ما هي الميسوفونيا طبيًّا؟
حول اكتشاف هذا المرض المُزعج
عندما يجتمع الغضب والخوف في آنٍ واحد
بعض الناس يُشككون فيما إذا كانت تلك الحالة اضطرابًا حقًا. ولكن المرضى يُعانون في حقيقة الأمر، فلقد مرَّ علينا العديد من حالات طلاق، وآخرون يتركون وظائفهم بسبب هذا الاضطراب. كما أنّ قلة الوعي بهذا الاضطراب وخاصةً للأطفال، يُؤدي إلى تغيرات ملحوظة في سلوكهم. وأيضًا التّسبُب في اضطراب نقص الانتباه، وفرط الحركة، أو حتى مرض التوحد.
الميسوفونيا مرض عقلي واضطراب نفسي جديد
حتى الآن لم يتوصل العلماء لسبب حدوث الميسوفونيا بشكلٍ كاملٍ، إلا أنّهم يعتقدون أنّها تنتُج عن الطريقة التي تُعالج بها أدمغة بعض الأشخاص أصواتًا معينة، وكيفية تفاعلها معًا. في دراسة جديدة نُشرت في السابع عشر من مايو 2019 في Scientific Reports بدورية Nature، قام دينيس وزملاؤه بمُراقبة رُدود أفعال 21 شخصًا مُصابًا بالميسوفونيا و 23 آخرين أصحاء، أثناء مُشاهدتهم مجموعة مِن الفيديوهات التي تحتوي على مقاطع صوتية مُحفزة؛ سواء كانت أصواتًا طبيعية أو أصواتًا مُفتعلة. لاحظ فريق البحث أنّ الأشخاص الذين يُعانون مِن الميسوفونيا استجابوا لتلك الأصوات بطرق مختلفة عن الآخرين. فعند سماعهم لتلك الأصوات، انتابهم شعور مِن عدم الارتياح والغضب والاشمئزاز. كما ارتفعت مُعدلات ضربات القلب لديهم. وعند فحص أدمغتهم بأشعة الرنين المغناطيسي - MRI، أظهرت الفحوصات استجابة عالية ونشاطًا زائدًا عن الطبيعي بالشبكة البارزة في الدماغ - Salience Network، وهي مجموعة من المناطق -بالقشرة المخية- تُساهم في عملية الإدراك وتُوجه انتباهنا إلى أشياء ملحوظة في محيطنا. وأكدّت هذه الدراسة نتائج دراسة سابقة نُشرت في فبراير 2017، كانت قد أظهرت أنّ الأصوات المُحفزة تَسببَت في استجابات -مبالغ فيها إلى حدٍ كبيرٍ- في القشرة الجذرية الأمامية - Anterior Insular Cortex، وهي جزء من الدماغ مسؤول عن مُعالجة العواطف. وأظهرت أنّ الروابط والاتصال العصبي بين مناطق المخ تلك تكون أقوى عند الأشخاص الذين يُعانون من الميسوفونيا مقارنةً بغيرهم. كما أنّها تحتوي على مستوى ميالين أعلى من الشخص العادي. وقد دفعت تلك النتائج العلماء إلى أنَّ الميسوفونيا قد تكون ناتجة عن تفاوت في عمل المحاور والسيالات العصبية بالدماغ. مما أدى إلى تفاوت استجابة المصابين وإدراكهم لأصوات معينة -تبدو عادية لغيرهم- وردود أفعالهم المتفاوتة من قلقٍ وضيقٍ شديدٍ إلى غضبٍ وهياجٍ، والتعامل معها كتعامل الأشخاص الطبيعيين مع صوت زئير أسدٍ على سبيل المثال.ماذا عن طنين الأذن!

مُساهمات نحو العلاج
حتى الآن لا يوجد علاج دوائي خاص بمرض الميسوفونيا يا رفاق. لكن رُبما تنجح أدوية القلق ومضادات الاكتئاب في التخفيف فقط من الأعراض المصاحبة لها. يلجأ الأطباء حاليًا إلى العلاج بالجلسات النفسية، والتي أظهرت نتائج إيجابية واعدة. حيث يُساعد الأطباء المرضى على تعلم إدارة أعراضهم أثناء تعرضهم لإثارة الأصوات، وكيفية السيطرة على غضبهم من خلال تقنيات الإلهاء أو الاسترخاء. وتشمل طرق العلاج: TRT) Tinnitus Retraining Therapy) المُستخدم في علاج طنين الأذن، وأيضًا العلاج المعرفي السلوكي - Cognitive Behavioral. وفي الآونة الأخيرة ظهرت بعض المُبادرات التي عملت على مُساندة ودعم حالات الميسوفونيا حول العالم، وشجعت على إجراء المزيد من الأبحاث لفهم ماهية الميسوفونيا وكيفية علاجها. كان على رأس هذه المبادرات الموقع البريطاني MISOPHONIA UK، وموقع Misophonia Association، مما عمل على زيادة الوعي ونشر المعرفة حول هذا الاضطراب.أنتَ الآن عزيزي القارئ أمام خيارين: إما أنْ تقوم بفهم واستيعاب الحالة للتخفيف مِن حدّتها والتعامل معها، وإما أنْ تَتطور ردود الأفعال من الغضب حتى الميل نحو العزلة والاكتئاب، الأمر الذي سيَزيد الحالة سُوءًا.