د. فادي عمروش
د. فادي عمروش

د

استشراف المستقبل والاستعداد له

وبدون مقدمات، لا يكفي أن تكون الأمورعلى مايرام معنا الآن كي نستمر على ما نحن عليه، لربّما علينا استشراف المستقبل ومحاولة توقع أحداثه بشكل مهني غير مرتبط بالعواطف والأمنيات.

غداً أفضل .. لقد سمعتك تقول ذلك للتو وبكل أسف أعقّب: هذا وهم للأسف.

إنّه وهم الانحياز للتفاؤل، أن نكون واثقين أنّ غداً هو أفضل هو وهم، وهم، وهم.

من وجهة نظر احتمالية بحتة غداً له احتمالين: قد يكون أفضل، وقد يكون أحلك، وما نقوم بالاستعداد له هو ما سينفع في نهاية المطاف أمام هذين الإحتمالين.

يتضمن استشراف المستقبل متابعة تطورات التقنية، وما تؤدي له،وتسارعها، وكيفية تأثيرها على عملنا وحياتنا وعائلتنا، وما يجب أن نتسلح به ويتسلح به أولادنا لتكون جاهزاً بعد حين.

لايمكن الاستعداد للمستقبل باستخدام أسلحة الماضي.

يتضمن استشراف المستقبل أيضاً وضع السيناريوهات المختلفة لما قد يحدث معنا مهنياً، وكيفية مواجهة ذلك قدر الإمكان، وأن نكون جاهزين إذا حصل السيناريو الأسوء لا سمح الله.

وظائف المستقبل 2040منتدى أسبار الدولي

وظائف المستقبل 2040منتدى أسبار الدولي

سيقول البعض الآن: المشكلة أن المستقبل غامض وغير معروف وغير مؤكد وغير واضح الملامح ّ، نعم هذا بديهي، وكل ما علينا أن نقوم به هو مجرّد بناء تنبؤات، واحتمالات والتعامل مع تلك الاحتمالات لا أكثر، ما النجاح إلّا كما يقول نسيم طالب في كتاب البجعة السوداء إلّا رهان على حصول سيناريو في المستقبل والتحضير له ومن ثم حدوثه. لاداعي لاخبارك انه كلّما قمت بحساب عدد أكبر من الاحتمالات كلما كنت في الجانب الآمن قدر الإمكان، وكلّما تنبأت بشكل صحيح بسبب كثرة جمعك للبيانات كلّما صاب خيارك.

كلّ ما في الأمر، أنه خلال استشراف المستقبل نسبق الآخرين خطوة للأمام إذا ما كنّا في سباق ومنافسة ، أو وفي أبسط الحالات نكون جاهزين لأنفسنا عوضاً عن أن نصرف مدّخراتنا حتى نتعامل مع الموقف من جديد.

ولعلّ جوهر المشكلة مرّة أخرى، هي قناعاتنا وعواطفنا التي تمنعنا من التخطيط والتوكّل وتدفعنا إلى اللجوء إلى التواكل والانتظار. نحن نرغب لا إدرادياً بقبول الخسائر المستقبلية مقابل التحضير لها على الخسائر الآنية سواء كان ذلك في الوقت أوالجهد أوالمال. نقبل نفسياً أن نخسر 1000 دولار بعد عام ونعتبر أنّه من الصعب جداً إدخار 80 دولار شهرياً مثلاً التي تعادل نفس القيمة سنوياً .

أخاطبكم ونفسي أن نبادر إلى استشراف المستقبل، ما تصرفه الآن من جهد ومال ووقت، هو الحصّالة الحقيقية للمستقبل، وكل ركون وتأجيل سيجعلك تدفع بالمستقبل نفس السعر، ولكن أكثر بعد مراكمة الفوائد عليه،والكيّس من بدأ.