ذكاء اصطناعي

الجوافة ليست مجرد فاكهة… إنها مستقبل علاج سرطان الكبد

ملاذ المدني
ملاذ المدني

3 د

اكتُشف جزيء من الجوافة يمكنه مقاومة سرطان الكبد وسرطانات القنوات الصفراوية.

الباحثون طوروا مسارًا صناعيًا مبتكرًا لإنتاج الجزيء بكفاءة وبكميات وفيرة.

التطور يساهم في توفير أدوية فعّالة وبأسعار منخفضة لمواجهة سرطان الكبد.

يسعى الباحثون لتطبيق الجزيء على أنواع أخرى من السرطان بتعاون دولي.

هل تصدق أن أسرار علاج بعض الأمراض الفتاكة تكمن أحيانًا في الطبيعة حولنا؟ بين فروع شجرة الجوافة، توصّل باحثون في جامعة ديلاوير الأمريكية إلى اكتشاف قد يغيّر قواعد مكافحة سرطان الكبد، أحد أشرس أنواع السرطان عالميًا والتي تحصد أرواح آلاف المرضى سنويًا.

ففي مهمة علمية جديدة، نجح فريق البروفيسور ويليام تشين في تصنيع جزيء طبيعي موجود أساسًا في ثمار الجوافة يعرف بقدرته على كبح تطور سرطان الكبد وسرطانات القنوات الصفراوية. ولأن الكميات المستخرجة من النباتات غالبًا ما تكون محدودة، بحث هؤلاء العلماء عن وسيلة لإنتاج الجزيء بكميات وفيرة وبطريقة اقتصادية تخدم أبحاث العقاقير الطبية.

نقطة تحوّل في صناعة الدواء
الخطوة البارزة هنا أن الفريق أنجز ما يُعرف بـ"التخليق الكلي للمنتجات الطبيعية" بحيث استطاعوا، باستخدام مواد كيماوية متوافرة، اختراع مسار صناعي مبتكر يؤدي في النهاية إلى إنشاء الجزيء المقاوم للسرطان. هذا الإنجاز يسمح للباحثين في جميع أنحاء العالم بتتبع وصفة محددة لتصنيع المركب بكفاءة عالية ودون التعلق بمصادره النباتية المحدودة. وتكمن أهمية هذه العملية في قدرتها على إتاحة أدوية أكثر فعالية وأقل تكلفة لمئات آلاف المرضى.

ولتعزيز التأثير الفعلي لهذا الابتكار، أوضح د. تشين وزميله ليام أوجرادي، الذي كان المؤلف الأول للبحث المنشور في دورية "أنجيوندته كيمي"، أن النموذج الجديد يشجع الباحثين الآخرين على تطوير طرق محسّنة أو مختصرة للتخليق، ما يسرّع وصول الدواء إلى الأسواق ويزيد من فرص النجاح في علاج سرطانات الكبد.

تزايد الحاجة لعلاجات جديدة
ويأتي هذا التطور في سياق تزايد معدلات الإصابة بسرطان الكبد على مستوى العالم، إذ تشير الإحصاءات إلى أن واحدًا من كل 125 شخصًا قد يُصاب بهذا المرض، كما أن نسب البقاء على قيد الحياة في حالات الإصابة المتقدمة تعد منخفضة للغاية. ومع تجاوز حالات الإصابة الجديدة في الولايات المتحدة وحدها لـ 42 ألف حالة سنويًا وارتفاع الوفيات إلى ما يفوق 30 ألف وفاة، تمثل هذه السرطانات عبئًا صحيًا وماديًا يفوق المليارات، لذلك تصب كافة الجهود في الوصول لعقاقير ناجحة تقلل معاناة المرضى والأسر.

وهنا يتعزز الربط بين التحول الصناعي الذي فتحه هذا الفريق والجهود العالمية في رعاية مرضى السرطان وتحسين فرصهم. فالابتكار يتيح إنتاجًا موسَّعًا لجزيء يعوق نمو السرطان، ويوفر بوابة لاختبارات سريرية أكثر شمولًا وربما لعلاجات مصممة لأنواع أخرى من الأورام مستقبلًا.

نافذة جديدة للتعاون العلمي
ولأن الثورة العلمية لا تعرف الحدود، يعمل الباحثون جنبًا إلى جنب مع المعهد الوطني للسرطان لدراسة فرص تطبيق المركب المستمد من الجوافة على أنواع أورام أخرى وتقييم فعاليته في أوسع نطاق. هذه الروح التعاونية تعد خطوة مهمة لتسريع نقل الأفكار من المختبرات إلى أسرة المرضى حول العالم.

في نهاية المطاف، يبرهن هذا الاكتشاف العلمي أن ثمار الطبيعة لا تزال تحمل بين جزيئاتها مفاتيح الحياة، وأن قدرات الكيمياء الحيوية عندما تتلاقى مع الاحتياج الطبي تفتح سبلاً جديدة أمام آلاف المرضى. ربما سنشهد قريبًا، بفضل حلم بدأ في شجرة جوافة وتطور في جامعة أمريكية، جيلًا جديدًا من أدوية السرطان الأقل كلفة والأعلى فعالية.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.