مسلسل الحشاشين ومعضلة الصداقة.. ثلاثية عبد الرحيم كمال التي أثارت الجدل!
نجح مسلسل الحشاشين في إثارة الجدل وجذب انتباه الجمهور منذ بداية عرضه وحتى الآن، ولم أشاهد منذ فترة طويلة عمل درامي تنقسم الجماهير في رأيها حوله بهذا الشكل، فهناك جزء كبير من المشاهدين ناقم على العمل ومنتقد لطريقة تناولة التاريخية لسيرة "الحشاشين".
وهنالك أيضًا جزء كبير للغاية معجب ومشيد بمسلسل الحشاشين بشكل كبير، خاصة وقد تم العمل على المسلسل منذ قرابة العامين وبميزانية ضخمة ومشاركة حشد كبير من نجوم صناعة الفن المصري.
وواحد من أبرز المواضيع التي تطرقت إليها الجماهير هو الصداقة التي تناولها المؤلف الكبير "عبد الرحيم كمال" في مسلسله، وهي صداقة حسن الصباح ونظام الملك والشاعر عمر الخيام، وقد ظهرت هذه العلاقة بين الشخصيات الثلاث منذ الحلقات الأولى، حيث تناول المسلسل صداقة الطفولة بين الثلاث شخصيات والتي نتابع تطورها في كبرهم مع تقدم الأحداث.
الحشاشين
تدور الأحداث حول حياة وصراعات وتحديات زعيم الحشاشين “حسن الصباح”، الذي ينضم إلى المذهب الإسماعيلي في عُمر الـ 17 عامًا، ثم يسافر إلى مصر ويظل بها 3 سنوات، ويتنقل بين القاهرة والإسكندرية.
إلى أن يحدث خلاف بينه وبين أمير الجيوش “بدر الدين”، الذي يقوم بسجنه ثم طرده على ظهر سفينة كانت في طريقها إلى شمال إفريقيا، تغرق وينجو منها “الصباح”، ويسافر إلى أصفهان في إيران، ثم يختار لنفسه مكانًا حصينًا حتى يكون بعيد عن أعين أعدائه، والعيش في قلعة يطلق عليها “قلعة الموت”، حيث ترتفع عن سطح الأرض بحوالي 6000 قدم، والطريق إليها منحدر وصعب الوصول له.
انتهى المخرج بيتر ميمي من تصوير مشاهد كثيرة داخل مصر وخارجها كدولة كازاخستان من المسلسل الذي يعد الأضخم إنتاجيًا في شهر رمضان 2024. ومن المقرر سفر فريق عمل مسلسل “الحشاشين” إلى أوروبا وتحديدًا لجزيرة مالطة في شهر ديسمبر 2023 لتصوير بعض المشاهد الخارجية للمسلسل.
عرض المزيد
مناسب من عمر 4 سنوات فما فوق.
إنتاج
2024
إخراج
بيتر ميمي
بطولة
النوع
صداقة وهمية أم حقيقة تاريخية؟
تناول المؤلف عبد الرحيم كمال هذه الصداقة بين حسن الصباح ونظام الملك "وزير في الدولة السلجوقية" والشاعر عمر الخيام، كانوا أصدقاء في الطفولة وجمعهم كتٌاب واحد وتعاهدوا منذ الطفولة على مساعدة بعضهم البعض عند الكبر، مما دفع نظام الملك إلى عرض منصبًا على الشاعر عمر الخيام ورفضه، كما فعل نفس الأمر مع حسن الصباح ورفض أيضًا لكن لأسباب مختلفة لكل منهما.
وقد قرأت الكثير من التعليقات السلبية حول هذه النقطة بالذات من مسلسل الحشاشين، فقد اعتبر الكثيرون أن هذه الصداقة بين الثلاثي سالف الذكر ما هي إلا رواية تاريخية غير الحقيقية، فعلى الرغم من شهرة هذه الرواية الواسعة إلا أنها غير المؤكدة.
بل يقول بعض الباحثين في التاريخ مثل الدكتور يوسف زيدان إنها قصة عارية تمامًا من الصحة، لأن الثلاثة المذكورين وهم حسن الصباح ونظام الملك وعمر الخيام أعمارهم ليست واحدة، ولم يتأكد خبر نشأتهم معًا.
