تريند 🔥

🤖 AI

“هوليود إفريقيا”.. عن ورزازات التي تُسيل لعاب المخرجين العالميين

"هوليود إفريقيا" ورزازات
عبد الحكيم الرويضي
عبد الحكيم الرويضي

4 د

بضعة شهور من الإغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا، كانت كفيلة بإصابة قطاع صناعة السينما بالشلل التام، وبسبب القيود التي ترافق رفع الإغلاق، لم يكن سهلا استعادة نشاط الإنتاج السينمائي بمدينة ورزازات، الواقعة جنوب شرق المغرب، حيث يوجد أكبر استوديو طبيعي في العالم، ما جعلها قبلة لمخرجين عالمين، فضلوا أن يطلقوا عليها اسم "هوليود أفريقيا".

"هوليود إفريقيا" بلا ضجيج

يستوطن الهدوء وزرزات، فهي لفظة أمازيغية تعني "بدون ضجيج"، على عكس الأفلام التي صورت فيها، حيث يعلو ضجيج الحرب في الفيلم الملحمي عن روما القديمة Gladiator الصادر عام 2000 من إخراج ريدلي سكوت، وقبله شد إليها الرحال ألفريد هيتشكوك حيث صوّر مشاهد من فيلمه "الرجل الذي يعرف كثيرا" سنة 1955.
أما من فتح بوابة المدينة الهادئة على مصراعيها أمام المخرجين العالمين، هو فيلم "لورنس العرب" عام 1962، للمخرج البريطاني ديفيد لين الذي انتقل إلى تصوير مشاهد من الفيلم في قصر "آيت بن حدو" ضواحي ورزازات، بعد تصوير سلسلة من مشاهد الصحراء في وادي رم بالأردن وألميريا الإسبانية.

جمال ورزازات يحبس الانفاس

قصر أو قصبة "آيت بن حدو" هي عبارة عن مجموعة من الأبنية الطينية والمحاطة بالأسوار الدفاعية المعززة بأبراج داعمة، وصنفتها اليونسكو عام 1987 ضمن الإرث الإنساني العالمي الخالد، باعتبارها خير دليل على العمارة الأصيلة في الجنوب الشرقي بالمغرب.
برز هذا القصر البديع الذي يحبس بجماله الأنفاس، في الفيلم الفرنسي- الألماني "أستريكس وأوبليكس: مهمة كليوبترا" عام 2002 للمخرج الجزائري- الفرنسي آلان شبات، وفيلم و"غلادياتور" سالف الذكر، فضلا عن "بابل" عام 2006 من إخراج أليخاندرو غونزالس إناريتو، الذي جمع براد بيت وكايت بلانشيت، ويتكون من ثلاث قصص درامية متكاملة تدور أحداثها في المغرب، اليابان، المكسيك والولايات المتحدة. كذلك فيلم "إنديانا جونس 5" ثم مسلسل "صراع العروش".

تتميز "هوليود إفريقيا" بسحر طبيعتها وتنوع تضاريسها بين الجبال والصحراء والوادي والبحيرات، وطقسها المشمس وزرقة سمائها، الشيء الذي يوفر إنارة طبيعية تُسيل لعاب المخرجين، ومن هنا جاء وصفها بأكبر استوديو طبيعي في العالم، أضف إلى ذلك بنيان هذه المدينة الذي يرسم مشاهد المعالم الحضارية والتاريخية، هذا فضلا عن التنوع الإثني الذي يحتاجه المخرجون لتصوير أفلام تاريخية على وجه الخصوص.

كل ما يلزم إنتاج فيلم سينمائي يوفره الصناع والحرفيون المحليون من مؤثرات تقليدية وملابس وديكورات وتصميم معالم تستحضر بدقة الحضارات القديمة الفرعونية والإغريقية والرومانية والإسلامية، حتى أن السكان المحليين اكتسبوا خبرة فنية وتجربة في العمل السينمائي.
الكثير من سكان ورزازات وضواحيها يشتغلون في صناعة السينما، سواء كممثلين أو تقنيي الديكور والإنارة والصوت والعاملين بالجبص والنجارة والحياكة والبناء والصباغة وركوب الخيل والمجازفات وغيرها مما يلزم تصوير فيلم.


بعد افتتاح معهد المهن السينمائية بالمدينة، أصبح هذا الأخير يوفر سنويا عشرات التقنيين المتمرسين، كما تمتلك المدينة ثلاثة استديوهات تصوير كبرى؛ "كلاس استوديو"،"كان زمان"، و"أوسكار أطلس" الذي صنفته صحفية "الغارديان" ضمن أفضل عشرة استديوهات تصوير عالمية.

رحلة إلى الماضي

الذين لا يعملون في السينما هم أيضا يعيشون أجواءها، وحتى السياح لا يخفون دهشتهم وهم يزورون المتحف السينمائي لأول مرة، عندما يكتشفون أن أفلام حروب حبست أنفاسهم جرى تصويرها بتلك الأراضي الممتدة على سفوح جبال الأطلس.
يحمل المتحف زواره إلى رحلة فريدة تحكي بنفسها عن تاريخ السينما، بدءا من عرضه لآلات تصوير ومعدات صوت وإنارة قديمة، وملابس وعرابات وتماثيل فرعونية وأخرى رومانية، مغارة علي بابا وسجون تحت الأرض، وليس انتهاء بمحكمة الجن وقاعة عرش النبي سليمان.
في ثمانينات القرن الماضي قام مستثمرون إيطاليون بتشييد هذا المبنى البديع على مساحة هكتارين، من أجل تصوير أفلام أجنبية، وبعدما غادروا قررت السلطات المغربية في 2007 تحويله إلى متحف السينما، معززا بذلك إمكانيات "هوليود إفريقيا"

مداخيل وعوامل جذب

وتشكل ورزازات لوحدها تقريبا نصف مداخيل المغرب من صناعة السينما الأجنبية، التي جلبت للبلد ما يفوق 75 مليون دولار أمريكي سنة 2019، حيث بلغ مجموع الإنتاجات السينمائية الأجنبية 21 فيلما، ما يعتبر قفزة نوعية مقارنة مع السنوات الماضية.

ومن عوامل الجذب كذلك التسهيلات التي تقدمها الدولة، بما فيها الإعفاءات الضريبية، وخصومات على تكاليف السفر تمنحها الخطوط الملكية الجوية لنقل الطاقم ومعدات العمل، هذا فضل عن تعاون المؤسسات الحكومية كالجيش والأمن الوطني.
ومن أبرز الأفلام السينمائية الأخرى التي جرى تصويرها في "هوليود إفريقيا"، "شاي في الصحراء" 1990 للإيطالي برناندو برتولوتشي، وفيلم "مائة ألف دولار تحت الشمس" 1963 للفرنسي هنري فيرنوي، ثم "سودوم وجوموري" 1961 للإيطالي سيرجيو ليوني، كما لاذ إليها الأمريكي أوليفر ستون لتصوير فيلم "الإسكندر" الذي يروي حياة الإسكندر المقدوني.

اقرأ أيضًا: أفلام عالمية دارت أحداثها حول تفشي الأوبئة والأمراض

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة