نهاية الرحلات الطويلة؟ تقنية تفوق سرعة الصوت تقرّب العالم في 60 دقيقة
3 د
قدم العلماء دليلًا تجريبيًا يدعم فرضية "موركوڤين" للطيران فائق السرعة.
يساعد الاكتشاف الجديد على تطوير طائرات قادرة على قطع المسافات بين القارات في ساعة.
استخدم فريق بارزيالي تقنية جديدة لدراسة تدفق الهواء بسرعات تفوق "ماخ 6".
يقلل الاكتشاف من التعقيد الحسابي اللازم لتصميم الطائرات الحديثة.
تفتح التقنية الجديدة إمكانية تطوير مركبات تصل للفضاء بسرعات فرط صوتية.
في خطوة تُعيد صياغة مفهوم السفر الجوي، تمكّن علماء من تقديم دليل تجريبي جديد يدعم فرضية "موركوڤين" التي طالما حيّرت علماء ديناميكا الهواء، مما يفتح الباب أمام تطوير طائرات "فرط صوتية" قادرة على قطع المسافات بين القارات في نحو ساعة واحدة فقط.
تخيّل أن الرحلة من سيدني إلى لوس أنجلوس تستغرق وقت فيلم سينمائي لا أكثر! هذا هو التصور الذي يقوده البروفيسور نيكولاس بارزيالي، المتخصص في ميكانيكا الموائع عالية السرعة والحائز على جائزة الرئاسة الأمريكية للعلماء والمهندسين الشباب. يقول بارزيالي: "الأمر لا يتعلق فقط بالسرعة، بل بتقريب المسافات بين الناس وتغيير شكل الحياة اليومية كما نعرفها".
وهنا تكمن أهمية البحث الجديد الذي نُشر مؤخرًا في مجلة *Nature Communications*، إذ يقدم أوّل دليل عملي على صحة فرضية موركوڤين التي تفترض أن سلوك الاضطراب الهوائي عند سرعات تقارب "ماخ 6" يشبه في جوهره تدفق الهواء عند السرعات البطيئة، رغم تغير الكثافة والحرارة بشكل كبير.
بين النظرية والتطبيق: اختبار في نفق الرياح
اعتمد فريق بارزيالي على طريقة مبتكرة لفحص تدفق الهواء فائق السرعة. فقد أدخلوا غاز الكريبتون إلى نفق رياح خاص، ثم استخدموا ليزرًا عالي الطاقة لتأيينه وجعله يتوهج مؤقتًا على هيئة خط مضيء دقيق. التقطت كاميرات فائقة الدقة حركة هذا الخط، كأنه ورقة تسير مع التيار داخل جدول ماء. من خلال تتبع هذه الانثناءات الدقيقة، تمكن الباحثون من دراسة البنية المعقدة للاضطراب الهوائي بسرعات تفوق ستة أضعاف سرعة الصوت.
وهذا يربط بين الاكتشاف الجديد والطموحات الهندسية في جعل الطيران فائق السرعة قابلاً للتطبيق العملي. فالتجربة أثبتت أن خصائص الاضطراب ليست مختلفة جذريًا، وهو ما يعني أن تصميم الطائرات فرط الصوتية لن يتطلب أدوات حسابية أو نماذج فيزيائية جديدة تمامًا.
الطريق نحو سماء أسرع وأبسط
يوضح بارزيالي أن أحد أكبر التحديات أمام تصميم الطائرات الحديثة هو التعقيد الحسابي الهائل المطلوب لمحاكاة تدفق الهواء في سرعات تتجاوز "ماخ 5". لكنّ فرضية موركوڤين، بعد هذا الدليل الجديد، تسمح بتبسيط المعادلات بصورة تجعل التصميم الحاسوبي أكثر واقعية وأقل تكلفة.
وبحسب الفريق البحثي، فإن النتائج لا تنعكس على الطيران المدني فحسب، بل تمتد إلى **تكنولوجيا الوصول إلى الفضاء**. فإمكانية تطوير مركبات قادرة على التسارع إلى سرعات فرط صوتية ثم الخروج إلى المدار المنخفض قد تغيّر طريقة نقل البضائع والأشخاص إلى الفضاء، وتقلل الاعتماد على الصواريخ التقليدية.
وهذا بدوره يشير إلى مدى اتساع الآفاق أمام صناعة النقل الجوي والفضائي على حد سواء، فالتقدم في فهم ديناميكا الهواء على هذه السرعات قد يمهّد لعصر جديد من السفر يتجاوز حدود الأرض نفسها.
في ختام حديثه، يؤكد بارزيالي أن المشوار ما زال في بدايته، لكن الخطوة الجديدة تمنح العلماء ثقة أكبر بأن السفر من نصف الكرة إلى الآخر في أقل من ساعة لم يعد مجرد خيال علمي، بل مشروع هندسي بات يرى الضوء.
هكذا يبدو المستقبل القريب: كوكب أصغر، واتصال أسرع، وسماوات مفتوحة أمام الرحلات التي كانت يومًا ضربًا من الخيال.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
