ذكاء اصطناعي

بلاستيك صديق للمحيطات… يذوب بلا أثر

ملاذ المدني
ملاذ المدني

3 د

أعلن باحثون يابانيون عن تطوير بلاستيك يتحلل في مياه البحر خلال ساعات فقط.

يمثل هذا الابتكار حلاً عبقرياً لمشكلة تلوث البحار بالبلاستيك التقليدي.

يمكن للكائنات الدقيقة في البحر تكسير البلاستيك الجديد دون ترك مخلفات ضارة.

يفتح آفاقاً لتطبيقات متنوعة صديقة للبيئة في التغليف والاستخدامات الطبية.

يمثل لحظة فارقة في مواجهة التلوث البلاستيكي وتعزيز الاقتصاد الدائري عالميًا.

في خطوة واعدة قد تعيد الأمل إلى البحار والمحيطات حول العالم، أعلن فريق من الباحثين في اليابان عن تطوير نوع جديد من البلاستيك يتحلل بسرعة مذهلة في مياه البحر، حيث يذوب خلال ساعات معدودة فقط. هذا الابتكار العلمي يمثل منعطفاً في مسار مكافحة تلوث البلاستيك، وهو إحدى أكثر مشكلات البيئة إلحاحاً في عصرنا، والتي تضر النظام البيئي البحري وتؤذي الحياة البرية والأسماك.

منذ عقود، اعتُبر البلاستيك العدو اللدود للمحيطات، فمنتجات مثل الأكياس، والزجاجات، ومستحضرات التغليف، تصمد لعشرات وربما لآلاف السنين دون تفكك، مما يخلق ما يسمى جزر البلاستيك العائمة ويعقد حياة الكائنات البحرية التي تبتلعها أو تختنق بها. لذلك، جذبت أنباء البلاستيك الياباني سريع التحلل—الذي يمكن أن يختفي تماماً في بيئة مياه البحر خلال ساعات قليلة—أنظار خبراء البيئة وصناع السياسات على حد سواء، لما يحمله من حل عبقري لمشكلة تراكم النفايات والتي طالما أرهقت حكومات ومدناً بأسرها.

وهذا التطور الاستثنائي، يفتح الباب أيضاً لفهم أعمق للدور الذي يمكن أن تلعبه صناعة المواد في حماية البيئة البحرية. يوضح الباحثون أن هذا البلاستيك الجديد صُمم كي يكون قابلاً للتحلل الحيوي، بمعنى أن الكائنات الدقيقة في البحر قادرة على تكسيره دون مخلفات أو مركبات سامة تضر دورة الحياة البحرية. وقد خضع المنتج للعديد من التجارب الصارمة لضمان ذوبانه الكامل حتى في درجات الحرارة والأملاح المختلفة التي تتميز بها البيئات الساحلية.


آفاق واسعة للتطبيق ومواجهة تلوث البحار

ويأتي هذا الإنجاز بينما تتزايد الضغوط الدولية تجاه التخلص من المنتجات البلاستيكية التقليدية التي يصعب إعادة تدويرها أو تفكيكها. إذ يتيح البلاستيك الياباني الجديد بدائل واقعية وصديقة للبيئة، يمكن استخدامها في أغراض التغليف، وصناعة الأدوات أحادية الاستعمال، وتغليف الأطعمة، بالإضافة للاستعمالات الطبية والبحثية. ويبدو أن هذه التقنية ستكون نقطة انطلاق لثورة صناعية خضراء حقيقية في عالم صناعة البلاستيك، حيث يتوقع الخبراء أن نشهد خلال السنوات القادمة توجهاً عالمياً متزايداً لتبني المواد القابلة للتحلل سريعاً ومواجهة الآثار الكارثية للنفايات البلاستيكية الملقاة في الأنهار والمحيطات.

هذه الخطوة تلهم الكثير من المبادرات في الدول والمجتمعات الساحلية التي تعاني سنوياً من آثار التلوث البلاستيكي، وتكافح لتنظيف شواطئها وممراتها المائية من أكياس وقناني البلاستيك المتناثرة. ومع الانتشار العالمي المتوقع لهذا الابتكار الياباني، سيصبح من الممكن حماية الشعاب المرجانية والثروة السمكية وأعداد لا تحصى من الطيور والدلافين والسلاحف التي توشك على الهلاك بسبب ابتلاع البلاستيك.

ذو صلة

لربط كل ذلك بالمشهد البيئي العالمي، من الجدير بالذكر أن قصة البلاستيك الياباني القابل للتحلل ليست معزولة عن سياق أوسع من الجهود الدولية الهادفة إلى تعزيز الاقتصاد الدائري، وتقليل الاعتماد على المواد ذات العمر الطويل، وتشجيع البحث والتطوير في المجال البيئي والصناعات المستدامة. كل ذلك يساعد على خلق وعي أكبر بضرورة تغيير أنماط الاستهلاك والنظر إلى المواد الاستهلاكية بعيون تضع البيئة في الحسبان.

في المجمل، يمثل تطوير هذا النوع من البلاستيك لحظة فارقة في معركة البشرية ضد موجات التلوث البلاستيكي التي اجتاحت البحار والمحيطات. يبقى أن نرى كيف ستنجح الشركات والحكومات حول العالم في احتضان هذا الابتكار وتحويله إلى سياسات عملية تؤدي في النهاية إلى محيطات أنظف وكوكب أكثر توازناً وصحة. يعد هذا التقدم العلمي الياباني ليس فقط حلاً تقنياً، بل أيضاً دعوة أمل لمستقبل تتضافر فيه المعرفة، والابتكار، والوعي البيئي من أجل عالم أفضل للجميع.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة