فادي عمروش
فادي عمروش

د

سرُّ الإنتاجية: أتمتةٌ سير العمل ليعمل لصالحك

يحلمُ الجميع -وأنا أوَّلُهم- بوجود برنامجٍ مثاليٍّ لإدارة الوقتِ، ورفع الإنتاجيَّة، وإدارة المَهام بفعاليَّةٍ، ولكن للأسف لا يوجد مثل هذا التّطبيق السّحريِّ. لا بدَّ أنَّك جرّبت لمرَّةٍ واحدةٍ على الأقلّ إحدى تطبيقات إدارة المهام، أو إدارة المشاريع، أو أحد تطبيقات زيادة الإنتاجيَّة، وتعِرفُ الِقصَّةَ التَّقليديّةَ أنَّك تتحمَّس للتطبيق، ولاستخدامهِ بين أعضاء الفريق، وفي نهاية المَطاف تضطَّر لتغيير التّطبيق، أو الملل منه، أو عدم تجاوب أعضاءُ الفريقِ معه، ممَّا يدفعكَ للبحثِ عن تطبيقٍ آخرٍ في حلقةٍ لا نهائَّيةٍ.

في مقالة رائعة في هارفارد بزنس ريفيو تناقش اليكساندرا صامويل بمقالة “ابن مخطط سير عمل يعمل لصالحك” كيفية التحول من استخدم برامج جاهزة إلى بناء المخطط الخاص بك، والتي قمت بتلخيصها.

إنّ وجود عدد هائل من الأدوات الجاهزة لإدارة المشاريع والمهام، يجعل من شبه المستحيل ايجاد الأداة المثالية، وجدت إحدى الإحصائيات التي تمت عامَ 2019 أنَّ نسبةَ 97% من مُدراءِ الَمشاريع يستخدمونَ أكثرَ مِن أداةٍ واحدةٍ لإدارةِ مشاريعهم. تخيّل معي أنّ هناك 272 تطبيقًا لإدارةِ الَمهام، وحوالي 777 منصَّةً لإدارةِ المشاريع موجودةً في العالم. عدا عن التطبيقات التي تم انشاؤها من الشركات البرمجية لادارة عملها ومن ثمّ أطلقتها كمنتجات مثل شركاتٍ عدَّةٍ : “Basecamp” و”Rindle” و”Todoist“.

لعلّ أبرز أحد أسباب عدم الرِّضا عن هذه المنصَّات هوَ حُبُّ النَّاس لتغيير طريقة عملهم الإلكترونيّة بكلِّ بساطةٍ، مثلهُم مثل شُركاءِ العمل، فنجُد أحدُهم يُحبُّ تنظيمَ أفكارِه على الورق، وآخرٌ يُفضِّلُ أن يدوِّنَ مُلاحظاته على السَّبورة، وأحدُهم يُفضِّلُ الكتابةَ على الحاسوب، وآخرٌ على الجوَّال. وحتّى لو تمَّ الاتفاقَ على برنامجٍ مُحدَّدٍ من قِبِل جَميع الشُّركاء، أو مِن قِبل شخصٍ واحدٍ، قد يُساعده هذا البرنامج في مشروعٍ، ولا يُخدمهُ في مشروعٍ آخرٍ، فالمشاريعُ تختلف، وأدواتها تختلف، وأفكارها تختلف، وظروفُ العملِ تختلف بينَ مشروعٍ وآخر. مثلًا يُمكنك العمل وتيسير أمورك على مُحرّرِ جوجل للمُستندات بينما قد يُصادفك شريكُ عملٍ، أو عميلٌ لا يُحبُّ العملَ على محُرِّرِ المُستندات الخاص بـ “Google”.

إنّ إدارة الأعمال بشكلٍ عمليٍّ تتطلَّبُ نظرةً جديدةً للموضوعِ، عوضاً عن البحث عن التطبيق الأمثل، عليك بناء تطبيقك الأمثل. أنت لست بحاجةٍ لتطبيقٍ سحريٍّ ُيملي عليك نمطَ حياتكَ، وطريقةَ عملك، إنّما أنت بحاجةٍ لنمطٍ جديدٍ من البرامج التي ُتتيح لك تعديلَ وإنشاء مُخطَّط العمل الذي تريد دون أيّ حاجةٍ لمعرفةِ البرمجة.

