ذكاء اصطناعي

الصدام بين الشركاء المؤسسين.. حقيقة عالمية مؤسفة.. كيف تنجو منها؟

الصدام بين الشركاء المؤسيين.. حقيقة عالمية مؤسفة.. كيف تنجو منها؟
محمد صلاح
محمد صلاح

6 د

ألتقي بعشرات المؤسسين كل أسبوع، وكل واحد منهم يريد أن يكون غيتس أو جوبز أو زوكربيرج أو سام ألتمان التالي. نحن نُضفي عليهم هالة رومانسية لأنهم بنوا شركات غيّرت العالم، لكننا نادرًا ما نتحدث عن مدى الصدام بين الشركاء المؤسسين وعورة علاقاتهم في البدايات.

فقد تشاجر جوبز مع وزنياك. كما ذهب زوكربيرغ إلى المحكمة مع تقريبًا كل شريك مؤسس. أما ألتمان فهو يقاضي ماسك الآن؛ ومعظم فريقه التنفيذي قد انسحب. حتى غيتس رأى شريكه، بول ألين، يغادر بعد معركة مع السرطان.

هؤلاء الشركاء المؤسسون المشهورون عالميًا اصطدموا حول الرؤية، والسلطة، والحصص، والسيطرة – أو ببساطة بسبب أحداث الحياة التي لم يخططوا لها. وهذا ليس خطرًا نادر الحدوث. فقد وجدت دراسة "معضلات المؤسِّس" لهارفارد أنّ 65٪ من الشركات الناشئة تنهار بسبب مشكلات بين الشركاء المؤسسين. ومع ذلك، يقضي معظم المؤسسين وقتًا أطول في اختيار الشعار أكثر من الشخص الذي سيقفون معه في الخنادق.

على مدى اثني عشر عامًا من العمل مع مئات المؤسسين عبر أنظمة وبرامج متعددة، من Techstars Startup Weekend، إلى Seedstars، وStartup Grind – رأيت الأخطاء نفسها تتكرر مرارًا وتكرارًا.

وهذه المقالة ليست عن كيفية تجنّب الصراع مع شريكك المؤسِّس. فهذا شبه مستحيل. إنها تفصيل للأخطاء الشائعة وكيفية التعامل معها


لا تبدأ عملًا مع أفضل صديق لك

 بالتأكيد، أنت تثق بصديقك المقرّب وتعرف ابن عمك جيّدًا. لكن هل سبق أن عملتما معًا بالفعل؟ بدء عمل مشترك سيضع ضغطًا كبيرًا على علاقتكما. ولنكن صريحين، هل يمكنك حقًا طرد زوجك إذا كان يُؤدّي عملًا سيئًا؟ كذلك، هذه العلاقات مهمة جدًا في حياتك. لا تُخاطر بإتلافها لأنك اخترت شريكًا مؤسسًا بدافع الراحة دون أن تأخذ الوقت الكافي للعثور على الشخص المناسب.


لا تبدأ عملًا إذا لم تكن لديك خلفية تقنية

 إذا اضطررت، ابحث عن شريك مؤسس تقني قبل أن تعمل حتى على عرض تقديمي. من ناحية أخرى، إذا كانت لديك خلفية تقنية كافية لبناء منتج يحتاجه الناس ومستعدون للدفع مقابله، فإن وجود شريك أعمال أمر جيّد لكنه ليس ضروريًا؛ فقد يكون أحيانًا مصدر تشتيت وتدمير، وقد يكون من الصعب إيجاد شريك جيّد أو شخص سيضطر لترك وظيفته؛ لذا يمكن لأمر الشراكة أن ينتظر هنا.

 أيضًا، يجب أن يكون الشركاء المؤسسون أعضاء أساسيين في الفريق من ناحية الأدوار وليس الجميع؛ ويمكنك لاحقًا منح الموظفين أسهُمًا عبر ESOPs.


تجنّب المتخصصين، فأنت بحاجة إلى شركاء مؤسِّسين ذوي خبرات عامة

 إنّ تأسيس شركة يتطلّب التنقّل المستمر بين كونك المدير التنفيذي، وعامل المكتب، وكل ما بينهما من وظائف ومهام طوال اليوم. لذا فإن القدرة على التكيّف والرغبة في التعلّم أهمّ بكثير من الخبرة التقنية المتخصصة.


تجنّب وجود شركاء مؤسِّسين يفتقرون إلى الاستقرار المالي

عند اتخاذ القرارات، لا تريد أن تُملَى هذه القرارات بحاجة أحدهم إلى المال في وقت مبكّر؛ فقد يَدفَعك ذلك إلى صفقات استثمار سيئة، أو استعجال الإيرادات ببيع منتجاتك بسعرٍ أدنى مما ينبغي أو قبل أن تكون مستعدًّا، ما قد يخلّف أثرًا مدمرًا عليك، خصوصًا إذا قبلت أموالًا من مستثمرين سيئين يفسدون حياتك ويبعثرون هيكل ملكيتك.


لا تكن متواصلًا غير ناضج

 لنفترض أنّك كنت محظوظًا بالعثور على الشخص أو المجموعة المناسبة لبدء عملٍ معها، فما زال بإمكانك إفساد الأمر إن كنت لطيفًا أكثر مما ينبغي، فلا تُعبِّر عن رأيك، أو تعالج الصراع، أو تتفاوض بفعالية. نادرًا ما تظهر الخلافات على شكل انفجارات؛ إنّها تظهر في الصمت، وفي التعليقات العدوانية السلبية، وفي الأحاديث المؤجَّلة. إن ضغط العمل في شركة ناشئة يكشف كل شيء: أسلوب اتخاذك للقرارات، شهيتك للمخاطرة، انهياراتك عند الثانية صباحًا. وعندما تظهر الشقوق، فإنها تنتشر سريعًا.

