نجم يموت… ويترك لنا خريطة حياته
3 د
اكتشاف جديد يكشف تفاصيل غير مسبوقة داخل نجم ينفجر، سوبرنوفا 2021yfj.
تمكن العلماء من دراسة طبقات النجم الداخلية بعد اختفاء غلافه الخارجي.
يشير الاكتشاف إلى أن ترتيب طبقات النجوم يمكن أن يختلف عما كان يُعتقد سابقًا.
يثير الكشف تساؤلات حول كيفية فقدان النجم لطبقاته وتفاعله مع نجوم أخرى.
يمثل ذلك خطوة مهمة لفهم حياة وموت النجوم وتطور العناصر في الكون.
تخيل أن تسنح لك الفرصة لترى أحشاء نجم عظيم لحظة انفجاره! هذا ما حققه فريق علماء حديثاً، ليقدم لنا أول نظرة قريبة على ما يحدث داخل نجم عملاق يحتضر، معيدين بذلك كتابة بعض مفاهيمنا حول الحياة والموت الكونيين للنجوم.
من المعروف أن النجمة تمر بمراحل طويلة من التطور، حيث تستمر في الحياة ملايين أو حتى تريليونات السنين، لكن نهايتها غالباً ما تكون مدوية. فعندما ينضب الوقود النووي بداخلها، خاصة في النجوم الضخمة، ينتهي بها المطاف بانفجار مذهل يُعرف باسم المستعر الأعظم أو السوبرنوفا. إلى هنا، قد يبدو الأمر مألوفاً لعشاق أخبار الفلك، لكن الجديد في هذا الاكتشاف يكمن في ما رآه العلماء داخل هذا الانفجار الكوني.
رؤية غير مسبوقة داخل النجم المنفجر
عادةً ما ترصد التلسكوبات هذه الانفجارات من مسافات هائلة، ويصعب على الباحثين رسم صورة واضحة لطبقات النجم الداخلية لأن موجات الانفجار تمزج العناصر وتخفي ترتيبها الأصلي. لكن انفجار سوبرنوفا 2021yfj، الذي وقع داخل مجرة درب التبانة، كان استثنائياً. فقد تمكن العلماء من رصد طبقات النجم الداخلية كما لم يسبق لهم من قبل، والسبب أن الغلاف الخارجي لهذا النجم — المؤلف من الهيدروجين والهيليوم — كان قد اختفى منذ فترة طويلة قبل الانفجار. المدهش أكثر أن الطبقات الكثيفة في الداخل، تحديداً تلك المكونة من السيليكون والكبريت، انطلقت أيضاً مع الانفجار، كاشفة عن البنية الحقيقية للنجم طوال عمره.
هذا الكشف الفريد يسمح للعلماء بمراجعة تصوراتهم حول تركيب النجوم الهائلة، خاصةً أن الافتراض السائد أن الطبقات تكون مرتبة من العناصر الأخف في الخارج إلى الأثقل في الداخل. إذن، فهذه الملاحظة لم تؤكد ترتيب الطبقات فحسب، بل كشفت تفاصيل جديدة قد تغير طريقة فهمنا لدورة حياة النجوم.
انتقالاً من البنية إلى السبب، هذا الربط بين تفاصيل انفجار 2021yfj وتركيب النجم الداخلي يفتح حواراً بين الظواهر التي تؤدي إلى تجرد النجم من طبقاته.
ألغاز حول كيف "تعرّى" هذا النجم
يظل هناك سؤال مُحيّر: كيف خسر هذا النجم طبقاته بتلك الدرجة؟ هل حدث ذلك بسبب تفاعلات عنيفة (كرياح نجمية قوية) في نهاية عمره، أم ربما بفعل تفاعل مع شريك — نجم آخر قريب جذب تلك الطبقات إليه؟ على الرغم من الاحتمالات المثيرة، ما زال العلماء يبحثون عن إجابة حاسمة، ويدركون أن التقاط مشهد كهذا قد لا يتكرر بسهولة، ما يضفي على هذا الرصد طابعاً فريداً من نوعه في علم الفيزياء الفلكية.
بالنظر إلى أهمية حدث كهذا، لن يكون مستغرباً أن تستمر الدراسات حول المستعرات العظمى وديناميكاها وطرق اكتشافها، وصولاً إلى فهم مصير تلك النجوم العملاقة: هل ستنتهي كثقوب سوداء أو كنجوم نيوترونية؟
رؤية علمية جديدة لعمر الكون
ولعل ما يجعل هذا الاكتشاف مميزاً هو أنه يؤيد تصورات العلماء عن الطابع الطبقي للنجوم الضخمة، ويدعم فهمنا لإعادة توزيع العناصر الأساسية في الكون بعد الإنفجار العظيم. إن تحلل المواد الثقيلة (مثل السيليكون والكبريت) وانتشارها في الفضاء الكوني يعيد إخصاب السحب الغازية الأولية، منطلقاً بنا في حلقة الحياة والموت للنجوم.
وفي الختام، يمكن القول إن فرصة التطلع نحو جوف نجم يحتضر، كما حدث مع سوبرنوفا 2021yfj، تمثل فصلاً جديداً في علم الفلك الحديث وتبشّر بفهم أعمق لدورة حياة المجرات وتطور عناصرها، لتظل الانفجارات النجمية مفتاح أسرار نشأة الكون وتجدده الدائم.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.