إنَّ هذا النَّوع من البرامج مثل برامج “Airtable” ، “Notion” ،”Coda” -رغم أنَّها تعملُ بشكلٍ مُختلفٍ عن بعضها البعض- تُتيحُ لكَ رسمَ مُخطَّطِ سيِر العمل الخاص بك إذ ترسمُ السيناريو الذي تريد وليس الاستكانة لسيناريو مُعدٍّ مًسبقًا، كما يمكنك إضافة مزايا قويةً للجداول، والنُّصوص لتوائمها حسب احتياجاتك كما هي الحال مع برنامج “Coda” إذ يمكن زيادة الانتاجية بقيامك بتعديلِ الواجهة الأساسيَّة للبرنامجِ بطريقةٍ تناسبك.

منصّة برنامج “Notion” فيها العديُد من القوالبَ الإنتاجية التي يُساهم بها النّاس، وتغطّي كلّ شيء تقريبًا، بدءًا من الخطوات الأساسيَّة، لتصل لحزمة أدواتٍ متكاملةٍ.

منصّة برنامج “Airtable” تحتوي على قواعَد يُقدِّمها النّاس لتتبّع العُملاء، والتّوقعات، وإدارة عمليات الجرد للعقارات المؤجَّرة، وإطلاق المنتجات.

منصّة “Coda” فيها مجموعةُ قوالبٍ لإدارة المشاريع وزيادة الإنتاجية، وقائمة المهام على غرار نظام General Eisenhower وهو نظامٌ لإدارةِ سيرِ عملِ فريق التَّحرير، وقوالب إنتاجية “Omnicodoro” تجمع بين منهجيَّة “Getting Things Done” وأداة للعمل في “Pomodoro sprints”.

إنَّ الأمرَ الجميلَ في هذا النَّوع من البرامج يُتيحُ للجميعِ إدراج نماذجَهم المُخصَّصَة وسيناريوهاتِ سير عملهم عبر مواقعها إذ يمكنك تجربةَ نماذجٍ تناسب عددًا كبيرًا من المجالات ولتساعدك على إلقاء الضّوء على الإمكانيات غير المحدودة لتقوم بنفسك بإنشاء نموذجك الخاص الذي يناسب عملك تمامًا.

ولكن ليحصلَ المُستخدم على أقصى استفادٍة من هذه المنصَّات عليه أن يبنيَ أداةً خاصَّةً به تخدم ما يحتاج مشروعه، خصوصًا إذا لم يكن راضٍ عن محتويات هذه القوالب، أو كانت لا تلبّي رغبته، واحتياجات مشروعه بشكلٍ تامٍ. بشكل عام يمكنك البناء على عمل الآخرين عند إنشاء نموذجك الخاص، بعبارةٍ أخرى بدل أن تبدأَ من الصِّفر تقوم بالبناء على عملٍ سابقٍ لغيرك.

ختمت الكاتبة ببعض النصائح وأشارات أنّه لتبني مخطًّط العمل الخاص بك يجب التَّفكير برويَّةٍ بالنّقاط التَّالية:

حدِّد المشاكل التي تواجهك لتقوم بحلِّها

وأنت تستخدم برنامجك الحاليِّ، ستشعر بعدم الرِّضا من بعض المزايا. هذا سيساعدك على تحديدِ النَّواقصَ بدقَّةٍ لتقومَ أنتَ بمحاولةِ إيجادِ حلٍّ لها في نموذجك الخاص ضمن التَّطبيقات التي ذكرتها.

ابدأ بنموذج صغير

لا تبدأ برسمِ مُخطَّطِ عملٍ شاملٍ، وإنّما فكّر بالبدايةِ بنموذجٍ صغيرٍ قابلٍ للعملِ، والأفضل أن تبدأ بالمزايا السَّهلة لتقوم بعدها بتطويِر النَّموذج شيئًا فشيئًا.

