إيلون ماسك يطلق Grokipedia رسميًا… ليست مجرد موسوعة، إنها مشروع أيديولوجي بلغة الخوارزميات
3 د
إيلون ماسك يطلق "غروكيبيديا" كموسوعة ذكاء اصطناعي تنافس ويكيبيديا.
الموسوعة تعتمد على الذكاء الاصطناعي "غروك" دون تدخل بشري مباشر.
المستخدمون لا يمكنهم التحرير، يمكنهم فقط تقديم طلبات للتعديل.
غروكيبيديا اتُهمت باستنساخ محتوى من ويكيبيديا وتنويه بتراخيص.
مؤسسة ويكيميديا تؤكد أن المعرفة ستظل من صنع الإنسان.
في خطوة أثارت ضجة واسعة على الإنترنت، كشف إيلون ماسك ليل الاثنين عن مشروعه الجديد «غروكيبيديا»، وهي موسوعة رقمية تعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي لتوليد محتواها، وتهدف – حسب قوله – إلى تقديم «الحقّ الكامل ولا شيء سواه». المبادرة تأتي لتكون بديلاً عن ويكيبيديا، التي يتهمها ماسك وأنصاره منذ فترة بأنها منحازة فكرياً وتميل نحو ما يعتبرونه «التيار المستيقظ» أو «الووك».
وبحسب ما نشره ماسك على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، فإن الإصدار التجريبي المسمّى «النسخة 0.1» أصبح متاحاً بالفعل، مع وعد بأن النسخة النهائية «ستكون أفضل بعشر مرات». اعتمد المشروع على نموذج الذكاء الصناعي «غروك» التابع لشركة xAI المملوكة لماسك، ويقوم هذا النظام بكتابة المقالات والتحقق منها آلياً دون تدخل بشري مباشر.
تضم غروكيبيديا عند الإطلاق أكثر من 885 ألف مقال، وهو رقم كبير لكنه يظل أقل بكثير من نحو سبعة ملايين مقالة تحتضنها ويكيبيديا. غير أن الفارق الأهم هو أن موسوعة ماسك لا تسمح للمستخدمين بالتعديل أو التحرير الحر كما هو الحال في ويكيبيديا. وأوضح الملياردير الأميركي أن المستخدم يستطيع فقط أن «يطلب من غروك إضافة أو تعديل أو حذف مقال»، فيقرر النظام تنفيذ الطلب أو يرفضه موضحاً الأسباب.
هذا يفتح الباب للحديث عن طبيعة «التحكم» في المعرفة الرقمية، فبينما تراهن ويكيبيديا على مساهمة المجتمع الرقمي في الإشراف، يختار ماسك نموذجاً مركزياً يُديره الذكاء الاصطناعي بدلاً من البشر.
سريعاً ظهرت ملاحظات بشأن تشابه واضح بين مقالات غروكيبيديا ومحتوى ويكيبيديا. فالكثير من صفحاتها تحتوي على تنويه أسفلها يشير إلى أن «المحتوى مقتبس من ويكيبيديا بموجب ترخيص المشاع الإبداعي». وأكدت تقارير تقنية أن بعض الصفحات الخاصة بعلامات تجارية وأسماء شهيرة مثل «لامبورغيني» و«بلاي ستيشن 5» و«إيه إم دي» تكاد تكون نسخاً مطابقة لمثيلاتها الأصلية في ويكيبيديا.
وأوضح ماسك أنه على دراية بذلك، مشيراً إلى أن المشكلة «ستُحل بنهاية العام»، في إشارة إلى سعيه لفصل القاعدة المعلوماتية الجديدة عن اعتمادها الكبير على ويكيبيديا.
وفي رد رسمي على إطلاق غروكيبيديا، أكدت مؤسسة ويكيميديا – الجهة غير الربحية التي تدير ويكيبيديا – أن «المعرفة في ويكيبيديا ستظل دائماً من صنع الإنسان»، مضيفة أن شركات الذكاء الاصطناعي بما فيها مشروع ماسك تستند في الأصل إلى هذه المعرفة البشرية لتدريب نماذجها وصناعة محتواها. كما شددت على أن تجارب إنشاء موسوعات بديلة حدثت كثيراً «لكنها لا تؤثر على رسالتنا ولا على عملنا المستمر في نشر معرفة حرة ومفتوحة للعالم».
وهذا يربط بين التحدي القائم حالياً ومستقبل العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والمصادر المفتوحة، إذ يثير سؤالاً محورياً حول من يملك المعرفة العامة ومن يحق له إعادة استخدامها وتوليدها.
يرى متابعون أن «غروكيبيديا» تمثل امتداداً لطموح ماسك في بناء نظام معلوماتي موازٍ لتلك المنصات التي ينتقدها بشدة، بدءاً من الإعلام التقليدي وصولاً إلى موسوعات الإنترنت. ويعتقد البعض أن الهدف من المشروع يتجاوز مجرد الموسوعة ليكون جزءاً من منظومة xAI الأوسع في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تنافس لاعبين كباراً مثل «أوبن إيه آي» و«أنثروبيك» و«غوغل ديب مايند»
لكن يبقى التحدي الفعلي في قدرة هذا النظام على التوازن بين السرعة في توليد المحتوى والدقة في الالتزام بالحقائق، خصوصاً أن المعرفة الإنسانية بطبيعتها تراكمية ومتنوعة الآراء.
سواء كانت «غروكيبيديا» ثورة معرفية جديدة أم تجربة تقنية عابرة، فهي بلا شك تعكس اتجاهاً متزايداً نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في صياغة المعلومات. ومع استمرار الجدل بين ماسك ومؤسسة ويكيميديا حول النزاهة والحياد، يبدو أن معركة «المعرفة الحرة» تدخل مرحلة جديدة يختلط فيها الإبداع العلمي بالطموح الشخصي والجدل الأخلاقي حول من يصوغ الحقيقة الرقمية في عصر الخوارزميات.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.


