حديث عن التنمر: دروس أخلاقية من السنة النبوية

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
أدان الإسلام كافة أشكال التنمر وأكد على حرمة الاعتداء اللفظي والجسدي.
تحث الأحاديث النبوية الشريفة، مثل حديث الرسول عن التنمر، على حفظ اللسان والبعد عن الإساءة للآخرين.
يسبب التنمر آثارًا نفسية واجتماعية خطيرة على الأفراد والمجتمعات.
يتطلب التصدي للتنمر جهودًا مجتمعية تشمل التربية السليمة والتوعية والقوانين الرادعة.
لطالما كان الإسلام سباقًا في تسليط الضوء على أي ظاهرة من الظواهر الاجتماعية والتحذير منها، والتنمر واحدة منها، حيث ورد أكثر من حديث الرسول عن التنمر، مؤكدًا على ضرورة التحلي بحسن الخلق وتجنب الإيذاء اللفظي والجسدي، كون هذه الظاهرة من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تؤثر على الأفراد والمجتمعات ككل، وهي تتجلى في أشكال متعددة من الإيذاء اللفظي وحتى الجسدي، مخلِّفةً آثارًا نفسية واجتماعية جسيمة على الضحايا، وبينما يعد التنمر مشكلة معاصرة تواجهها المؤسسات التعليمية وأماكن العمل وحتى الفضاء الرقمي، فإن محاولة التوعية حولها أمر هام.
حديث عن التنمر في ضوء الإسلام
تنتشر ظاهرة التنمر اليوم كثيرًا في مجتمعاتنا من اعتداءات لفظية وجسدية سواء من هم أكبر سنًا أو أصغر، مما تؤدي إلى مشكلات نفسية وجسدية أحيانًا تكون كبيرة على الشخص، والإسلام كان له السبق في الكلام عن هذه الظاهرة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث، حيث عرف التنمر في الإسلام هو: الاعتداء اللفظي والجسدي، وقد ورد العديد من الآيات القرآنية التي تتحدث عن التنمر.
موقف الإسلام من التنمر: استناد شرعي واضح
يؤكد الإسلام على أهمية حسن الخلق والتعامل باللين مع الآخرين، ويعتبر الأذى اللفظي والجسدي من الأعمال المحرمة التي تترتب عليها عقوبات أخروية، وقد جاء في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تحث المسلمين على صون ألسنتهم وأفعالهم، والابتعاد عن الإساءة للآخرين بأي شكل من الأشكال، ومن ذلك حديث عن التنمر للرسول الكريم الذي يوضح خطورة الكلمة وتأثيرها على الإنسان والمجتمع.
حديث عن التنمر
من أبرز ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد حديث عن التنمر، حيث قال:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هَجَر ما نهى الله عنه)). رواه البخاري، ومسلم.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم)). رواه البخاري.
عن عائشة قالت:
أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أناسٌ من اليهود، فقالوا: السلام عليك يا أبا القاسم، قال: ((وعليكم))، قالت عائشة: قلت: بل عليكم السلام والذَّام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، لا تكوني فاحشة))، فقالت: ما سمِعت ما قالوا؟ فقال: ((أوليس قد ردَدت عليهم الذي قالوا، قلت: وعليكم)).
وفي رواية أنه قال لها:
((يا عائشة، فإن الله لا يحب الفحش والتفحُّش)).
فالفحش: العدوان في الجواب. صحيح مسلم.
من حديث عن التنمر أيضًا، عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليسكت» (رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم).
التنمر كظاهرة اجتماعية وتأثيرها النفسي
يؤدي التنمر إلى مشكلات نفسية قد تصل إلى الاكتئاب والقلق وانخفاض الثقة بالنفس، مما قد يدفع بعض الضحايا إلى العزلة الاجتماعية أو حتى التفكير في الانتحار في الحالات الشديدة، ويتضح أن غياب الوعي الاجتماعي والتربوي من العوامل التي تساهم في تفشي هذه الظاهرة، وهو ما حذر منه الإسلام في أكثر من حديث عن التنمر، داعيًا إلى التراحم وحسن التعامل.
أسباب انتشار التنمر
تنتشر ظاهرة التنمر نتيجة لعدة عوامل، من أبرزها نقص الوعي الديني والتربوي، بالإضافة إلى التنشئة غير السليمة التي تفتقر إلى غرس قيم الاحترام والتقدير للآخرين، كما تلعب البيئة الاجتماعية دورًا مؤثرًا عندما تعزز السلوكيات العدوانية بين الأفراد، إلى جانب ذلك، فإنّ غياب القدوة الحسنة سواء داخل الأسرة أو في المدرسة يسهم في ترسيخ هذه الظاهرة وانتشارها.
استراتيجية الوقاية والتعامل مع التنمر
من أجل علاج التنمر والحد من انتشارها، يجب اتباع مجموعة من الإجراءات الفعالة لتحمي نفسك ومن حولك، ومنها:
- تعزيز القيم الأخلاقية: تعليم الأطفال والمراهقين منذ الصغر أهمية التواضع والاحترام المتبادل.
- توفير بيئة آمنة: العمل على خلق بيئات اجتماعية وتعليمية تشجع على الاحترام والتسامح.
- توعية الأفراد بحقوقهم: تعزيز الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة المتنمرين بالطرق القانونية والمجتمعية المناسبة.
- التدخل العلاجي: تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا التنمر لمساعدتهم على تجاوز الأثر النفسي الذي يترتب على هذه الممارسات.
بهذه الرؤية الشاملة، يمكننا أن نفهم أن مكافحة التنمر ليست مجرد مسؤولية فردية، بل هي واجب اجتماعي وأخلاقي يتطلب تضافر الجهود من الجميع، وهذا ما أكده الإسلام في أكثر من حديث عن التنمر، مشددًا على أهمية الكلمة وتأثيرها في بناء المجتمعات أو هدمها.