تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

الغرب يشكك والعرب يصدق.. لماذا نحن الجمهور المصفّق لكل شيء؟

نغم حسن
نغم حسن

6 د

في عالمنا العربي، يكفي أن تولد بشعر أشقر وعينين زرقاوتين حتى تُفتح لك الكثير من الأبواب الموصدة في وجه غيرك من عامة الشعب "الأسمر"، إن كنت فتاةً يكفي أن يكون لك بشرة غامقة حتى يحدد شكل مستقبلك ونوعية زواجك بالنسبة للكثير من نساء الحي. اسأل نفسي كثيرًا كيف أصبح العربي"المعاصر"صغيرًا في عين نفسه، من أفقده جماله وأصالته القديمة؟ 

كان العربي القديم يتباهى بفروسيته ونبله، وكان البدوي يتغنى بالأعين الحوراء والرقبة الطويلة الشامخة وسحر الشعر والبشرة السمراء. أين الكحل والمسك والبخور والعود؟  كامرأة عربية فإن كل ما عليكي هو  أن تخلعي العباية وترتدي الجينز الأمريكي وأن تسحبي لون شعرك وتستبدلي نصف كلامك العربي بمفردات غربية حتى يقال عنك"متحضرة".

كم مر على العربي سنين من العبودية والقهر والاستعمار حتى تراكم في الوعي الجمعي عند الناس هذه الصورة الدونية عن أنفسهم؟ لم تقف عقدة الخواجا عند حدود الشكل واللباس بل شملت للأسف  كل مناحي الحياة. ومن عادة الغربي أنه يستغل كل شيء لمصلحته الخاصة، فمرر العديد من الأكاذيب "حسب زعم الكثير من الناس" ليثبت تفوقه ونبوغه على باقي الشعوب، ويبرر سيطرته على مواردهم ومن بعض هذه الأمور هبوط الإنسان على سطح القمر 


الغرب ينكر موضوع الهبوط على القمر!

إلى يومنا هذا والإنسان العربي مقتنع بفكرة هبوط الإنسان على القمر. يكفي أن تقول أن وكالة ناسا ذلك حتى يصبح حقيقة علمية لا غبار عليها لكن للغرب رأي ٱخر. فقد ازدهر الإيمان بمؤامرة خدعة القمر منذ عام 1969. بين المؤمنين بأحداث 11 سبتمبر، ومناهضي التطعيمات، والمروجين للكيماويات، والمؤمنين بالأرض المسطحة، ومنكري الهولوكوست، والمؤيدين لمؤامرة ساندي هوك، لم تعد فكرة الهبوط على القمر حقيقة مزيفة، بل أصبحت مجرد أمر مسلم به.

بدأت الشكوك تظهر في البداية كمجرد "تخمينات"، لكنها مع مرور الوقت أصبحت "اقتناعًا راسخًا" بأن الولايات المتحدة لم تكن تمتلك التقنية المتقدمة للهبوط على القمر، أو على الأقل الهبوط والعودة بسلام. وكان كايسينج قد شارك في الماضي ببرنامج الفضاء الأمريكي من 1956 حتى 1963، حيث عمل في شركة Rocketdyne المسؤولة عن تصميم محركات الصواريخ Saturn V. وفي عام 1976، نشر  كتيب بعنوان "لم نذهب أبدًا إلى القمر: الخدعة الأمريكية بقيمة ثلاثين مليار دولار".

 عام 1980، اتهمت جمعية الأرض المسطحة وكالة ناسا بتزييف الهبوط، محاججةً بأن الهبوطات نُظمت في استديوهات هوليوود وبرعاية والت ديزني.

ماركوس ألين، ناشر نيكسوس البريطاني، قال إن صور الهبوط لا تثبت أن الولايات المتحدة وضعت رجالًا على القمر، وأن الوصول الفعلي إلى القمر ليس مشكلةً حقيقة، فالروس وصلوا إلى هناك عام 1959. وأن المشكلة الكبرى تكمن في إيصال البشر إلى هناك. واقترح ألين أن ناسا أرسلت مهمة روبوتية لأن مستويات الإشعاع في الفضاء الخارجي مميتة.

وقد اتضح أن الشعب البريطاني يحب نظريات المؤامرة أيضًا. ففي العام الماضي، رحب البرنامج التلفزيوني النهاري "هذا الصباح" بضيف صرّح بعدم إمكانية أحد أن يمشي على القمر لأنه عنصر مضيئ. كما يعتقد أوليفر مورتون، مؤلف كتاب "القمر: تاريخ من أجل المستقبل" أنه كان الهدف من نظرية خدعة القمر هو إظهار مدى قوة الحكومة الأمريكية لجعل الناس يصدقون أشياء غير صحيحة."


نظريات المؤامرة في الثقافة العربية.. ماهو أصلها وكيف انتشرت؟

تشير المؤامرة في اللغة العربية إلى تدبير خفي يُحاك من قِبل أشخاص، بهدف القيام بفعل معادٍ ضد حكم أو بلد أو شخص معين. وتكون هذه الأفعال مُصممة من أجل التأثير على شخص أو مؤسسة أو حتى استقرار دولة. فقد أصبحت نظريات المؤامرة التي كانت مقتصرة في السابق على الجماهير الهامشية شائعة في وسائل الإعلام والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وظهرت كظاهرة ثقافية في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين.

