“من يستثمر اليوم سيقود غدًا”.. السعودية تراهن على الذكاء الاصطناعي كوقود جديد للنمو
3 د
تسعى السعودية لتنويع اقتصادها بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
يشكل الذكاء الاصطناعي 135 مليار دولار من الناتج المحلي بحلول 2030.
انخفضت عائدات النفط إلى 53.
4% من إيرادات الحكومة في 2025.
يزداد دور السياحة في الاقتصاد، مستهدفًا 10% من الناتج المحلي بحلول 2030.
حين نذكر السعودية، أول ما يخطر في البال هو ثروتها الضخمة المستمدة من النفط. لكن يبدو أن المملكة تمضي بخطوات واثقة نحو مستقبل جديد، تنوع فيه مصادر الدخل وتعيد رسم ملامح اقتصادها عبر الاستثمار في قطاعات مبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي والسياحة والرياضة.
أكد خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، في حديث مع قناة CNBC، أن أكثر من نصف الاقتصاد السعودي اليوم – تحديداً 50.6% – أصبح «منفصلاً تماماً» عن النفط، موضحاً أن هذا الرقم في نمو متواصل. وقال إن الإيرادات الحكومية التي كانت تعتمد كلياً تقريباً على النفط، بات 40% منها يأتي من مصادر وقطاعات لا علاقة لها بالنفط الخام، مشيراً إلى رغبة المملكة في تسريع وتيرة التنوع الاقتصادي وتحقيق نمو أكثر استدامة.
هذا التوجه يقودنا إلى أحد المحاور الأكثر أهمية في رؤية المملكة المستقبلية، وهو الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة. فقد أوضح الفالح أن السعودية تنوي أن تكون «مستثمراً أساسياً» في تطوير نماذج اللغة الضخمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب إنشاء مراكز بيانات ضخمة بتكاليف تنافسية غير مسبوقة عالمياً. ويقول الوزير بثقة:
«إن الذكاء الاصطناعي سيحدد ملامح اقتصاد كل دولة في المستقبل. من يستثمر فيه سينطلق، ومن يتأخر سيتراجع»
وهذا يربط بين خطة السعودية التقنية ورغبتها في الاستفادة من فائض الطاقة لديها لجذب استثمارات البنية التحتية الرقمية. فبحسب تقديرات مؤسسة PwC، يمكن أن يضيف الذكاء الاصطناعي أكثر من 135 مليار دولار إلى الناتج المحلي بحلول عام 2030، وهو ما يعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي للابتكار والتقنيات الناشئة.
في السياق ذاته، كشفت تقارير أداء الميزانية للربع الثاني من عام 2025 أن إجمالي إيرادات الحكومة بلغ نحو 565 مليار ريال سعودي (ما يعادل 150 مليار دولار تقريباً)، شكّلت عائدات النفط منها 53.4% فقط، مقارنة بنسبة 68% تقريباً في عام 2019. ويعكس هذا التحول نجاح الجهود الحكومية في تقليل الاعتماد على النفط، خاصة مع النمو الملحوظ للقطاعات غير النفطية التي ارتفعت بنسبة 4.3% العام الماضي رغم تراجع الأنشطة النفطية بنحو 4.5%.
ينسجم هذا التحول كذلك مع الاستراتيجية الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة، الذراع المالية الرئيسة للمملكة، والذي توسع في امتلاك حصص في شركات تكنولوجيا عالمية وناشرين لألعاب الفيديو وأندية كرة القدم، مستفيداً من العوائد النفطية لتغذية قطاعات ذات مستقبل عالمي. ومن أبرز صفقاته استثمار في شركة "إلكترونيك آرتس" وإنشاء صندوق رؤية "سوفت بنك" عام 2017، إضافة إلى استحواذه على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي عام 2021.
وفي الختام، يتضح أن السعودية تسير بخطة واضحة نحو بناء اقتصاد متوازن يتكئ على الابتكار والمعرفة أكثر من النفط، مستثمرة في الذكاء الاصطناعي والسياحة والرياضة لخلق مستقبل اقتصادي مرن ومستدام. هذه الرحلة، كما يبدو، ليست مجرد تحول مالي بل إعادة تعريف لطموح أمة نحو عصر جديد من التنوع والابتكار وفق رؤية المملكة 2030.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.