وهذا ما يجعلنا أمام معضلة حقيقية، فتلك الرواية التي بدأت بها الأحداث هي في الحقيقة غير المؤكدة، لكن كل هذا الجدل يدفعنا إلى تساؤل أهم وهو؛ هل تناول المؤلف الكبير عبد الرحيم كمال هذه الصداقة وهو غير المدرك لكونها رواية غير المؤكدة؟.. وأجيب على هذا السؤال بشكل شبه قاطع بـ "لا".
بل أغلب الظن أن عبد الرحيم كمال قد تناول هذه القصة عامدًا ومدركًا لكونها تحتمل الشك وليس كما يعتقد البعض أنه قد تناول قصة الصداقة بين الثلاثة سالفي الذكر دون إدراك لكونها غير الحقيقية!
سر عبد الرحيم كمال!
في الحقيقة للإجابة على هذا السؤال يجب أن ندرك جيدًا أن تصنيف العمل على أنه "دراما تاريخية" لا يجعل منه مرجعًا تاريخيًا، وإذا ظن البعض أن كل فيلم تاريخي يتناول الأحداث بشكل تاريخي فقط فنحن أمام مشكلة حقيقية، فالعمل الفني هو دراما تاريخية وليس فيلمًا وثائقيًا وإن كانت أيضًا بعض الأفلام الوثائقية في عصرنا الحالي لا يعتمد عليها كمرجع.
وأعتقد أن المؤلف الكبير عبد الرحيم كمال قد سرد قصة الصداقة بين الثلاثي لغرض درامي بحت، فالعمل الدرامي هدفه الأول هو صناعة أحداث مشوقة تجذب الجمهور وتحمسهم للمشاهدة.
ولا نقصد هنا التشويه التاريخي فالأمر لا يحمل تأثيرًا على سير الأحداث من الأساس، فنشأة الحشاشين ليست لها أي علاقة بتلك الصداقة ولو كانت موجودة أو غير الموجودة فليس لها أي تأثير! فلماذا إذًا كل تلك الجلبة والنقد في نقطة غير ذات تأثير على سير الأحداث!
وقد تناولت الكثير من الأفلام والمسلسلات في مصر وخارجها حياة شخصيات تاريخية وغيرت تلك الأعمال في بعض الأحداث التاريخية بغرض الاستفادة الدرامية وربط الأحداث بشكل يجذب انتباه المشاهد، مما يدفعه نحو البحث والاستكشاف والنقد أيضًا، فإذا عرف الجمهور بسبب المسلسل أن صداقة حسن الصباح ونظام الملك وعمر الخيام غير الحقيقية فهذا نجاح للمسلسل وليس العكس.
جدل "الحشاشين"
قد تابعت ردود أفعال الجماهير المتابينة حول الكثير من النقاط الخلافية ومنها استخدام اللغة العامية المصرية، وهي لغة وليست لهجة كما يظن البعض، وقد أصدرت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بيانًا للرد على هذا الانتقاد الغريب من وجهة نظري.
اللغة العامية المصرية مستخدمة في مصر منذ مئات السنين، ولم يتحدث جميع أهل مصر باللغة العربية الفصحى ثم انحدرت هذه اللغة الفصيحة لتصبح العامية المصرية، وهذا اعتقاد سائد وهو غير الصحيح لكنه ليس محور حديثًا في المقال على كل حال.
ومن وجهة نظري فمسلسل الحشاشين يعتبر نقلة كبيرة في صناعة الدراما المصرية، وقد أبهرنى المسلسل بما فيه من مؤثرات بصرية وأزياء وديكورات بديعة بحق، ورغم اختلاف البعض مع ديكورات القاهرة التاريخية إلا أن معظم الديكورات والجرافيك المستخدم في منتهى الروعة، وأداء الممثلين في قمة الاحترافية وخاصة النجمين كريم عبد العزيز وأحمد عيد.
وقد شاهدت بعض الهجوم الغير مبرر على كريم عبد العزيز، وأيضًا على المؤلف عبد الرحيم كمال والمخرج بيتر ميمي، وهو ما يدعو للحزن، فكريم عبد العزيز يقدم أداءً تمثيليًا متقن كعادة طول العشرين سنة الماضية.
كذلك حبكة أحداث مسلسل الحشاشين منطقية ومترابطة من المؤلف المبدع عبد الرحيم كمال والإخراج لا يقل عن المستوى العالمي من المخرج بيتر ميمي، دعنا نقول إن مسلسل الحشاشين هو عمل درامي رفيع المستوى حتى الآن.. ما توقعاتك للأحداث المقبلة عزيزي القارئ؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.