ترامب يثير الجدل مجددًا… أعاد نشر مقطع مزيف يصوّره “ملكًا” يهاجم معارضيه

أراجيك
أراجيك

3 د

في مشهد جديد من سلسلة مقاطع الفيديو المثيرة للجدل، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نشر فيديو مولّد بالذكاء الاصطناعي يُظهره يقود طائرة حربية كُتب عليها «الملك ترامب» وهي تلقي مادة بنية اللون على محتجين في الشوارع. الفيديو، الذي نُشر ليل السبت، بدا كأنه رد ساخر على المظاهرات الواسعة التي خرجت في أنحاء الولايات المتحدة تحت شعار «لا للملوك»؛ احتجاجًا على ما يعتبره المحتجون نزعة سلطوية في رئاسة ترامب الثانية.

ويُظهر المقطع ترامب مرتديًا تاجًا ذهبيًا داخل قمرة القيادة، بينما يبتعد المشهد تدريجيًا ليكشف طائرته وهي تُسقط سائلًا بنيًا على حشود من المتظاهرين في مدينة شبيهة بنيويورك. تثير اللقطات—التي تبلغ نحو تسع عشرة ثانية—نقاشًا واسعًا حول استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التضليل السياسي. وهذا يقود إلى سؤال أعمق عن حدود المسؤولية الأخلاقية في نشر مواد معدّلة رقمياً بهذا الشكل.


انتهاك حقوق الملكية وتأثير الموسيقى في الرسائل السياسية

تضمّن الفيديو مقطعا من أغنية شهيرة موجودة في أحد أفلام الثمانينيات، ما دفع الفنان الأصلي للاعتراض على استخدام موسيقاه من دون إذنه، مؤكّدًا أنه لم يُستشر وكان سيرفض المشاركة أصلًا. وصرّح بأن توظيف فنه في محتوى يهدف إلى تقسيم المجتمع أمر لا يمكن القبول به. يبرز هنا الجدل المتجدد حول استخدام المواد المحمية بحقوق الملكية الفكرية في الدعاية السياسية دون موافقة أصحابها.

وهذا يعمّق النقاش حول ميل حملة ترامب الإلكترونية إلى دمج المقاطع الساخرة والمحتوى التوليدي بهدف التأثير في الرأي العام، وهي استراتيجية أصبحت جزءًا ثابتًا من حضوره الرقمي.


استمرار ظاهرة المقاطع المزيفة في الساحة السياسية

لم يكن هذا الفيديو الأول من نوعه في حساب ترامب؛ فقد سبق أن نشر مقاطع مصطنعة تُظهر شخصيات سياسية مثل زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز بأدوار ساخرة ومسيئة. ورغم الانتقادات، وصف نائب الرئيس جيه دي فانس هذه المقاطع بأنها «مضحكة»، معتبرًا أنها مجرد سخرية سياسية. هذا التباين في ردود الأفعال يعكس الانقسام العميق بين من يرى في تلك المواد أداة ترفيه وحرية تعبير، ومن يعتبرها سلاحًا جديدًا في حرب المعلومات.

ويرتبط ذلك بازدياد اعتماد الحزب الجمهوري وبعض لجانه الإعلامية على الصور والفيديوهات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الإعلانات السياسية، حتى وإن كانت تتضمن إشارة صغيرة تحذّر من كونها «محتوى ذكاء اصطناعي».


احتجاجات «لا للملوك» وتباين المواقف الرسمية

شهدت نهاية الأسبوع مظاهرات حاشدة في جميع الولايات الخمسين، شارك فيها ملايين الأمريكيين تحت شعارات تربط بين التاريخ الثوري للولايات المتحدة ورفض عودة النزعات السلطوية. لافتات كُتب عليها «لا ملوك منذ عام 1776» كانت حاضرة بقوة في الشوارع، في إشارة إلى روح الاستقلال الأولى. في المقابل، قلّل ترامب من شأن الاحتجاجات واصفًا إياها بـ«الفكاهة»، مؤكدًا أنه لا يرى نفسه ملكًا بل «رجلًا يعمل بجد لجعل البلاد عظيمة»، على حد تعبيره.

وهذا يفتح الباب لمقارنة خطاب الرئيس السابق حول القيادة والعمل الوطني مع صورته الرقمية التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، بين مَن يصنعها بالذكاء الاصطناعي ومن يستهلكها دون تمحيص.

بين إبداعات التكنولوجيا الحديثة وحدود الأخلاق السياسية، يقف مقطع ترامب الجديد مثالًا حيًا على قوة الصور المصطنعة في إعادة تشكيل المشهد العام. فبين التحشيد الإلكتروني والاحتجاج الشعبي، يبدو أن المعركة المقبلة في الولايات المتحدة لن تدور فقط في الشوارع أو الكونغرس، بل على شاشات الهواتف، حيث تصنع الخوارزميات الرأي وتعيد رسم الحدود بين الحقيقة والخيال.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.