من هو جورج سوروس - George Soros

جورج سوروس هو رجل أعمال ومستثمر مشهور عالميًا، ولد لعائلة يهودية ثرية في المجر في عام 1930. بدأ حياته العملية كنادل وبائع هدايا تذكارية في لندن، ثم انتقل إلى نيويورك حيث عمل كمحلل أوراق مالية وأسس صندوق Quantum Endowment الذي حقق شهرة كبيرة بتحقيقه أرباحًا باهظة. كما تخصص سوروس في العمل الخيري وأسس مؤسسة المجتمع المفتوح التي تضم شبكة واسعة من المؤسسات.

اشتُهر جورج سورس بكونه رجل أعمال، وأحد أشهر أساطين هذا المجال، لكن هذا لا يعدو كونه أحد جوانب شخصية هذا الرجل أمريكي الجنسية مجري المولد؛ فهو – وتلك معلومة قد تغيب عن كثيرين – أحد تلامذة فيلسوف العلم الشهير كارل بوبر؛ صاحب أطروحة المجتمع المفتوح، وله كتاب بهذا العنوان، وإنما استهلم “سورس” اسم إحدى منظماته الخيرية، منظمة المجتمع المفتوح، من أطروحات معلمه وأستاذه كارل بوبر.

صحيح أن جورج سوروس عَدَل عن رغبته في أن يكون فيلسوفًا، لكن ما تخلى عن ذهنية الفيلسوف وطرائق تفكيره، وإلقاء نظرة عجلى على مؤلفاته يؤكد هذا القول بلا شك.

ونظرًا لخلفيته الفسلفية والاقتصادية، فقد تمكّن الرجل من عبور الحد الفاصل بين الاقتصاد والمجتمع – يذكرنا هذا وإن على نحو غير مباشر بعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر الذي عثر على الآصرة الرابطة في كتابه العمدة “الاقتصاد والمجتمع”.

وبعيدًا عن هذا وذاك، فإن جورج سورس يعد أحد أثرياء العالم، وهو فاعل خير سخي، ومعروف بتأييده القوي والمؤثر للقضايا الاجتماعية الليبرالية، كما أنه مشهور في كل أرجاء العالم، ويُستشهد به باعتباره استراتيجيًا عظيمًا.

ولد جورج سوروس لعائلة يهودية ثرية، لكن أمور طفولته لم تسر على ما يرام؛ وذلك نظرًا لوصول النازيين إلى المجر عام 1944. وانقسمت الأسرة، على إثر ذلك، واستخدمت أوراقًا مزورة؛ لتجنب إرسالها إلى معسكرات الاعتقال. وفي عام 1947 انتقلت هذه إلى لندن.

ودرس سوروس الفلسفة على يد كارل بوبر في كلية لندن للاقتصاد، لكنه تخلى عن خططه ليصبح فيلسوفًا؛ فبعد تخرجه عام 1952، شغل سوروس العديد من الوظائف الصغيرة، من النادل إلى بائع الهدايا التذكارية.

ثم انضم إلى بنك لندن التجاري Singer & Friedlander، وفي عام 1956 انتقل إلى مدينة نيويورك؛ حيث عمل في البداية كمحلل للأوراق المالية الأوروبية وسرعان ما ترك بصمته هناك، ويمكن اعتبار هذه هي الخطوة الأولى التي مهّدت لكل الخطوات اللاحقة في حياة عملاق وول ستريت.

أسس في عام 1973، صندوق سوروس، والذي عُرف فيما بعد باسم صندوق Quantum Endowment Fund، وهو صندوق تحوط نتج عنه لاحقًا مجموعة من الشركات المرتبطة. تسببت قراراته الاستثمارية الجريئة في نمو أمواله وثرواته بسرعة، ولكن كل رهناته لم تلق النجاح المطلوب، ولم تسر الأمور كما توقع؛ فقد تنبأ بشكل صحيح بانهيار سوق الأسهم العالمية في أكتوبر 1987م، لكنه توقع خطأً أن الأسهم اليابانية ستنخفض بشدة.

تأسس وضع سوروس كممول أسطوري تقريبًا في سبتمبر 1992 عندما خفضت الحكومة البريطانية قيمة الجنيه الإسترليني. ومن خلال مجموعة شركات كوانتوم، ربح سوروس مليارات الجنيهات خلال الأيام التي سبقت تخفيض قيمة العملة، واشترى الكثير منها بأموال مقترضة.

بعد ذلك، اشترى سوروس الجنيهات، وسدد الأموال التي اقترضها، وحقق ربحًا بنحو مليار دولار. واستفاد آخرون أيضًا من انخفاض الجنيه، لكن حجم عمليات جورج سوروس جعله يفوق تلك الخاصة بالآخرين، وأكسبته هذه المناورة لقب “الرجل الذي حطم بنك إنجلترا”. ولكن في عام 1994، بدا أن غرائزه خذلته – على الأقل مؤقتًا – حيث تكهن بأن قيمة الدولار سترتفع مقابل الين الياباني. وبدلاً من ذلك، انخفض الدولار طوال العام، وأفادت التقارير أنه خسر مئات الملايين في يوم واحد.

ارتبط اسم سوروس بالأزمة المالية التي اجتاحت آسيا في العام التالي. وخص رئيس الوزراء الماليزي مهاتير بن محمد، سوروس، قائلاً إنه مسؤول عن تراجع الرينجت. في الواقع، خسر سوروس المليارات نتيجة للأزمة.

ولكنه تعافى بعد ذلك من خلال مكاسب مبكرة على أسهم الإنترنت في عام 1999، لكن أسلوبه الاستثماري أصبح أكثر تحفظًا في أعقاب فقاعة التكنولوجيا في عام 2000. وفي ديسمبر 2002، أدانت محكمة فرنسية سوروس بالتداول من الداخل لصفقة أسهم عام 1988 تتضمن خدمات مالية شركة Société Générale، وتم تغريمه 2.2 مليون يورو (2.9 مليون دولار). استأنف سوروس الحكم، لكن محكمة النقض (أعلى محكمة في فرنسا) أيدته في عام 2006.

وفي مواجهة اللوائح الفيدرالية الجديدة المتعلقة بصناديق التحوط، أعلن سوروس في تموز (يوليو) 2011 أن صندوق Quantum Endowment لن يدير أموال المستثمرين الخارجيين. وبدلاً من ذلك، فإنه سيتعامل فقط مع أصول جورج سوروس وعائلته.

تزوج جورج سوروس 3 مرات؛ حيث تزوج أولًا أناليس ويتشاك خلال الفترة من 17 سبتمبر 1960 – إلى 1983م، ثم طلّقها وله منها 3 أطفال، تزوج، بعد ذلك، سوزان ويبر، خلال الفترة من 19 يونيو 1983م وحتى عام 2005، وله منها طفلان، وهو الآن متزوج تاميكو بولتون التي نزوجها في 21 سبتمبر 2013م.

أما عن أبنائه فهم: الكسندر سوروس، أندريا سوروس، جوناثان سوروس، روبرت سوروس، غريغوري سوروس.

أبرز ملامح شخصية جورج سوروس اهتمامه بالعمل الخيري، فقد أنشأ عام 1984، مؤسسة المجتمع المفتوح، وهي منظمة خيرية تضم شبكة واسعة من المؤسسات. وركز جهوده الأولية على أوروبا الشرقية، بدءًا من المجر؛ حيث قدم المنح الدراسية، والمساعدات التقنية، كما ساهم في تحديث المدارس والشركات. وعلى الرغم من أن المجر كانت لا تزال دولة شيوعية، حصل سوروس على ضمانات بأن مؤسسته يمكن أن تعمل دون تدخل حكومي.

ومع انتهاء الحرب الباردة وانهيار النظام السوفيتي، أنشأ سوروس مشاريعًا في تشيكوسلوفاكيا وبولندا وروسيا ويوغوسلافيا، واستمر في إنفاق مبالغ كبيرة؛ للمساعدة في إرساء الديمقراطية في أوروبا الشرقية وأماكن أخرى.

في أوائل القرن الحادي والعشرين، كانت مؤسسة المجتمع المفتوح نشطة في أكثر من 70 دولة. في عام 2017، أُعلن عن تبرع جورج سوروس بنحو 18 مليار دولار للمنظمة في السنوات الأخيرة؛ مما يجعلها واحدة من أكبر المجموعات الخيرية في العالم.

وفي عام 2003، قدم تمويلًا لبدء مؤسسة الفكر الليبرالي مركز التقدم الأمريكي، وتعهد بتقيديم ملايين الدولارات لمجموعات مثل MoveOn.org. وكان مؤيدًا بارزًا لحملات السناتور الديمقراطي باراك أوباما الرئاسية في عامي 2008 و 2012، وتبرع لهيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016 وجو بايدن في عام 2020.

في 2010 قدم جورج سوروس 100 مليون دولار لمنظمة هيومان رايتس ووتش غير الحكومية، وعلى الرغم من دعمه للديمقراطيين والقضايا الليبرالية، تعرض سوروس كثيرًا لانتقادات من الجمهوريين والمحافظين، وكان غالبًا محورًا للكثير من دعاوى نظريات المؤامرة.

أصبح صندوق Quantum Fund الذي يمكله جورج سوروس، والذي حقق 5.5 مليار دولار في عام 2013م أنجح صندوق تحوط في التاريخ.

حصل سوروس على الدكتوراه الفخرية من المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية (نيويورك)، وجامعة أكسفورد عام 1980، وجامعة كورفينوس في بودابست، وجامعة ييل عام 1991. وحصل على درجة فخرية في الاقتصاد من جامعة بولونيا عام 1995م.

في يناير 2014، احتل سوروس المرتبة الأولى في قائمة LCH Investments لأفضل 20 مديرًا حققوا مكاسب تقارب 42 مليار دولار منذ إطلاق صندوق Quantum Endowment في عام 1973.

في يوليو 2017، اختير سوروس زميلًا فخريًا في الأكاديمية البريطانية (HonFBA)، الأكاديمية الوطنية البريطانية للعلوم الإنسانية والاجتماعية.

كان جورج سوروس شخصية العام في الفاينانشيال تايمز لعام 2018؛ حيث وصفته صحيفة فاينانشيال تايمز بأنه “حامل لواء الديمقراطية الليبرالية، وهي فكرة محاصرة من الشعبويين”.

في أبريل 2019، مُنح سوروس جائزة ريدنهور للشجاعة.

كتب سوروس العديد من الكتب، بما في ذلك The Alchemy of Finance (1987)، وأزمة الرأسمالية العالمية: المجتمع المفتوح في خطر (1998)، والنموذج الجديد للأسواق المالية: أزمة الائتمان لعام 2008 (2008). كما كان الرجل موضوع فيلم وثائقي عام (2019).

ويعد جورج سوروس أحد أبرز فاعلي الخير في العالم. لقد تبرع بأكثر من 32 مليار دولار من ثروته الشخصية لتمويل عمل مؤسسات المجتمع المفتوح في جميع أنحاء العالم. وهو أيضًا المؤسس والممول الأساسي لجامعة أوروبا الوسطى في بودابست، وهي مركز إقليمي رائد لدراسة العلوم الاجتماعية.

بلغ صافي ثروة جورج سوروس، اعتبارًا من مايو 2022، 8.6 مليار دولار.