ذكاء اصطناعي

أخطأ داروين؟… سحلية تكسر قوانين الفيزياء وتمشي فوق الماء

ملاذ المدني
ملاذ المدني

2 د

تعيش سحلية البازيليسك في غابات أمريكا الوسطى والجنوبية المطرية والمستنقعات الضبابية.

تُعرف بقدرتها على الجري فوق الماء باستخدام أرجلها الخلفية القوية وأصابعها الطويلة.

السحلية تهرب من المفترسين بخلق فقاعات هواء تحت أصابعها أثناء الجري.

تضع الإناث بيوضها قرب الماء، ويولد الصغار بقدرات تؤهلهم للنجاة.

تلعب دورًا في التوازن البيئي وتواجه خطر فقدان مواطنها الطبيعية.

تخيل أنك تتنزه في أحد غابات أمريكا الوسطى أو الجنوبية، وفجأة تلمح سحلية صغيرة تجري على صفحة الماء بسرعة وخفة، كأنها تتحدى قوانين الطبيعة! هذه ليست خدعة بصرية، بل هي معجزة حقيقية تنفذها سحلية البازيليسك، التي اشتهرت بلقب "سحلية المسيح" بفضل قدرتها العجيبة على السباحة فوق المياه كما لو كانت تمشي على اليابسة.

من البرازيل حتى كوستا ريكا، تعيش هذه السحاليات الرشيقة في أحضان الغابات المطرية الكثيفة والمستنقعات الضبابية. تنتمي سحلية البازيليسك إلى عائلة الزواحف، وتتميز بجسم طويل وذيل قد يصل طوله مع الجسد إلى قرابة المتر، أما ألوانها فمنها الأخضر اللامع المزخرف بخطوط زرقاء، ومنها البني أو الزيتوني الذي يمنحها تمويهاً مثالياً في الغابات.

المثير هنا أن أجسام البازيليسك مزوّدة بأرجل خلفية قوية وأصابع طويلة محاطة بغشاء جلدي رقيق، ما يمنحها القدرة على الجري بسرعة فائقة فوق الماء. حين تلمس قدما السحلية سطح البحيرة، تخلق فقاعات صغيرة من الهواء تحت أصابعها، وتستعين بقوتها في القفز والاندفاع، فتختصر المسافة قبل أن تلجأ للسباحة إذا اضطرها الأمر. بهذا الأسلوب العبقري، تستطيع البازيليسك الإفلات من الثعابين أو الطيور المفترسة.

وبالحديث عن الحياة الاجتماعية، ننتقل إلى جانب فريد من عالم البازيليسك. فهذه الكائنات غالباً ما تعيش منفردة وتفضل التجول قرب الأنهار وبين الأشجار الكثيفة. الذكور خاصة يُظهرون سلوكاً تنافسياً في موسم التزاوج، إذ يرفعون رؤوسهم ويتبخترون لاستعراض الزوائد والقشور الملونة على ظهورهم لجذب الإناث. أما الإناث، فهي أقل عدائية وغالباً ما تتنقل بحرية بين حدود الذكور.

بالانتقال إلى التكاثر، تضع أنثى البازيليسك بيوضها في حفر قريبة من مصادر المياه وتتركها حتى تفقس. الصغار يولدون بقدرات مكتملة تؤهلهم للنجاة وإتقان فنون الفرار من الصيد، ويعتمدون في البداية على الحشرات الغنية بالبروتين، ثم يتحولون مع النضج إلى نظام غذائي أكثر تنوعاً ليشمل الفاكهة والزهور وحتى الأسماك الصغيرة أو الضفادع أحياناً.

ذو صلة

وهذا يقودنا إلى دور البازيليسك في توازن النظام البيئي. فهي ليست مجرد ظاهرة فريدة، بل تلعب دوراً فعالاً في مكافحة الحشرات ونقل بذور النباتات عبر تنقلها المستمر. ومع ذلك، تظل هذه الكائنات في مواجهة خطر فقدان مواطنها الطبيعية بسبب الزحف العمراني وقطع الغابات، ما يدفع علماء البيئة لرفع صوتهم مطالبين بحماية المناطق الاستوائية للحفاظ على هذه النماذج المذهلة من الزواحف.

في نهاية المطاف، تجمع سحلية البازيليسك بين حداثة الشكل وغرابة السلوك، وتمثل إحدى عجائب الطبيعة التي تذكر الإنسان بمدى التميز والتنوع في الكائنات الحية. وبينما تواصل هذه السحلية سباقها فوق سطح الماء، يبقى الحفاظ على بيئتها مسؤولية يشترك فيها الجميع، لتظل رمزاً للحيوية والدهشة في البراري الخضراء.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة