من الخبرة والفطنة مايكفي للتعامل مع هذه الحالة.

ولكن لم تثبت عليه التهمة الأخيرة فبعد فترة قصيرة وصلت رسالة إلى هاتف أنتوني تخبره بأنه قد تم ادخال بطاقة SIM جديدة في الهاتف إلى جانب معلومات مثل رقم الهاتف الجديد وكم يمتلك من الرصيد في بطاقته، ورقم IMEI وحتى نسبة شحن البطارية ! وماحدث أيضًا أن هذه الرسالة كانت باللغة العربية أي أن الهاتف قد تم تحويل لغته إلى العربية.. إذا النظام مازال يعمل، واللص ليس بذلك الذكاء! كما أنه لم يقوم بإزالة أي من الملفات الشخصية التي تركها الشاب الهولندي في هاتفه.

وخلال فترة تعقبه للّص تمكن من تحديد موقعه أكثر من مرة، إضافة إلى الإطلاع على دليل أسمائه ومكالماته ورسائله في الوقت الحقيقي، وأخيرًا تمكن من التقاط صورة لوجهه.


سرق اللص هاتفه، فسرق هو حياة اللص كاملة! كيف يمكن لشخص أن يتتبعك كما المخابرات وأسوأ!

إنه رجل يبدو في الأربعينيات من عمره لايمكنك تحديد ان كان الشعر الأبيض يطغى على الأسود في رأسه، ولكن ملامحه ليست هولندية، وبعد تعقب تحركاته لعدة مرات تمكن من تسجيل صوته بوضوح فمرة كان يحدث سيدة روسية في مقهى باللغة الانجليزية وكان الحوار عن أعمال ذُكرت فيها أرقام بملايين الدولارات وتلميحات مشبوهة، بينما في المرة الثانية كان يتكلم مع صديق له في بيته باللغة العربية واللكنة المصرية، وكان الحديث بالتحديد عن الزهد وضرورة الخشوع في الدعاء يوم الجمعة، ليبدو وكأنه شخص آخر غير الذي استقبل تلك الفتاة بقبلة في المقهى!

لسنا هنا في غرض الحديث عن الرجل ” اللص الضحية ” وسلوكه بقدر النتيجة التي نريد الوصول إليها عن كمية ودقة البيانات والمعلومات التي يمكن جمعها عنا بسهولة شديدة، وبدون الحاجة إلى أجهزة مخابرات أيضًا! الأمر مخيف فعليًا.


نتيجة التجربة..فيلم Find My Phone

نجحت تجربة Anthony Van Der Meer في أخذ فكرة عما يمكن أن يفكر فيه شخص لايجد حرجًا في سرقة هاتف من مكان عام في ساحة أمستردامية، وبالفعل قام بتوثيق تجربته هذه لحظة بلحظة حتى نهايتها فكان فيلم Find My Phone، وخلال الأيام الثلاثة الأولى من نشره على يوتيوب تجاوز عدد مرات مشاهدة الفيلم المليون مرة.

فيديو يوتيوب

ذو صلة

ماذا عن لصوص خصوصيتنا ؟

التساؤل الذي يجب علينا طرحه الآن بعيدًا عن هذه الحادثة، وقصة هذا الشاب، وهذا الفيلم: إذا كان بمقدور شخص واحد فقط ومن خلال أدوات بسيطة أن ينتهك خصوصية شخص آخر،ولا يقوم فقط بالإطلاع على ملفاته الخاصة، بل يعيش معه تفاصيل حياته كلها لحظة بلحظة وبالصوت والصورة والفيديو!! فما الذي يمكن لأجهزة المخابرات القيام به بأدواتها المتطورة، والمتطورة جدًا؟ هل نحن نهتم فعليًا بحماية أنفسنا عند استخدامنا للتكنولوجيا؟ بل هل ذلك ممكن أصلًا ؟

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة