Uniqconn: هل تقترب نهاية الكابلات في أجهزتنا؟

ملاذ المدني
ملاذ المدني

4 د

هل تخيّلت يوماً أن تضع هاتفك على الطاولة فيتصل تلقائياً بالشاشة، بالقرص الصلب، وبالكاميرا، من دون كابل واحد؟ هنا في أراجيك، هذا السؤال لم يعد خيالاً نظرياً، بل احتمالاً تقنياً حقيقياً. خلال مشاركتنا في Global Media Meet-up في كوريا الجنوبية، داخل مكاتب Aving News، صادفنا شركة ناشئة صغيرة نسبياً لكنها تحمل فكرة كبيرة جداً. اسمها Uniqconn، ورسالتها واضحة حد الجرأة: جعل كل الواجهات السلكية لاسلكية، من دون التضحية بالسرعة أو بزمن الاستجابة.

أحد أكثر اللحظات التي علقت معنا كان عندما قال المدير التنفيذي YD Kim بجملة بسيطة ومباشرة: “We make wireline interfaces wireless”. لا شعارات تسويقية معقّدة، فقط وعد تقني صعب التنفيذ. خلال حديثنا معه، شعرنا أننا أمام شركة تفكّر من أساس المشكلة، لا من قشرتها.


Uniqconn ولماذا الكابلات هي المشكلة الحقيقية

Uniqconn تأسست عام 2022 حول سؤال واحد: لماذا ما زلنا بحاجة إلى الكابلات القصيرة؟ Wi-Fi وBluetooth وNFC موجودة، لكن أياً منها لا يقدّم ما يقدّمه كابل USB أو HDMI من حيث السرعة والاستقرار وزمن الاستجابة المنخفض. في رأينا، هذا هو جوهر الابتكار هنا. الشركة لا تحاول تحسين اللاسلكي التقليدي، بل استبدال الكابل نفسه.

YD Kim كان صريحاً لدرجة لافتة عندما قال إن شركته “ليست جذابة” لأنها لا تعمل في الذكاء الاصطناعي بل في RF. لكن الواقع أن العمل على طبقة الاتصال الأساسية في الهاردوير أصعب وأخطر، وربما أكثر تأثيراً. رغم ذلك، نجحت Uniqconn في جمع أكثر من 25 مليون دولار، وتوظيف 47 شخصاً، وفتح مكاتب في الصين واليابان والولايات المتحدة. هذا ليس مسار شركة هواة.


تقنية 60GHz، كابل غير مرئي

قلب هذه الرؤية هو شريحة IC تعمل على نطاق 60GHz، مصنّعة لدى TSMC، وتقدّم سرعة تصل إلى 5Gbps بزمن استجابة شبه معدوم. خلال شرح التقنية، لفتنا بساطتها. لا بروتوكولات معقدة ولا طبقات شبكة. فقط بث مباشر للبتات، تماماً كما يفعل الكابل.

أحد أعضاء فريقنا، وهو مهتم بالهاردوير منذ سنوات، علّق بعد اللقاء قائلاً إن هذه البساطة هي مصدر القوة الحقيقي. كلما قلّ التعقيد، زادت الموثوقية. وهذا ما تؤكده Uniqconn، خصوصاً في البيئات المزدحمة بالإشارات.

المدى الطبيعي للتقنية يتراوح بين 5 و10 سنتيمترات، ويمكن أن يصل إلى مترين مع هوائيات أقوى. قد يبدو الرقم صغيراً، لكن عند التفكير في الاستخدام الفعلي، هاتف ملاصق لشاشة، وحدة تخزين قريبة، أو كاميرا تركّب مغناطيسياً، يصبح الأمر منطقياً جداً. كما قال Kim، في الهواتف الذكية نصف سنتيمتر قد يكون كافياً.


استخدامات عملية وليست نظرية

من أكثر الأمور التي أعجبتنا في Uniqconn هو تركيزها على حالات استخدام واقعية. التقنية يمكن أن تغيّر طريقة تصميم الأجهزة من الأساس. من بين السيناريوهات التي ناقشناها:

  • كاميرات عالية الدقة قابلة للفصل
  • أقراص SSD لاسلكية بلا فقدان سرعة
  • مفصلات لابتوبات من دون أسلاك داخلية
  • وحدات روبوت صناعي قابلة للتبديل
  • هواتف أكثر قابلية للإصلاح والترقية

المقارنة مع NFC حاضرة دائماً، لكنها مقارنة غير عادلة. NFC يعمل بالكيلوبِت، بينما Uniqconn تتحدث عن جيجابت. الفرق ليس في الدرجة بل في العالم نفسه.

في رأينا، هذا قد يعيد إحياء فكرة الأجهزة المعيارية التي فشلت سابقاً، ليس لأن الفكرة سيئة، بل لأن التقنية لم تكن جاهزة.


من المختبر إلى الإنتاج التجاري

بعد ثلاث سنوات من التطوير، وصلت Uniqconn إلى مرحلة حاسمة. الإنتاج الضخم بدأ فعلاً، مع تصنيع مليون شريحة حالياً. هذا الرقم مهم لأنه يسمح باختبار التحمل والحرارة والعمر الافتراضي على نطاق واسع. التسليمات الأولى متوقعة في يناير.

الشركة لديها بالفعل عملاء من شركات هواتف ولابتوبات كبرى، لكن أسماءهم محجوبة باتفاقيات سرية. ما نعرفه هو أن منتجين سيتم عرضهما في CES قريباً. وهنا، بصراحة، نحن متحمسون لنرى كيف سيبدو “العالم بلا منافذ” على أرض الواقع.

الدعم الحكومي الكوري للشركات fabless يلعب دوراً مهماً أيضاً. من دون هذا النوع من الدعم، من الصعب على شركة هاردوير ناشئة أن تنافس عالمياً.


هل نحن فعلاً أمام نهاية المنافذ؟

عند مغادرتنا Aving News، كان النقاش داخل فريق أراجيك واضحاً. إذا نجحت Uniqconn، لن تختفي الكابلات فجأة، لكن طريقة تفكيرنا في الاتصال ستتغير. أجهزة أسهل إصلاحاً، أقل هشاشة، وأكثر مرونة.

ذو صلة

نحن نعتقد أن الابتكار الحقيقي لا يكون دائماً صاخباً أو مدعوماً بضجة إعلامية. أحياناً، يأتي من شركة “غير جذابة” تقنياً، لكنها تحل مشكلة أساسية أهملناها لسنوات. Uniqconn قد لا تغيّر العالم غداً، لكنها بالتأكيد تضع أول لبنة في عالم أقل ازدحاماً بالكابلات، وأكثر ذكاءً في الاتصال.

والسؤال الآن ليس هل يمكننا العيش من دون كابلات، بل متى سنفعل ذلك فعلاً.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة