فادي عمروش
فادي عمروش

د

ملخّص كتاب: لا تقسم الفرق أبداً

في كتابه “لا تقسم الفرق أبداً،التفاوض كما لو كانت حياتك تعتمد عليه” يقدم “كريس فوس” تكتيكات للتفاوض ونصائح قيمة لمهارات استخدمها وساعدته على النجاح في كسب المفاوضات، فهو مفاوض سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالية ومؤسس ورئيس تنفيذي لمجموعة The Black Swan، واعتاد التعامل مع محتجزي الرهائن ولصوص البنوك والأشخاص العنيفين من جميع الأنواع، ويمكن ان تكون الترجمة أفضل بالقول “”لا تتنازل أبداً”، ولكنني وضعت الترجمة المتداولة “لا تقسم الفرق أبداً”.

تأتي خبرة كريس بشكل عملي من خلال عمله في التفاوض على تحرير الرهائن، عندما تكون المخاطر كبيرة مثل تهديد حياة شخص ما، فإن الوصول إلى إجابة “نعم” أو “الفوز بالتفاوض” تجعلنا هائمين على وجوهنا، فلنفترض مثلاً أنَّ أكثر شخص تحبه في العالم قد صار رهينة أو تحت الأسر! هل يمكنك اللجوء إلى “تقسيم الفرق” مع الطرف المجرم؟ بالطبع لا، فهو آخر ما تريده!

يعلمنا “كريس فوس” أن السبب وراء عدم نجاح معظم أساليب التفاوض في المدارس القديمة هو أنها تتجاهل مَن يتفاوَض، فالناس غير عقلانيين، ولديهم تحيُّز عاطفي وهذا أول مبادئ الاقناع والتفاوض الناجح.

ما علاقة العاطفة بالتفاوض؟

تدور المفاوضات الناجحة حول أن تكون ذكيَّاً وفي الوقت نفسه متعاطفاً مع الطرف الآخر، ويتعلق الأمر بتكوين علاقة إنسانية حقيقيَّة مع الآخرين، فالعاطفة لا المنطق من يحدد نجاح أو فشل المفاوضات.

إنَّ هدفك أثناء المفاوضة بناء الثقة من خلال جعل الطرف الآخر يراك على أنك شخصٌ ودود ومرِّحب، ومدرك لما يجري، ولديك نظرة ثاقبة، فلست موجوداً لإرغام الطرف الآخر على الخضوع بل للتعاطف معه ومساعدته على إدراك أنَّ خطتك لحل مشكلتك تصب في مصلحته أيضاً، وتحل مشكلاته أيضاً، إذ يبدأ حل كلّ شيء من الاستماع النشط والفعال، فقبل أن تحوِّل الموقف لصالحك عليك أن تجعل الشخص الآخر يشعر أنه مسموع ومفهوم، ويكون ذلك من خلال التدرب على الاستماع الفعال، وكبح جماح النفس، وزيادة التركيز، والانتباه إلى ما يقوله الشخص الآخر.

يختلف هذا جذريَّاً عما اعتدت فعله في الحياة اليومية وهو “الاستماع السلبي”، أي سماع ما تريد سماعه، وإهمال الباقي، أو التركيز فقط على صياغة إجابتك بينما ما يزال الشخص الآخر يتحدث!

كيف يمكننا إثبات الانصات الفعال؟

لإثبات انصاتك إلى الشخص الآخر، يمكنك استخدام تكتيك “الانعكاس”، أي أن ترد باستخدام آخر 3 أو 4 كلمات ممَّا قاله الشخص الآخر. على سبيل المثال، إذا قال: “لا أستطيع تصديق أن يوم الجمعة سيكون شديد البرودة بشكلٍ لا يُصدَّق”، فإن رددت عليه بـ: “سيكون يوم الجمعة بارداً بشكلٍ لا يُصدَّق”، ثمَّ واصلت كلامك بما تريد فستكون النتيجة رائعة، وستشير بطريقة أو بأخرى إلى مستوى ذكاء عاطفي جيِّد، فبهذه الطريقة لا تسمع الشخص الآخر فقط بل تشبهه، مما يخلق الثقة بينكما.

هنالك تكتيك آخر يسميه المؤلف بـ “التصنيف” أي تسمع ما يقول الشخص الآخر ثمَّ تُظهر مشاعره بعبارةٍ محايدة من منظور الشخص الثالث مثل: “يبدو أن..”.

 فمثلاً إذا كان أحد مندوبي الأدوية يجري محادثة مع طبيبٍ يظهر عدم اهتمام بالدواء الجديد الذي عرضه المندوب، وخلال الحديث لاحظ المندوب أن الطبيب يهتم جدَّاً بسلامة المرضى، ويظهر ذلك في سلوكه بشكلٍ جيِّدٍ، فاستخدم المندوب بعض “التعاطف التكتيكي” وقال: “يبدو أنك تهتم حقَّاً بصحّة مرضاك” ممَّا جعل الطبيب يخفض حذره وبالتالي غيَّر الوضع برمَّته، بهذا الشكل فقد استمع المندوب إلى الطبيب بشكلٍ جيِّدٍ واستخرج المشاعر من المحادثة وذكرها بصوتٍ عالٍ وبوضوحٍ.

استخدام الأسئلة المفتوحة

عليك استخدام “الأسئلة المفتوحة” مثل: “كيف” و”ماذا”. على سبيل المثال، إذا كنت تتفاوض مع مالك العقار الذي يريد زيادة الإيجار، فبدلاً من أن تقول له “لا”، يمكنك قول: “كيف يفترض بي أن أفعل ذلك؟” أو شيء من هذا القبيل.

يتطلب هذا النوع من الأسئلة إجابة طويلة ومفتوحة، كما تضع الشخص الآخر في موضع البحث عن حل لمشكلتك، فمثلاً إذا أجاب صاحب العقار بـ: “حسناً، ما رأيك بهذا السعر بدلاً من ذلك؟” هنا يمكنك الرد: “إن ذلك المبلغ مرتفع عليّ فلا استطيع العيش اذا دفعته، ما رأيك بذلك” وتستمر حتى تصل إلى هدفك.

خاتمة

في النهاية، لا تقتصر التفاوضات على رجال الشرطة والمحامين وأروقة المحاكم، بل نتصارع مع المفاوضات في كل وقتٍ وحينٍ، فإذا نظرنا إلى ما حولنا نجد أننا في مفاوضات مع عائلاتنا، وأصدقائنا، وجيراننا، و.. إلخ، فالشخص الفطن الحكيم من يستطيع التحكم بالمواقف وتصييرها لتصب في مصلحته بشكلٍ أو بآخر. الحياة مُفاوضات، فأنت تتفاوض يوميا الجميع (أفراد عائلتك/البائع/رئيسك إلخ) لتقنعه بأي شيء.