اقرأ أيضا:

حسنًا، بعد أن غطّيتُ كلّ ما يجب تجنّبه، حان الوقت للحديث عمّا ينبغي فعله. إليك بعض الأمور التي يجدر بك تذكّرها لتُسهِّل حياتك كثيرًا.


كن كريمًا في توزيع الحصص

عليك أن تُبقي الشركاء متحفّزين؛ لذا تأكّد ألّا تمتلك حصّة تفوق حصصهم بكثير فتُحبطهم أو تجعلهم يحملون ضغينة تجاهك. كما يجب أن تتجنّب أيضًا مأزق الـ50-50، واحرص على أن تكون الأسهم خاضعة للاستحقاق وفق جدول يَتضمَّن فترة حجز (cliff)؛ فغياب فترة زمنية قبل أن يبدأ استحقاق أي نسبة من الأسهم؛ يساوي حُكمًا بالإعدام على شركتك إذا غادر أحد المؤسِّسين محتفظًا بـ25% أو كان توقيعه ضروريًّا، وغالبا ما تتراوح هذه الفترة بين سنة إلى 4 سنوات مما يحمي هيكل ملكية الشركة من أي انسحاب مفاجئ.


كن واضحًا بشأن الالتزام الزمني

وهذه من أبرز أسباب نشوء الكراهية بين المؤسِّسين؛ اتَّفقوا منذ البداية على مَن يعمل بدوام كامل ومَن لا، ومَن يفعل ماذا. الشركات الناشئة مُرهِقة ومُستنزِفة؛ تجنّب أصحاب الدوام الجزئي ومن يفتقرون للالتزام إذا لم تتمكّنوا من توضيح كل شيء.


اتَّفقوا على التمويل ومؤشرات الأداء

 لا بد من ذلك؛ فإذا كان تمويلكم سيأتي ببيع أسهم لرؤوس الأموال المغامرة، فعلى شريكك المؤسِّس أن يعرف أنّ حصّته ستتقلّص مع كل جولة، وأنّ 25% اليوم قد تصبح 2% عند الطرح العام أو البيع لكيان أكبر. ويسعى المستثمرون لتعظيم قيمة أسهمهم، ما قد يعني طرد الشركاء لاحقًا أو جلب مديرين أعلى رتبة ليصبحوا رؤساء لهم (ولك أيضًا). تُظهر البيانات أنّ معظم المؤسِّسين يغادرون بحلول السنة الخامسة، وأنّ أغلب الشركات تُطرح للاكتتاب بلا مؤسِّس يشغل منصب المدير التنفيذي.


دوّنوا كل شيء في اتفاقيات مكتوبة

 لا مكان لاتفاق "مصافحة" في أي مرحلة؛ فسيعود ليعضّك لاحقًا. اجلسوا، تفاوضوا، اكتبوا كل التفاصيل، والأفضل أن يراجعها محامٍ.


حدّدوا صاحب القرار النهائي

 يستطيع الشركاء الاختلاف طوال اليوم، لكنّ أحدهم يجب أن يحسم الأمر ويلتزم البقيّة بالقرار الذي يتخذه، لذا يجب الاتفاق على هذا الشخص منذ اليوم صفر. وتأكّد أيضًا من امتلاكك الحقّ المنفرد في تعيين وفصل الشركاء، وافصلهم ما أن يختفي الانسجام؛ فبقاءهم بعد ذلك يُعفّن الشركة أحيانًا إلى حدّ يصعب إصلاحه.


اتَّفقوا على أخلاقيات العمل، بل وعلى الأخلاقيات عمومًا

 لنا جميعًا قيم تُوجّه حياتنا؛ ولا يمكنك بناء شركة مع أشخاص لا يتوافقون مع قيمك. إن كنت نباتيًّا، فسيصعب عليك الاستمتاع بالعمل مع من يصطاد الحيوانات كل عطلة. الأمر ذاته في العمل؛ إذا كنت ترى أنّ الكذب على العملاء أو المستثمرين غير مقبول، فلن تطيق العمل مع من يراه مقبولًا تمامًا.


اطلب المساعدة حين تشعر بالتيه

 تأسيس شركة مليء بالمجهول، وسيكون العمل مع من يفتقرون للقوة النفسية والوعي الذاتي بعيوبهم أمرا مرهقًا؛ لذا ابحث عن دعم سواء من مرشدين أومدرّبين أومعالجين عند الحاجة.

وفي الختام، فإن الصراع بين الشركاء المؤسِّسين حتميّ؛ هذه ليست المخاطرة. المخاطرة هي التظاهر بعدم وجوده. أنجح الثنائيات المؤسِّسة ليست بلا احتكاك، بل تعرف كيف تتجادل دون أن تهدم ما تبنيه.

ذو صلة

لأنّه في نهاية المطاف، شريكك المؤسِّس ليس مجرّد شريك. إنّه الشخص الوحيد على هذا الكوكب الذي وقّع على خوض هذه الرحلة المجنونة نفسها. وإذا تمكّنتم من النجاة من الأوقات القبيحة معًا، فقد قطعتم شوطًا أبعد ممّا يصل إليه معظم الناس.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة