عرب آيدول .. بين إثارة الجدل والنتائج المزيفة

6 د
قبل أن تقرأ المقال، أعلم أن الكثير من الهجوم المعد سلفاً يلحق بهذه النوعية من البرامج الفنية، والتي تعرف باسم برامج المواهب، وبالمقالات التي تكتب عنها أيضاً، لكن هذا لا يمنع أنها جزء أساسي في حياة الكثيرين من المتابعين لهذه النوعية من البرامج، وظاهرة فنية يجب التحدث عنها سواء سلباً أو إيجاباً.
يمكنك زيارة صفحات السوشال ميديا ورؤية الرقم الضخم لعدد المتابعين، مع الاستمتاع بالمعارك الضارية في التعليقات أيضاً بين مشجعي هذا أو ذاك !
تاريخ برامج المواهب في المنطقة العربية بدأ منذ عدة سنوات، اقتصر الأمر في البداية على بعض البرامج المحلية في لبنان التي أخرجت معظم نجوم الصفوف الأولى الموجودين حالياً على الساحة، ثم تطورت لتشمل العديد من البلدان العربية في برنامج سوبر ستار، لكنه لم يحقق النجاح الكبير الذي حققه برنامج ستار أكاديمي، والذي جمع بين برامج المواهب وتلفزيون الواقع.
الجميع يتذكر ظاهرة الموسم الأول من البرنامج والذي حاز فيه المصري محمد عطية على اللقب، بعد مظاهرات وحشود عارمة دعت للتصويت له في مصر. بالرغم من كل ذلك آفل نجم محمد عطية سريعاً تماما كما آفل نجم ستار أكاديمي كعادة هذه النوعية من برامج الواقع..
وباعت قناة LBC حقوق البرنامج إلى قناة CBC المصرية لتقوم بعرض موسمين حتى الآن لم يحققا مثل النجاح السابق.
في ذلك الحين دخلت مجموعة قنوات MBC اللعبة، وهى القنوات الأكثر مشاهدة وأهمية في العالم العربي، لتشتري حقوق عرض النسخة العربية من “جوت تالنت” وليشارك رئيس المجموعة نفسه “على جابر” في لجنة تحكيمها.
البرنامج كان -ولايزال- يخاطب المواهب المختلفة، ويميل للبعد عن موهبة الغناء التي تفسح لها المجموعة عدة برامج أخرى لحقت بعرب جوت تالنت، على رأسها بالطبع برنامج عرب آيدول المثير للجدل دائماً.
بدأ الموسم الأول للبرنامج بآمال عالية في كسر الصورة النمطية لبرامج المواهب في العالم العربي، بلجنة تحكيم مكونة من نجوم معروفين وهم راغب علامة، أحلام والموزع الموسيقي حسن الشافعي..
لينضم إليهم بعد ذلك طلباً للجماهيرية نانسي عجرم في الموسم الثاني، ثم يتم استبعاد راغب علامة “وقيل أنه هو الذي اعتذر” ليحل محله وائل كفوري في الموسم الذي لا يزال يعرض الآن.
تعمد إثارة الجدل حول لجنة التحكيم واختيار المتسابقين
في الواقع فكرة إيجاد المواهب العربية ليست هي الهدف الأوحد للبرنامج، فهو كأي برنامج آخر يخضع لمعايير صارمة في حسابات نسبة المشاهدة والٌإقبال و بالتالي الإعلانات والربح العائد على القناة..
حتى لو تطلب الأمر ضم فتاة يابانية تغني بالعربية بالرغم من أنها لا تملك موهبة كبيرة للدرجة التي تشفع لها الإنضمام لبرنامج عربي بالأساس، لكن الأمر ليس بمشكلة حقاً فهو هدف أول لكل صناع الإعلام في العالم. ولا شيء يعيب ذلك.
المشكلة هنا هو استخدام الجدل من أجل الجذب، فنرى المناوشات المستمرة من الفنانة أحلام إما مع الصحافة أو مع باقي اللجنة، تتعمد أحلام جذب الانتباه بشدة الأمر الذي يروق للقناة من أجل زيادة نسب المشاهدة.
شاهد الفيديو الشهير لأحلام و الكنتاكي

في الحفل الماضي طالعتنا الصحافة بخبر اعتداء زوجها على مصور صحفي من الحضور، وسط صمت تام من القناة وتصريحات نارية من المصور “طاهر ناصيف” الذي يعتزم المقاضاة.
بين إنتحار زينب مهدي ومرض أحمد حلمي.. هذا مجتمع لا تجوز عليه الرحمة !

فأي قناة تسمح بالاعتداءات والإهانات داخل الاستديو الخاص بها، دون إتخاذ قرار حازم وفوري؟ وهل يكفي إثارة الجدل و نسب المشاهدة مسئولي القناة دون النظر للاحترام الذي يتلاشى شيئاً فشيء سواء من الصحفيين أو الجمهور؟
يأتي هذا بعد مهاجمة أحلام للصحفين في مؤتمر صحفي، الأمر الذي دعا البعض منهم للإنسحاب فوراً، دون اعتذار من الفنانة التي أصرت على موقفها، لتثير التساؤل عن مدى سلطة أحلام على إدارة القناة، رغم تصريحات علي جابر بأنهم لا يأتمرون لأمر أي شخص مهما كان؟
شاهد فيديو إنسحاب الصحفيين بسبب أحلام
أما عن السوشال ميديا الخاصة بالبرنامج، فحدث ولا حرج، معارك حامية الوطيس تنتقل من الساحات السياسية إلى الساحات الفنية، ليقوم كل بلد بمهاحمة البلد الآخر من أجل المتسابقين، يمكننا تلخيص الصراع الكردي-العراقي في تعليقات صور المشترك الكردي عمار على صفحة البرنامج، كما يمكننا ملاحظة زيادة الكراهية من مختلف الدول العربية،. مع اتهامات تخرج عن التنافس الفني إلى الاتهامات بالخيانة و التخاذل والعمالة إلخ..
شتائم نابية -سباب متبادل- لعنات وكراهية تنزل على رأس أي شخص ليس من جنسية الآخر، كيف يتحول الفن الراقي الذي يفترض بأنه يحمل رسالة سامية أو جاء من أجل متعة ورفاهية الإنسان إلى شيء بغيض يعادل ساحات القتال؟
للأسف هذا ما تتعمد القناة تقديمه بالرغم من ذكاء و حسن إدارة علي جابر للمجموعة، لكنه يعلن صراحة أن نسب المشاهدة هي الشيء الأساسي والتي منها يتم الموافقة على استمرار أو توقيف أي برنامج على شاشات المجموعة.
نتائج مزيفة ولعب على المكشوف
كل من تابع الحلقة الماضية من البرنامج، يستطيع التأكيد وبثقة بأن خروج المشتركة المصرية إيناس عز الدين في نفس يوم خروج المشترك محمد حسن المصري أيضاً، جاء بالاتفاق المسبق مع إدارة البرنامج، بسبب مرض إيناس وحزنها بسبب الابتعاد عن عائلتها في مصر..
الأمر الذي يجعلنا نتسائل، هل خروج المتسابقين يخضع لرغباتهم الشخصية واتفاقاتهم المسبقة؟ هل يخضع لحسابات القائمين على البرنامج باختيار الفائز النهائي وبقاء المتسابقين الأكثر شعبية إلى النهاية، وبالتالي ضمان بقاء نسب المشاهدة عالية كما هي؟
ماذا عن التصويت المستمر؟ والمكاسب الهائلة؟ هل يتم استغفال الشعوب العربية التي تعاني أصلاً من الظروف الاقتصادية السيئة دون أي قلق؟
شاهد فيديو لإيناس عز الدين

اختيار الفائز يتم طبقاً للظروف السياسية
بالطبع يمكنك ملاحظة فوز المتسابق الذي تعاني بلده من المعاناة والظروف السياسية الكارثية في كل موسم من هذا البرنامج وغيره من البرامج المشابهة، تفوز المتسابقة المصرية في الموسم الأول مع الوضع غير المستقر والحزن المخيم على الشعب المصري من أجل إسعاده..
ثم يفوز المتسابق الفلسطيني في الموسم الثاني لذات الأسباب، الأمر الذي يؤكد فوز المتسابق السوري حازم هذا الموسم من أجل إسعاد الشعب السوري ولو قليلاً.
شاهد فيديو حازم

ماذا عن المصداقية إذن؟ هل يعتقد القائمون على البرنامج أن الجمهور لا يحسن اختيار محبوب العرب، فيختار بدلا منه؟ هل يعتقد القائمون على البرنامج أن فكرة الشوفينية في تشجيع كل بلد لابنها غير عادلة بسبب اختلاف عدد السكان بين الدول الضخمة جدا مثل مصر والمغرب العربي، أمام الدول الأخرى مثل سوريا وفلسطين ودول الخليج؟
إن كانت هذه الفكرة لماذا لا نقوم بعمل نسخ للبرنامج في كل دولة إذن. مادام الأمر يخضع لاحصائيات ونسب ومعايير؟ ولماذا يتم الطلب من الجمهور التصويت من الأساس بالهواتف، ربما يمكن الاستعاضة عنها بالتصويت المجاني عبر الإنترنت مع الاكتفاء بريع الإعلانات على الشاشة أو على المواقع الإليكترونية؟
شاهد فوز محمد عساف في الموسم الثاني

لأكون صادقة أنا لا أهاجم مثل هذه النوعية من البرامج الفنية والتي أجدها مسلية وممتعة جداً، أقوم بمتابعتها بنفسي في كل المواسم تقريباً، لكن هذه الطريقة المعتمدة فقط على إثارة الجدل والتزييف في النتائج أصبح أمراً غير محتملاً، خاصة مع تجاهل حقيقة أن الجمهور يستطيع فهم الأمر فور حدوثه..
وحتى لو افترضنا نجاح البرنامج في المواسم الأولى له، هذا لا يعني أن الأمر سيستمر. سيأتي اليوم ويحدث الفتور التام من الجماهير تجاه هذه السياسة الثابتة من قنوات mbc لتقل نسب المشاهدة وبالتالي توقف البرنامج. رغم انه فرصة جيدة للعديد من المواهب العربية الحقيقية. وفكرة جماهيرية ممتعة يتم تطبيقها في مختلف الدول الأجنبية دون مشاكل.
أتمنى أن تعيد القناة النظر في سياستها بالموسم القادم، والاعتماد على فكرة أن الفن الراقي سبب أكيد في النجاح دون الحاجة للمشاكل والجدل واستغلال الصراعات والخلافات بين شعب وأخر. فمن المفترض أن يكون الفن بالذات سبباً في لم الشمل وليس زيادة التفرقة بين العرب كما كان دائماً.
اقرأ ايضاً لنورا ناجي :
لا تدع أحداً يملي عليك ما تقرأ
البساطة في غاية الأُبهة.. !
أحلي ماعندنا،واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.