تعتبر نظريات المؤامرة سمة سائدة في الثقافة والسياسة العربية، وفقًا لمقالة نشرت عام 1994 في مجلة علم النفس السياسي. كتب البروفيسور ماثيو جراي أنها "ظاهرة شائعة وشائعة". "المؤامرة ظاهرة مهمة في فهم السياسة العربية في الشرق الأوسط..." وللعرب عدة اشكال للمؤامرات تلك التي  تنطوي على الاستعمار الغربي، ومعاداة السامية الإسلامية، ومعاداة الصهيونية، والقوى العظمى، والنفط، والحرب على الإرهاب، والتي غالباً ما يشار إليها في وسائل الإعلام العربية باسم "الحرب ضد الإسلام".

 يرى روجر كوهين أن شعبية نظريات المؤامرة في العالم العربي هي "الملاذ الأخير للضعفاء"، حيث يعزو الكثير انتشار ثقافة المؤامرة عند الغرب إلى الضعف الثقافي والتحليلي وحتى النفسي للمواطن العربي.

يقول بريان إي فريدينبورج ضابط الجو البريطاني المتقاعد:


التمسك بفكرة أن العرب مجرد متفرجين غير قادرين على التأثير في بعض المؤامرات العالمية التي يُزعم أنها تُدار بواسطة جمعيات سرية، يُعيق تطور المجتمع العربي. عندما زرت الشرق الأوسط لأول مرة، فوجئت بمدى شهرة وقبول نظريات المؤامرة بين مختلف فئات السكان. فالأغنياء والفقراء، المثقفين وغير المتعلمين، الرجال والنساء، الليبراليون والمحافظون، المثليين وغيرهم، جميعهم يظهرون اهتمامًا كبيرًا بتلك النظريات ويلتزمون بنقلها ومناقشتها.


التحديات الثقافية والتعليمية عند العرب.. كيف أثرت على الوعي السياسي والاجتماعي؟

لم يكن هناك مجال كبير للمجتمع المدني لتأكيد نفسه. يعود هذا بشكل خاص إلى الفترة العثمانية واثارها الثقافية المدمرة واستمر حتى العصر الحالي ما بعد الاستعمار، مما يعني أن هذا الجزء من العالم قد تم إعداده لبعض الوقت بطرق تنتج تنوعًا أقل في التفكير والمزيد من تفكير القطيع.

إن التفكير النقدي كجزء من المنهج الأكاديمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مفتقد بشدة. فمن المعروف أن المناهج الأكاديمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني من نقص شديد. قد يتخرج العديد من العرب اليوم بدرجة علمية مرتفعة في الهندسة والطب والمجالات الأخرى، لكن الأنظمة التعليمية في المنطقة تنتج عددًا قليلاً جدًا من الأشخاص القادرين على  إنتاج عمل فكري يتحدى الأنظمة الحاكمة والنخب التي تديرها بشكل علني.

إن مثل هذا القمع وما يصاحبه من نقص في الحرية السياسية يعني أنه من الصعب على الناس أن يجتمعوا علنًا معًا لمناقشة السياسة، فمن الصعب أن تقول كل ما تفكر به بكل حرية على الأقل عندما تعيش في الشرق الأوسط.

بريان إي فريدينبورغ أشار إلى شيء لاحظه عند التفاعل مع الأشخاص، وهو تكرارهم لعبارة "إن شاء الله". قال: "أنا غير واثق من الخلفية التاريخية العميقة لعبارة 'إن شاء الله'، لكن في زماننا الحالي، يظن الكثيرون من غير العرب أن هذه العبارة تحمل معها فكرة 'أن الأمور بيد الله، وليس بيدي'. إنها تعكس اعتقادًا بأن الظروف والنتائج هي خارج نطاق الإرادة الشخصية وأن المسؤولية ليست على الفرد". ويبدو أن العديد من العرب يشعرون بعدم القدرة على التحكم في الأحداث التي تحيط بهم.


ما تفسير انسياق العرب وراء نظرية المؤامرة؟

ذو صلة

رغم تعرض العرب لهزائم متتالية وفقدانهم للعديد من الأراضي والموارد في الأوقات الحديثة، بالإضافة إلى تجارب الاحتلال التي عاشوها في السابق على يد قوى مثل المغول والعثمانيين التي أثرت على تقدمهم، يميل بعضهم إلى التمسك بنظريات المؤامرة كوسيلة لتفسير الضعف والتراجع.
يأتي هذا الاعتقاد من فكرة أن الجهات التي هزمتهم يجب أن تكون لها سيطرة قوية على الأمور العالمية. واللجوء إلى نظريات المؤامرة يمكن أن يتحوّل إلى منفذ نفسي لمن يشعر بعجزه عن تغيير واقعه، معتقدين أن هناك قوى خفية تدير الأحداث.

الإنسان العربي ضحية مخاوفه. يحتاج إلى الصدق مع نفسه أولًا، ليرى نقاط ضعفه ويحاول إصلاحها بكل شفافية ويعترف بأخطائه التاريخية التي جعلته متأخرًا عن غيره من الحضارات. وحينها حتمًا سوف يكتشف جماله الحقيقي ونبل أصله وبصمته المميزة إن كانت في لون بشرته وعينيه أوغنى لغته أو قوة بنيته وجيناته الفريدة، عندها فقط سوف  يعود العربي لعزة نفسه الأولى.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة