هل تعود تقنية التعرف على قزحية العين بقوة مع Iris؟

ملاذ المدني
ملاذ المدني

4 د

خلال مشاركتنا في Global Media Meet-up في سيول، الذي أُقيم في مكاتب Aving News وجمع شركات كورية عميقة التقنية مع وسائل إعلام دولية، كان معظم الحديث يدور حول الذكاء الاصطناعي التوليدي. منصات، نماذج لغوية، وأدوات إنتاج محتوى. لكن وسط هذا الضجيج، لفت انتباهنا مسار مختلف تماماً تقوده شركة كورية تُدعى AJ2، تراهن على تقنية ظنّ كثيرون أنها خرجت من السباق منذ سنوات: Iris Recognition Solutions أو تقنيات التعرف على قزحية العين.


عندما بدأ التعرف على الوجه يفقد مكانته

من واقع متابعتنا لتقنيات الهوية خلال العقد الماضي، كان صعود التعرف على الوجه سريعاً وحاداً. قُدّم كحل شامل لأنه سهل النشر ورخيص نسبياً. لكن مع الاستخدام الواسع، بدأت الشقوق بالظهور. الكمامات عطّلته، الإضاءة أربكته، الصور والفيديوهات المزيّفة خدعته، ومع تطور تقنيات التزييف العميق أصبح من السهل التحايل عليه.

في أوروبا تحديداً، لم يعد الموضوع نقاشاً تقنياً فقط، بل تحوّل إلى ملف تنظيمي ثقيل. القلق من المراقبة الجماعية، وانتهاك الخصوصية، وسوء الاستخدام دفع الجهات التنظيمية إلى تضييق الخناق. النتيجة كانت واضحة. الثقة اهتزّت، والبحث عن بدائل بدأ فعلياً.


قزحية العين: بصمة قوية فشلت تجارياً

علمياً، لم تكن قزحية العين يوماً نقطة ضعف. هي تتشكل في سن مبكرة وتبقى ثابتة طوال الحياة، لا تتأثر بتعابير الوجه أو المكياج، واحتمال تطابقها بين شخصين مختلفين يكاد يكون معدوماً. لكن رغم هذه القوة، فشلت تقنيات Iris Recognition القديمة في الانتشار التجاري.

الأسباب كانت عملية أكثر منها علمية. الحاجة للاقتراب الشديد من الكاميرا، الأداء الضعيف في الإضاءة الخارجية، التكلفة العالية للأجهزة، وتجربة استخدام غير مريحة للمستخدمين. في رأينا، المشكلة لم تكن في الفكرة، بل في التوقيت والتنفيذ.


كيف تعيد AJ2 تعريف Iris Recognition

ما عرضته AJ2 في سيول لم يكن محاولة لترقيع نموذج قديم، بل إعادة بناء كاملة لمنظومة Iris Recognition Solutions من الأساس. الشركة طوّرت العتاد والبرمجيات معاً، ضمن نظام متكامل ومغلق.

الحل يعتمد على:

  • وحدات إضاءة تحت حمراء IR LEDs مطوّرة داخلياً
  • كاميرات مخصصة لالتقاط تفاصيل القزحية بدقة عالية
  • خوارزميات Iris Recognition لا تعتمد على نماذج ذكاء اصطناعي عامة
  • تكامل كامل بين العتاد والبرمجيات، محمي بعدة براءات اختراع

الادعاء الأهم، والذي شدّ انتباهنا فعلاً، هو قدرة التقنية على التعرف على قزحية العين من مسافة متر وحتى ثلاثة أمتار، في الخارج، تحت ضوء الشمس، ومع ارتداء النظارات. من وجهة نظرنا، هذه النقطة وحدها تنقل التقنية من المختبر إلى العالم الحقيقي.


لماذا التوقيت مثالي الآن؟

عودة Iris Recognition ليست صدفة. التعرف على الوجه أصبح مكلفاً سياسياً، والهويات المصنّعة بالذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة، والتنظيمات باتت أكثر صرامة. في هذا المشهد، تقدم حلول AJ2 موقعاً وسطاً نادراً. أدق من التعرف على الوجه، أصعب في التزوير، وأكثر قبولاً تنظيمياً، وأقل تدخلاً من بصمة الإصبع.

في عالم يفقد ثقته بالهوية البصرية، هذا التوازن ليس تفصيلاً، بل شرطاً أساسياً للاستمرار.


من العروض إلى التطبيقات الفعلية

ما عزز قناعتنا أن حديث AJ2 لم يكن نظرياً هو عرضها لتطبيقات واقعية. الشركة تعمل على حلول Iris Recognition مستخدمة أو قيد الاختبار في:

  • مطارات داخل الولايات المتحدة وكندا
  • مناقصات حكومية في سنغافورة
  • نقاشات على مستوى وطني في المكسيك
  • تجارب مدفوعات آمنة في اليابان

ضبط الحدود، المطارات، وأنظمة التحقق عالية الأمان لم تعد وعوداً مستقبلية، بل حالات استخدام نشطة. وهذا في رأينا مؤشر على نضج حقيقي للتقنية.


التحدي التجاري… وهل تم تجاوزه؟

يبقى السؤال الأصعب. التعرف على الوجه رخيص، وقزحية العين تاريخياً ليست كذلك. رد AJ2 كان السيطرة الكاملة على سلسلة التصنيع. تطوير المكونات داخلياً، تقليل استهلاك الطاقة، خفض تكلفة الأجزاء، وإزالة الاعتماد على موردين نادرين.

إذا كانت أرقام الشركة دقيقة، فهي لم تحسّن Iris Recognition فقط، بل أزالت آخر حاجز منع انتشارها الواسع.


ما بعد التقنية

في رأينا، هذه ليست قصة كاميرات أو مستشعرات. إنها قصة ثقة في عصر الذكاء الاصطناعي. عندما تصبح الوجوه سهلة التزييف، وتشتد القوانين، أنظمة الهوية مجبرة على التطور. AJ2 تراهن على أن تقنيات Iris Recognition Solutions، التي تم تجاهلها طويلاً، وجدت أخيراً المكان والوقت المناسبين.

هل ستتحول AJ2 إلى معيار عالمي؟ من المبكر الجزم. لكن المؤكد أن هيمنة التعرف على الوجه لم تعد مضمونة، وأن العين تعود بهدوء وثقة إلى دائرة التركيز.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.