قم بعمل لوحة تحكّم منفصلةٍ لكلِّ نوعيَّةٍ من المشاريع

ما يُميِّزُ تعاملك مع هذه البرامج أنَّهُ يمكنك عملِ لوحةَ تحكُّمٍ ذات مزايا مُحدَّدةٍ تناسبُ تمامًا نمطًا مُحدَّدًا من المشاريع فلا ضرورةٌ بعد الآن للتقيُّد بلوحةِ تحكُّمٍ واحدةٍ لجميعِ المشاريع. فعلى سبيل المثال عندما تعمل على مشروعِ تطويرِ موقعٍ الكترونيٍّ يمكنك عمل لوحةً خاصَّةً بهذا النَّمط من المشاريع مع أقسامٍ مُخصَّصَةٍ لهيكلةِ الموقع، والمحتوى، والمُتطلّبات التِّقنية. أو نموذج آخرٍ لإدارة تقديم السِّيرةِ الذَّاتيَّةِ، ونماذجَ عن الأعمالِ لأحدِ العُملاءِ، أو نموذجًا لتخطيط رحلتك العائلية.

التكامل مع التطبيقات الأخرى

رغم أنَّ هذه الأدوات مفيدةٌ جدًّا لأتمتةِ عملكَ لكن قدرتها الفعليَّة على الاندماج، وتكامل عملها مع التَّطبيقات الأخرى هو ما سيزيدُ من فعاليَّتها. فعلى سبيلِ المثال يُمكن ربط تطبيقك على Coda Story مع البريد الإلكترونيِّ لتنقلَ -بنقرة زرٍّ- كلَّ ما كتبتهُ على مُحرِّرِ النُّصوص لتُصبحَ مسَودَّة بريد الكتروني في gmail.

استعد للأسوأ

عليك التَّأكد من وجود القدرة على نقلِ كُل ما عملته على التَّطبيق إلى خارجه ذلك أنَّنا نستعملُ التطبيقات، ومن ثمَّ نتركُها مرارًا، وتكرارًا. ليس فقط النٌّصوص، والمحتوى بل يجب أن يكونَ هناك طريقةً لنقلِ هيكليَّة النَّموذج الخاص بك. ضع موعدًا كلَّ فترٍة لتحفظَ ما عملتهُ كنسخةٍ احتياطيَّةٍ خارجَ ذلك التَّطبيق.

الخُلاصة:

يعيشً النَّاس اليوم في عالمٍ فيه العديد من أدواتِ وتطبيقات رفع الإنتاجية الجاهزة، وسيجدُ الكثيرُ من النَّاسِ أنَّهُ من الأسهل، والأكثر فعاليَّةٍ استخدام شيءٍ ما جاهزٍ مُسبقًا، حتَّى لو لم يعمل بالطَّريقة التي يريدونها. من المفيد تجربة تطبيقات زيادة الإنتاجية التي يتم تطويرها بين الحين والآخر، لكن إذا أردت أن تجد لنفسك حلًّا يتلاءم مع متطلباتك الشَّخصية فعليك بناء نموذجك الخاص.ولكن بالنِّسبةِ لأولئك المُهتمِّين ببناِء الحلِّ الصَّحيحِ، فإنّ المنصَّات مثل “Coda” و”Notion” و”Airtable” تُغيِّرُ قواعد اللُّعبة تمامًا.

لم تعد مضطرًا لأن تكونَ مُبرمجًا حتَّى تتمَكَّن من إنشاء التَّطبيق، أو لوحة المعلومات التي تناسبُ احتياجاتك، ولا داعيَ بعد الآن لأن تكون مبرمجًا لتستطيع بناء برنامجك الخاص الذي يناسبك، عليك التفكير خارج الصندوق بالمنصات التي تقدم آلية للبرمجة دون معرفة لغة برمجة ورغم فقر الوطن العربي بنشر ذلك الموضوع إلّا أنّه واعد في المستقبل.