بكلمة واحدة فقط، ضاعت 91 مليون دولار من بيتكوين… هل الثقة أخطر من الاختراق؟
3 د
فقد مستثمر كبير 91.
4 مليون دولار بيتكوين في عملية احتيال عبر الهندسة الاجتماعية.
انتحل محتال شخصية دعم فني لإحدى المحفظات للحصول على بيانات دخول المستثمر.
استخدم السارق محفظة واسابي لإخفاء أثر الأموال المسروقة باستخدام خلط العملات.
تتكرر مثل هذه الهجمات في عالم العملات الرقمية، مما يستلزم وعيًا ويقظة أكبر.
الهندسة الاجتماعية تستغل ثقة الضحايا عبر تواصل يبدو رسميًا، معتمدًا على خداع الأفراد.
بين عشيةٍ وضحاها، تلقى مجتمع العملات الرقمية صدمة جديدة بعد تعرض مستثمر كبير لخسارة هائلة بلغت قيمتها حوالي 91.4 مليون دولار أمريكي من عملة بيتكوين، إثر عملية احتيال معقدة عبر الهندسة الاجتماعية. هذه الحادثة التي كشف عنها المحقق الشهير "زاك إكس بي تي" تعيد إلى الواجهة الأحاديث عن خطورة الاستهداف الرقمي، خاصةً في عالم العملات المشفرة الذي تتزايد فيه الابتكارات، لكن لا تغيب عنه المخاطر.
في مساء يوم 19 أغسطس، وقع الضحية في شباك مخادع ادعى أنه موظف دعم فني لإحدى محافظ الأجهزة المستخدمة في حماية العملات الرقمية. بثقة واطمئنان، سلّم المستثمر بيانات الدخول الخاصة بمحفظته، وهنا كانت لحظة الانقضاض؛ إذ سارع المحتال إلى تحويل 783 وحدة بيتكوين دفعة واحدة، ليخسر الضحية أحد أكبر أرصدته الرقمية المسجلة لهذا العام. هذا النوع من الخدع الرقمية – أو ما يُعرف بالهندسة الاجتماعية – أصبح مؤخراً الصيحة الأبرز بين أساليب الاحتيال الإلكتروني، حيث يعتمد على خداع الأفراد بدلاً من اختراق الأنظمة التقنية نفسها.
مع احتدام النقاش حول تصاعد الهجمات الإلكترونية التي تطال سوق العملات الرقمية هذا العام، تبيّن أن هذا النوع من الاحتيال ليس حالة نادرة. بل إن خسائر المستثمرين بسبب السرقات الرقمية والاحتيال تخطّت حاجز 3.1 مليار دولار منذ مطلع 2025 فقط، في سلسلة هجمات تشمل خدع الدعم الفني، هجمات التصيد، واستغلال ثغرات المحافظ الرقمية. هذا السياق يضع الجميع أمام تحديات أمنية ضخمة تتطلب انتباهاً أعلى وتوعية أعمق لدى مستخدمي البيتكوين، الإيثريوم، وأصول الكريبتو بوجه عام.
مسارات غسيل الأموال: أدوات لتغبيش الأثر
لا يتوقف المخططون وراء هذه الجرائم عند حدود تحويل الأموال فحسب، بل يسيرون بها عبر مسارات معقدة لإخفاء آثارهم. في هذه الواقعة، أظهر تحليل سلسلة الكتل أن السارق عمد إلى إرسال كميات متفرقة من البيتكوين المسروق نحو "محفظة واسابي" – وهي أداة معروفة للخصوصية تتيح إجراء معاملات مجهولة الهوية بهدف تعقيد عملية التتبع. تنتشر مثل هذه الأدوات بين أوساط السارقين ومبيضي الأموال الرقمية، إذ يُستخدم ما يُسمى "خلط العملات" لتضليل السلطات وتعقيد جهود ملاحقة الضحايا لأرصدة بيتكوينهم المفقودة.
ومن المدهش أن هذا الهجوم جاء بعد عامٍ كامل من حادثة سرقة ضخمة أسفرت عن فقدان 243 مليون دولار من حسابات دائني شركة "جينيسيس"، التي هزت القطاع مؤسسية وأحضرت الشرطة الأمريكية إلى القبض على 12 متورطاً في ولاية كاليفورنيا. إذن، تتعاقب الهجمات والأنماط الإجرامية، ويتفنن المحتالون في كل مرة باستغلال الثغرات التقنية والبشرية لتحقيق مآربهم.
انطلاقاً من هذا التسلسل، تتعمق مخاوف المستثمرين القدامى والجدد على حد سواء، إذ يدركون أن حماية الأصول الرقمية لا تقتصر فقط على اختيار محافظ قوية أو كلمات مرور معقدة فحسب، بل تتعلق أيضاً باليقظة من أي محاولة تصيد أو تواصل غير معتاد حتى من جهات تبدو رسمية.
حقيقة الهندسة الاجتماعية: الإنسان هو الحلقة الأضعف
ربما يعتقد البعض أن اختراق المحفظات الرقمية يتطلب مهارات برمجية خارقة أو معدات متطورة، لكن الواقع يشير إلى أن معظم الهجمات الكبرى اعتمدت في الأساس على "الهندسة الاجتماعية". المقصود هنا هو استغلال ثقة الضحية عبر رسائل متقنة أو مكالمات هاتفية تبدو ودودة ورسمية، تقنعه بتسليم بيانات سرية أو الضغط على روابط خبيثة تفضي إلى فقدان الثروة الرقمية خلال لحظات.
وبعد استعراض هذه الحادثة-نجد أنفسنا أمام درس متجدد يدمج بين المفاهيم التقنيات الأساسية مثل البلوكشين، المفاتيح الخاصة، المحافظ الباردة، وعمليات الخلط، ويكشف أن كل هذه الأدوات مهما بلغت من تعقيد تبقى بحاجة لدرع الحذر والسلوك الواعي من طرف المستخدم.
في النهاية، يكمن جوهر الأمن الرقمي في مزيج من الوعي، الحذر، وتحديث الممارسات باستمرار لمواجهة التطورات المستمرة في عالم الاحتيال الإلكتروني المرتبط بالعملات المشفرة. ورغم أن التقنيات الأمنية تتطور يوماً بعد يوم، إلا أن المخادعين لا يتوقفون عن ابتكار وسائل جديدة تصطاد الضحايا عند أول غفلة. لذا، يبقى الدرس الأبدي: كن صديقاً لعقلك، وتحقق من كل تواصل، فأموال الكريبتو تليق بالحريصين فقط.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.