ذكاء اصطناعي

Unitree R1: روبوت بشري لا يريد أن يحلّ مكانك… بل أن يتعلّم منك

أراجيك
أراجيك

4 د

قدمت شركة Unitree Robotics روبوت Unitree R1 بسعر تنافسي قدره ستة آلاف دولار.

يتميز الروبوت بمرونة وحركة شبيهة بالبشر بفضل تركيبته الذكية ونقاط الحركة المتعددة.

يواجه الباحثون تحديات في تطوير البرمجيات لتمكين الروبوتات من التفاعل الذاتي ببيئة الإنسان.

تمثل روبوتات على شكل الإنسان فرصة للتفاعل في مجالات مثل الرعاية الصحية والضيافة.

رواد التكنولوجيا والفنون يمكنهم استغلال الروبوتات لتطوير تطبيقات تفاعلية وإبداعية جديدة.

بدأت الروبوتات التي تتخذ شكل الإنسان تخرج من صفحات الخيال العلمي لتطأ أرض الواقع بسرعة ملحوظة. في الآونة الأخيرة، تتابعت الإعلانات عن روبوتات مثل Optimus من تسلا وFigure 02 من شركة Figure AI، وجاء الآن الدور على شركة Unitree Robotics الصينية لتبهر المهتمين بالتقنية بتحفتها الجديدة: روبوت Unitree R1 الذي لا يتعدى سعره ستة آلاف دولار فقط، أي أقل بكثير من أسعار منافسيه التي غالباً ما تصل إلى عشرات أو حتى مئات آلاف الدولارات.

قد يتساءل محبو الابتكار: ما المميزات التي يقدمها روبوت بهذا السعر، وهل بشكله وقدراته يقترب حقاً من الإنسان؟ هيا نتعرف معاً على التفاصيل ونكتشف كيف باتت هذه التكنولوجيا، التي طالما بدت حكراً على المختبرات العملاقة، في متناول الجامعات والمبتكرين وحتى الهواة المغامرين اليوم.


روبوت Unitree R1: ماذا يخبئ لنا؟

الحديث عن Unitree R1 لا يقتصر على سعره المنافس فحسب. فهذا الروبوت بارتفاع 1.2 متر ووزن 25 كيلوغراماً فقط – أي بحجم حقيبة سفر ممتلئة – يتمتع بمرونة وحركة أقرب للبشر بفضل تركيبته الذكية المزودة بحوالي 24 إلى 26 نقطة حركة. تخيل أنه يستطيع السير، والانحناء، والتوازن، والركل، بل حتى القيام بحركات بهلوانية مثل الشقلبة الجانبية وفقاً للفيديوهات التجريبية للشركة.

هنا يبدأ الربط مع الإقبال الكبير مؤخراً على التطوير السريع في مجال الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار. فالروبوت مزود بكاميرات ثلاثية الأبعاد، وميكروفونات تحدد مصدر الصوت، ويمكن وصله لاسلكياً بأجهزة أخرى ليكون جزءاً من منظومة أوسع. كما تم تزويده بمعالج قوي لمعالجة البيانات الحية، مع إمكانية إضافة شرائح Nvidia الذكية لجعله أكثر سرعة في الاستجابات والتعرف على الصور وإدارة الأعمال المعقدة مثل تشغيل منصات رسوميات ثلاثية الأبعاد مثل Unreal Engine.

وفيما يتعلّق بقدرة العمل، تدوم بطارية روبوت Unitree R1 لساعة واحدة تقريباً مع إمكانية تبديلها بسرعة، مما يجعله مثالياً لتدريبات قصيرة أو عروض تفاعلية، وهذا غالباً ما يكفي لاستخدامات المختبرات أو المشاريع الأكاديمية. هنا نلاحظ أن التكامل بين العتاد المتقدم وسهولة الاستخدام بات أقرب من أي وقت مضى.

ولكن رغم كل هذا التطور على مستوى التجهيزات، يظل التحدي الأكبر الذي يواجه مجال الروبوتات البشرية هو البرمجيات. فغالباً ما نرى الروبوتات تؤدي عروضاً أو مهاماً محددة تدار عن بُعد من قبل البشر. هذا يعكس واقع الأبحاث الحالية؛ فتمكين الروبوتات من التصرف الذاتي، وفهم المحيط، والتفاعل مع البشر بأمان في مواقف الحياة اليومية ما زال تحت التطوير النشط في مختبرات العالم.

الأمر الملفت للنظر أن هذه القاعدة المتقدمة التي يقدمها الروبوت تسمح للباحثين باستكشاف حدود الذكاء الاصطناعي في كل شيء: من تحقيق التوازن على الأسطح غير المستوية، إلى تحريك الأصابع بدقة لالتقاط أشياء صغيرة، أو حتى المشاركة في أداء عروض فنية أو مساعدة المسنين في دور الرعاية.


هل الروبوت الشبيه بالإنسان هو الخيار الأمثل؟

وهنا يطرأ سؤال منطقي: لماذا الإصرار على تصنيع روبوتات بشكل الإنسان، عوضاً عن التقنيات ذات الاستخدام المخصص؟ المسألة ليست مجرد نزعة جمالية، فالعامل الاجتماعي يلعب دوراً رئيسياً؛ إذ يميل البشر تلقائياً للتفاعل مع أشكال وأجساد تشبههم، ما قد يساهم في تقبل الروبوتات في بيئات مثل الرعاية الصحية، الضيافة أو المساعدات العامة.

من الناحية الوظيفية، تمثل قدرة الروبوت على صعود الدرج، فتح الأبواب أو استعمال الأدوات ميزة كبيرة في الأماكن المصممة لخدمة البشر، مما يعني عدم الحاجة لإجراء تعديلات واسعة على البيئات القائمة. في الوقت نفسه، لا ينبغي نسيان أن الروبوت المتخصص – كالذي يتحرك على عجلات أو الذراع الآلي الصناعي – يفوق أحياناً الروبوت البشري في السرعة أو الدقة أو حتى توفير الطاقة عندما يتعلق الأمر بمهام بسيطة ومتكررة. إذاً، المسألة توازن بين التخصص والمرونة وبين الشكل والأداء.

وبذلك يُفتح المجال أمام التطبيقات الجديدة، فهب أنك جامع بين العلم والفن: قد تجد في الروبوت الإنساني منصة لتطوير تجارب تفاعلية غير مسبوقة أو اختبار تقنيات الذكاء الاصطناعي في سيناريوهات قريبة جداً من الحياة الواقعية.


آفاق مفتوحة أمام الباحثين والهواة

ما يجعل طرح Unitree R1 مثيراً هو كسره لحاجز الكلفة العالية الذي كان يحول دون إطلاق الخيال وتجريب الأفكار الجريئة في المختبرات الصغيرة والشركات الناشئة. تستطيع الفرق الطلابية الآن تطوير مشاريع تهدف لمساعدة كبار السن في إنجاز المهام اليومية، أو تدريب الروبوت ليعمل يداً بيد مع البشر في المستودعات دون الحاجة إلى سياجات حماية معقدة. حتى المبدعون في المجالات الفنية والموسيقية يمكنهم اليوم التفكير بدمج الروبوتات في عروضهم.

هذا كله يواكب نهضة عالمية في الذكاء الاصطناعي، حيث يشهد القطاع سباقاً محموماً لتطوير تقنيات تُمكّن الروبوتات من أداء مهام متنوعة – بعضها يركز على الدقة في استعمال الأدوات، وأخرى على الرشاقة أو القدرة على التكيف السريع مع الظروف الجديدة.

ومع كل تجربة ناجحة، يزداد الأمل في أن نصبح قريبين من رؤية روبوتات شبيهة بالإنسان تتفاعل معنا بسلاسة أكبر، سواءً كزملاء في العمل، أو رفقاء للمساعدة في الحياة اليومية، أو حتى كمشاركين في الإبداع الفني.

ختاماً، قد لا يكون Unitree R1 هو الروبوت الذي سيغير العالم اليوم، لكنه بالتأكيد علامة فارقة على الطريق نحو عصر جديد تجعل فيه الابتكارات التكنولوجية المتقدمة أقرب إلى الجميع، وتفتح الباب واسعاً أمام تسريع تطور الروبوتات البشرية ليصبح لها مكان طبيعي في حياتنا مستقبلاً. والآن، يبدو أن السؤال الحقيقي لم يعد فقط: كيف يعملون؟ بل: ماذا يمكننا أن نصنع معهم؟

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.