في سابقة تلفزيونية: مذيعة افتراضية بالكامل تقدم نشرة Channel 4 البريطانية
3 د
في مفاجأة مذهلة للمشاهدين، بثّت القناة الرابعة في بريطانيا برنامجًا وثائقيًا بعنوان "هل سيأخذ الذكاء الاصطناعي وظيفتي؟"، لتكتشف الجماهير في ختام الحلقة أن المذيع الذي رافقهم طوال الساعة لم يكن إنسانًا حقيقيًا، بل شخصية مولّدة بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي. هذا الحدث الفريد أثار نقاشًا واسعًا حول مستقبل الإعلام، وحدود التقنية في محاكاة البشر.
البرنامج تناول كيف غيّر الأتمتة والروبوتات الذكية بيئة العمل وسبل العيش، قبل أن تفاجئ القناة مشاهديها بأن الصوت والصورة أمامهم أُنشئا عبر خوارزميات متقدمة. المذيع الافتراضي، الذي أُنتج بالتعاون مع شركة Kalel Productions والعلامة الرقمية Seraphinne Vallora، أدّى الحوار والوقوف أمام الكاميرا بشكل واقعي، ما جعل الكثيرين يظنونه مذيعًا حقيقيًا.
وهذا يقودنا إلى النقطة التالية حول موقف القناة من استخدام الذكاء الاصطناعي.
القناة الرابعة تشرح دوافع التجربة وحدودها التحريرية
أكدت لويسا كومبتون، رئيسة الأخبار والشؤون الجارية بالقناة الرابعة، أن اعتماد المذيع الافتراضي لم يكن سوى "تجربة توعوية" تهدف إلى لفت الانتباه إلى مدى سهولة تضليل الجمهور بالمحتوى المصنّع رقمياً.
وشددت على أن الصحافة الحقيقية تعتمد على التحقق من المعلومات والحياد التحريري والمصداقية، وهي أمور لا يستطيع الذكاء الاصطناعي ضمانها بعد. وأضافت:
"هذه تجربة لن تتكرر في نشراتنا الإخبارية، لكنها تذكير مهم بما يمكن أن تفعله الخوارزميات لو تُركت بلا ضوابط".
مثل هذا الموقف يربط بين التقنية الجديدة وهواجس الموثوقية في زمن الأخبار الرقمية، ما دفع القناة لتوضيح التزامها بمعاييرها الأخلاقية.
الوثائقي استند إلى استطلاع رأي شمل أكثر من ألف قائد أعمال بريطاني، كشف أن 76% من الشركات أدخلت أدوات ذكاء اصطناعي في مهام كانت تُنفَّذ سابقًا بوساطة البشر، بينما أبدى ثلثا المشاركين حماسهم للاستفادة من التقنية في مكان العمل.
ومع ذلك، أقر 41% بأن استخدام الذكاء الاصطناعي أدى إلى تقليص التوظيف، وذكر نصفهم تقريبًا أنهم يتوقعون خفضاً في اليد العاملة خلال السنوات المقبلة.
هذا التحليل يربط النقاش الإعلامي بالتحديات الاقتصادية، ما يمهّد لمقارنة التجربة مع قضايا مشابهة في صناعة الترفيه.
من نشرات الأخبار إلى هوليوود... جدل الملكية الإبداعية
ظهور المذيع الافتراضي أعاد إلى الأذهان الجدل الكبير الذي أثارته شخصية "تيلي نورود"، الممثلة الافتراضية التي خلّقها الذكاء الاصطناعي وأشعلت انتقادات من نقابات الممثلين في هوليوود.
اعتبرت النقابة SAG-AFTRA أن هذه النماذج الرقمية تستغل أداء الممثلين دون إذن أو مقابل، وتحرم الفنانين من مصدر رزقهم، كما تنتج أعمالًا بلا عاطفة أو صدق إنساني. النقابة شددت على أن الفن الإنساني لا يمكن نسخه رقمياً دون فقدان جوهره.
هذه المقارنة تؤكد أن ما بدأ كتجربة إعلامية أصبح قضية ثقافية ومهنية تمتد إلى كافة الصناعات الإبداعية.
أظهر مشروع القناة الرابعة أن الذكاء الاصطناعي صار لاعبًا رئيسيًا في مستقبل الإعلام، لكنه في الوقت نفسه جرس إنذار يدعو إلى التفكير في مفاهيم الثقة، والأصالة، والإنسانية داخل المحتوى الذي نستهلكه يوميًا.
ومع تسارع التطور، يبقى السؤال معلقًا: إلى أي مدى سنسمح للآلة بأن تتحدث باسم الإنسان؟
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
