عصر الإباحية بالذكاء الاصطناعي يبدأ رسميًا.. ماذا يعني قرار سام ألتمان؟
3 د
أعلنت شركة «أوبن إيه آي» عن إمكانية إنشاء محتوى جنسي للمستخدمين البالغين.
أثار القرار انتقادات بسبب المخاوف من زيادة الإدمان والعزلة النفسية.
يُنظر إلى القرار كمؤشر على تراجع النزعة المثالية في الذكاء الاصطناعي.
تشمل المخاوف القانونية إمكانية انتهاك الخصوصية وتزييف الهويات الرقمية.
تتطلب المرحلة تشريعات جديدة لحماية القيم الإنسانية في مواجهة الابتكار السريع.
أشعل إعلان سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» المالكة لتقنية «شات جي بي تي»، نقاشاً واسعاً حول مستقبل الذكاء الاصطناعي والحدود الأخلاقية لاستخدامه.
ففي تصريح له على منصة «إكس»، أكد ألتمان أن برامجه ستتيح قريباً إنشاء محتوى جنسي لمستخدمين بالغين تم التحقق منهم، موضحاً أن الهدف هو «معاملة البالغين كبالغين» ضمن سياسة جديدة للتعامل مع المحتوى الحساس. ومع أن القرار طُرح بوصفه جزءاً من إطار للسلامة الرقمية، فإن موجة من الانتقادات انهالت على الشركة، خصوصاً من الذين رأوا فيه تراجعاً عن التزاماتها السابقة بحماية الصحة النفسية للمستخدمين.
وهذا يقودنا إلى التناقض الأساسي في نهج الشركات التقنية الكبرى تجاه رفاه الإنسان مقابل تحقيق الأرباح.
ما وراء المبدأ: بين الرعاية والصراع الأخلاقي
فبينما تحدث ألتمان عن أهمية تجنّب المخاطر النفسية، يرى خبراء أن السماح بإنتاج هذا النوع من المحتوى قد يفتح الباب أمام أنماط جديدة من الإدمان والانعزال. دراسات وتقارير متعددة تشير إلى أن الاستهلاك المفرط للمادة الإباحية يسهم في زيادة الاكتئاب والعزلة لدى الشباب، فكيف الحال حين تصبح التجربة مصمَّمة خصيصاً لتناسب كل مستخدم؟ هنا تصبح «الفانتازيا الرقمية» أكثر التصاقاً بالهوية الشخصية، وتزداد احتمالات الضرر النفسي والاجتماعي.
وانطلاقاً من هذه المخاوف، يتساءل محللون عن طبيعة التحول الذي تشهده شركات وادي السيليكون من طموحات كبرى إلى سباق على جذب الانتباه والشهرة الرقمية.
التكنولوجيا بين الوهم والربح
يشير بعض المراقبين إلى أن فتح الباب أمام المحتوى الإباحي ليس سوى علامة على تراجع النزعة المثالية التي رافقت ثورة الذكاء الاصطناعي. فبدلاً من «إحداث تغيير جذري في العالم»، تسعى الشركات إلى جذب المستخدمين بالطريقة ذاتها التي استخدمها الإنترنت لعقود: عبر اللهو والترفيه السهل. ويرى نقاد أن ما يفترض أن يكون ثورة إنتاجية واقتصادية عالمية ما زال يتركز في الاستخدامات السطحية، مثل إنشاء صور أو نصوص ترفيهية وعمل الواجبات الدراسية، مما يطرح سؤالاً جوهرياً عن القيمة المضافة الحقيقية لهذه التقنيات.
وهذا يربط الجدل الأخلاقي بالقضايا القانونية والاجتماعية التي تبدو أكثر تعقيداً مع تسارع التطور التقني.
تحديات قانونية وسؤال الأخلاق في عصر المحتوى المصنّع
إمكانية إنتاج صور ومقاطع تُشبه أشخاصاً حقيقيين تثير خوفاً مشروعاً حول الخصوصية والهوية، إذ قد يستخدم بعض الأفراد التقنية لصنع محتوى غير لائق ينتحل ملامح الآخرين. المشكلة لم تعد مجرد مراقبة منصات، بل إعادة تعريف لمفهوم الموافقة والكرامة الإنسانية في الفضاء الرقمي. حتى الخطاب الديني والاجتماعي سيجد نفسه أمام اختبار جديد: كيف يمكن مواجهة ضرر أخلاقي حين تكون الشخصيات المعروضة اصطناعية بالكامل؟ هنا لن تكفي الحجج حول الاستغلال الجسدي، بل سيُعاد النقاش إلى عمق المعنى الإنساني للجنس والعلاقات الواقعية.
ومن هذا المنطلق يبرز البعد السياسي كعامل حاسم في ضبط هذا التحول التكنولوجي الخطير.
الحاجة إلى تشريعات وتقويم اجتماعي جديد
يرى مراقبون أن الإطار القانوني الحالي لا يكفي لمجاراة سرعة الابتكار، وأن على الحكومات والمجتمعات الدينية والمدنية بلورة سياسات تحمي الأطفال وتُوجّه الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي. فمع ضعف الرقابة التقنية، تبرز الحاجة إلى وعي أسَري وديني وتعليمي يعيد تعريف القيم المرتبطة بالعلاقة الإنسانية ويضع التكنولوجيا في مكانها الصحيح كأداة لا كبديل للواقع.
وهكذا يتضح أن الجدل حول «الذكاء الاصطناعي والإباحية» ليس مجرد نقاش حول نوع المحتوى، بل حول نوع العالم الذي نريد أن نبنيه. فبين الابتكار والضبط الأخلاقي، يبدو أن البشرية مقبلة على اختبار جديد يحدد مستقبل العلاقة بين التقنية والإنسان.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.



