تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

الكتابة المرآتية، ما سببها ومتى عليك القلق إن كتب طفلك بشكلٍ معكوس؟

الكتابة المعكوسة
رشا حسحس
رشا حسحس

5 د

كثيراً ما حاولنا في صغرنا الكتابة المعكوسة أو الكتابة المرآتية، غالباً ما يكون الأمر متزامناً مع اكتشافنا لكتابة كلمة إسعاف بالمقلوب على سيارة الإسعاف أو محاولةً منا لكتابة رسائل سريّة لأصدقائنا. تزداد صعوبة الأمر مع تقدمنا في العمر إلا أن عدداً لا بأس فيه من الأطفال يقومون به بسلاسة وبشكلٍ غير مقصود وهم بين الرابعة والثامنة، قد لا يتجاوز الأمر كتابة بضعة حروف وأرقام بشكل مقلوب عند بعضهم بينما يمتد ليصل إلى الكتابة بشكل كامل بالمقلوب. الأمر الذي يسبب إحباط بعض الأمهات والمدرّسين والقلق لبعضهم الآخر الذين رأوا فيه مؤشر لمعاناة الطفل من صعوبات التعلّم.


فما الحقيقة وراء الكتابة المعكوسة؟

الكتابة المرآتية أو الكتابة المعكوسة هي كتابة أحرف أو كلمات أو جمل في الاتجاه المعاكس، بحيث تبدو طبيعية عند عرضها في المرآة سواءً بشكلٍ أفقي أو عامودي.


من الذين يقومون بالكتابة المرآتية؟

– الأطفال بين سن الرابعة والثامنة عموماً بشكل غير مقصود وقد لا يستطيعون معرفة الفرق بين الحرف الأصلي والحرف المقلوب.

– تمت ممارستها عن عمد من قبل بعض المشاهير مثل ليوناردو دافنشي حيث كتب أغلب ملاحظاته الشّخصيّة بِهذِه الطّريقة.

– تلاحظ الكتابة المعكوسة عند البالغين بشكلٍ غير متعمّد بعد تعرض الدماغ للإصابة، عادةً في النصف الأيسر.


أهم التفسيرات والنظريات المقدّمة للكتابة المعكوسة:


1.     تفسير استخدام اليد اليسرى في الكتابة:

ذكرت الكتابة المرآتية في المقالات العلمية لأول مرة بمقال لطبيب الأعصاب الألماني ألفريد بوخوالد (Alfred Buchwald) في عام 1878، ولكن على مدار 125 عاماً التالية، لم تكن تفسيرات الظاهرة غير كافية فحسب، بل كانت خاطئة أيضاً في كثير من الأحيان. إذ إنها أنها غالباً ما كانت تعزو الأمر إلى الكتابة باليد اليسرى. لفترة طويلة، كان هذا التفسير السائد مدعوماً بملاحظة الأطفال العُسر الذين يكتبون أحرفاً معكوسة أو أسماءهم أو حتى كلمات وجمل كاملة. وهكذا طوال القرن العشرين، نشرت المجلات العلمية كتابات مرآتية من قبل أطفال عُسْر وكان التفسير المفضل للمعلمين عندما يلاحظون الكتابة المرآتية عند طلّابهم، لكنّ العديد من الطلّاب الذين يستخدمون اليد اليمنى، يكتبون بصورةٍ معكوسة أيضاً.


2.     التفسير على صعيد دماغي:

التفسير الدماغي كان محدوداً بنظرية  ساموئيل أورتن (Samuel Orton) التبسيطية. والتي قامت على أنّنا نخزّن أي كلمة أو شكل في نصف الكرة المخية الأيسر المسيطر. بينما نخزّن صورته المعكوسة المرآتية في نصف الكرة المخيّة الأيمن. تظهر الأشكال العاكسة عند الأطفال، بسبب سيطرة نصف الكرة المخية بشكل غير مكتمل، ولكن يتم قمعها عند البالغين ما لم يحدث تلف في نصف الكرة الأيسر.  ليثبت مؤخراً خطأ هذه النظرية إذ تم إثبات أن الدماغ يلغي الاتجاه (يساراً أو يميناً) عند تخزين الصور، وهي عملية تسمى التناظر (symmetrisation) أو تعميم المرآة (mirror generalization) التي تظهر فائدتها بالقدرة على التعرف على الوجه والأشكال من كلا جانبيها.


3.     التفسير على صعيد سلوكي:

الأطفال لا يهتمون بالاتجاهات، بالنسبة لهم التفاحة تبقى تفاحة بغض النظر عن طريقة وضعها على الطاولة وبأي اتجاه فلماذا يعني الأمر لك الكثير إن اتجه رقم 2 من اليمين إلى اليسارأو إذا رسموه بالمقلوب. هذا أمرٌ مفهوم، حيث تعمل معظم الأشياء في عالمنا بهذه الطريقة باستثناء رموز الاتصال التي اخترناها: الحروف والأرقام.


ماذا عليك أن تفعل إن كان ابنك يكتب بطريقة معكوسة أو يعتمد الكتابة المرآتية؟


– تخلّص من الحس الدرامي

لا تعامل الأمر على أنّه مشكلة في حين أنّه أمر طبيعي يتكرر مع الكثير من الأطفال. لا تتحدث عنه أمام طفلك حتى لا تشعره أنّ هناك خطبٌ ما. الصعوبة وتكرار المحاولة هو أمرٌ طبيعيٌ فطريّ عند الأطفال، فقد تعودوا على الوقوع والنهوض حتى استطاعوا المشي. وعلى التلعثم حتى استطاعوا النطق. معنى الفشل والإحباط نحن الذين نثقل كاهلهم به. بينما المحاولة والخطأ أمرٌ طبيعي لديهم، لهذا هم رائعون

مخاوف الأهل وربط الكتابة المعكوسة باضطراب صعوبة القراءة والكتابة هو ما أكسبها هذه الجديّة.

صحيح أنّ إيشان الذي يكان يعاني من الديسلكسيا في فيلم نجوم على الأرض كان يعاني من الكتابة المعكوسة ولكنّها لم تكن فقط كتابة معكوسة، كان هناك الخطأ في ترتيب أحرف الكلمة الواحدة كما أنّ الطفل كان في تجاوز سن الثامنة ولديه أعراض أخرى منها صعوبة القراءة أيضاً.


– الممارسة ثم الممارسة

أفضل طريقة لتعلم الجهات بشكل صحيح هي التدريب. خصّص لطفلك وقتاً لتقوموا فيه بالتدريب. أشر برفق إلى الأخطاء. آخر ما تحتاج إليه، هو إشعار طفلك أنّ لديه مشكلة مع الكتابة. كثيراً ما صادفت طلّاباً كان لديهم قناعة راسخة أنّهم أغبياء وأنّ الدراسة ليست مستقبلهم ولا سبيل لديهم للفلاح فيها، بسبب أساليب أهلهم في التدريس عندما كانوا صغاراً. إذا كان طفلك مرتبكاً بشأن الاتجاه الذي يجب أن يتجه إليه الحرف، بيّن كيفية كتابته بالطريقة الصحيحة ولا تعطي الأمر أهمية فقط ساعده بإيجاد طريقة للتذكّر. أو يمكنك أن تطلب من صديق أو شخص بالغ تثق به المساعدة في ذلك.


– الجأ لمختص

إذا لم يتخلص طفلك من عادة عكس الأحرف في الصف الثالث، فمن الجيد معرفة السبب و عرضه على مختص، تحدث مع معلم طفلك. اسأل عما إذا كان لدى المعلم مخاوف بشأن كتابة الحروف بشكلٍ معكوس، أو حول مهارات القراءة والكتابة لطفلك بشكل عام. اطلب تقييماً من طبيب أطفال متخصص في النمو (يختلف عن طبيب الأطفال الطبي)، أو طبيب نفساني متخصص في تقييم الأداء النفسي العصبي، أو أخصائي التعلم، أو المعالج المهني.


مجموعة من التقنيات التي يمكن أن تساعد طفلك على تجاوز الكتابة المعكوسة:

– اشرح لطفلك أن الحرف ليكون حرفاً عليه أن يحظى بشكل معيّن واتجاه معيّن.

– تحدّث وصف الخطوات التي تقوم بها أثناء تعليمه كتابة الحرف وعلّمه أن يكررها أثناء كتابته، كأن تقول عند كتابة الرقم  أربعة خط ٌ صغيرٌ ذاهب، خطٌ صغيرٌ عائد، ونكرر.

– استخدم الأوراق التي كتب عليها بحروف وأرقام منقّطة مسبقاً واطلب منه وصلها.

– العب معه لعبة إيجاد الحرف المعكوس.

– استعن بالكتابة على الرمل أو الملح بواسطة الأصابع، ستساعده هذه الطريقة على تنمية الإحساس بالاتجاه.

– العب معه بالمعجون، فمرةً تشكّل حرفاً وعليه أن يعرفه، ومرة تشكّل نصفه ويحزره ويكمله، ثم تعكسان الأدوار.

– اطلب منه أن يشكّل حروفاً وأرقاماً مستخدماً جسده مع إمكانية الاستعانة بأجسام أخرى.

ذو صلة

– ابحث معه عن الحروف والأرقام والكلمات على الطريق وفي الظلال في أثناء مسيركما إلى المدرسة. من قال أنّ التعليم يجب أن يكون مملاً؟

أخيراً، لن أضيف شيئاً يتعلق بالكتابة المرآتية، فلابدّ أنّك أدركت أنها ليست أمراً خاصاً بطفلك ولا تعني أن هنالك شيءٌ خاطئ، لكن اسمح لي أن أذكّرك أن علاقة طفلك بالدراسة والتعليم تأخذ شكلها الآن، فارسمها له بشكلٍ ممتعٍ جميل. لا داعي لأن يشعر أنها دواءٌ مرّ عليه أن يتهرّب من تجرّعه أو أن يشربه متمنياً لو تكسر القارورة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة