ذكاء اصطناعي

لماذا ضعف الدولار الأمريكي وانخفض لأدنى مستوى له في عدة سنوات أمام العملات الرئيسية؟

المهندس سعيد عطا الله
المهندس سعيد عطا الله

4 د

شهد الدولار الأمريكي تراجعًا حادًا أمام العملات الرئيسية في يوم الجمعة (11 أبريل)، حيث أثار عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية الأمريكية في ظل الحرب التجارية شكوكًا حول مكانة العملة كملاذ آمن، وقد انخفضت العملة الأمريكية إلى أدنى مستوى لها في عشر سنوات أمام الفرنك السويسري وأدنى مستوى لها فى ثلاث سنوات أمام اليورو، حيث انخفضت إلى 88 سنتًا لليورو لأول مرة منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وهذا يجعل قيمة اليورو الواحد 1.14 دولار.

وعلى الرغم من التراجع الحاد للدولار الأمريكي إلا إنه من غير المرجح أن ينهار، ومع ذلك، تشير أبحاث جي بي مورغان إلى احتمال بنسبة 40% أن تدخل الولايات المتحدة في حالة ركود بحلول نهاية عام 2025، لذا من المهم فهم أسباب الانهيار وكيفية الاستعداد له.


لماذا يضعف الدولار؟

لقد هزّ الجدل الدائر حول الرسوم الجمركية على الواردات ثقة المستثمرين في سلامة العملة الأمريكية، مما دفعها إلى أدنى مستوى لها فى عقد أمام الفرنك السويسرى وأدني مستوي لها فى ثلاث سنوات أمام اليورو الامر الذي أدى الى استفادة تطبيقات التداول من هذه التحركات السعرية، حيث رفعت الصين الرسوم الجمركية علي الواردات الأمريكية إلي 125% من 84% يوم الجمعة، ردًا علي قرار الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" برفع الرسوم الجمركية علي السلع الصينية إلي 145% بعد تعليق مؤقت على العديد من زياداته الأخيرة في الرسوم الجمركية علي معظم الدول.

يقول "بيتر كينسيلا" الرئيس العالمي لاستراتيجية العملات الأجنبية في بنك يونيون بانكير بريفيه (UBP): "الدافع الرئيسي لتراجع الدولار هو ما يبدو أنه عمليات إعادة استثمار من جانب المستثمرين الأوروبيين الذين يبيعون الأصول المقومة بالدولار الأمريكي ويعيدون رؤوس أموالهم إلى منطقة اليورو".

كما يعكس ضعف الدولار الأمريكي مخاوف المستثمرين من ركود اقتصادي وشيك، وكتب "فرانتيسك تابورسكي" استراتيجي العملات الأجنبية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في بنك ING في مذكرة: "يُعتبر الدولار وسندات الخزانة الأمريكية حاليًا أصولًا عالية المخاطرة، ويظلان عرضة بشدة لمزيد من عمليات البيع، حتى لو ارتفع الدولار بفعل أي تلميحات عن أخبار إيجابية بشأن التجارة الآن فإننا نعتقد أن إصلاح الضرر سيتطلب تراجعًا أوسع نطاقًا عن سياسات ترامب الحمائية".

ويضيف: "لقد أُجيب بشكل قاطع على سؤال أزمة ثقة الدولار المحتملة، فنحن نشهد أزمةً بكل قوتها، حيث أظهرت حركة أسعار الأصول المتقاطعة تحولاً جذرياً بعيداً عن الأصول الأمريكية، مع انخفاض كل من الأسهم وسندات الخزانة على الرغم من قراءة مؤشر أسعار المستهلك الأساسي التي جاءت أقل بكثير من التوقعات"، ويعتقد أن ارتفاع الرسوم الجمركية يشكل تهديداً للنمو الاقتصادي الأمريكي، وقد يواجه الاقتصاد الأمريكي هذه المرة صعوبة أكبر في تجنب تداعيات الرسوم الجمركية مقارنةً بعام 2018".

ومع ذلك، يرى تابورسكي أن هناك تفسيراً أكثر إثارة للقلق للضعف الأخير للعملة الأمريكية وهو: نزع الدولرة، ويقول: "إذا أصبحت المؤسسات الأمريكية أقل موثوقية من الناحية الهيكلية، فمن الطبيعي أن ينتقل رأس المال العالمي إلى أماكن أخرى، وربما يؤدي هذا إلى تآكل مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية".


هل يتجه زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي نحو 1.20 دولار؟

يُمثل الانخفاض الحاد للدولار مقياساً لمشاعر "بيع أمريكا" في الوقت الحالي، يُبرَّر التحول إلى الملاذات الآمنة التقليدية الأخرى مثل الفرنك السويسري والين الياباني وحتى اليورو بفقدان جاذبية الدولار كملاذ آمن.

ووفقًا لخبراء استراتيجيات الفوركس في بنك ING، "يظل اليورو متلقيًا رئيسيًا لتدفقات الدولار الخارجة"، وأن الارتفاع الهائل في زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي يرجع بشكل شبه كامل إلى فقدان الثقة في الدولار، ولا يُبرَّر على الإطلاق بديناميكيات أسعار الفائدة الأساسية قصيرة الأجل.

ومع ذلك، يرون أن زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي مُبالغ في قيمته عند هذه المستويات بنحو 4%، ومع ذلك، أدت ظروف مماثلة نسبيًا في صيف عام 2020 إلى ذروة مبالغة في قيمته بلغت 6%، وبالقيمة الحالية، يُعادل ذلك تقريبًا التحرك نحو 1.15 دولار لليورو، يقول تابورسكي من بنك ING: "نظرًا لتقلبات سوق الصرف الأجنبي الشديدة وضعف السيولة يُعدّ مستوى 1.15 هدفًا معقولًا على المدى القريب لزوج اليورو/الدولار الأمريكي، ما لم تُعيد قرارات واشنطن بناء الثقة بالدولار".

ويذهب البعض من بنك UBP إلى أبعد من ذلك: "نعتقد أن زوج اليورو/ الدولار الأمريكي سيستمر في الارتفاع وأن الوصول إلى مستويات 1.20 في عام 2026 أمرٌ ممكن تمامًا".

أمرٌ غير معتاد: ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية وانخفاض الدولار

بلغ عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات 4.55% يوم الجمعة (11 أبريل) مرتفعًا من 4.17% في الأول من أبريل، ويُعدّ ارتفاع عوائد سندات الخزانة وانخفاض الدولار حالةً نادرة، حيث تُعتبر سندات الخزانة أصولًا آمنة تمامًا مثل الدولار في أوقات اضطراب السوق، ويُفسر المشاركون في السوق هذا الاتجاه الشاذ بتراجع الثقة في الأصول الدولارية.

على العكس من ذلك، انخفض عائد السندات الألمانية لأجل عشر سنوات إلى 2.53% منذ يوم الخميس (10 أبريل)، وتُفضّل الأسواق الآن السندات الحكومية الألمانية كأصول آمنة، في حين تُضعف مخاوف الركود الثقة بالدولار الأمريكي وسندات الحكومة الأمريكية كملاذ آمن، يقول أحد المحللين أنه إذا كان هدف ترامب هو إضعاف الدولار "فإن هذا الهدف يتحقق تدريجيًا".

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.