تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

مسلسل بالحجم العائلي .. سلسلة إخفاقات بنفس الحجم!

مراجعة مسلسل بالحجم العائلي بوستر مسلسل بالحجم العائلي
محمود حسين
محمود حسين

5 د

تتصدر مقدمة مسلسل بالحجم العائلي اسم أحد ألمع وأنجح الممثلين وأكثرهم موهبة في تاريخ الدراما العربية وهو يحيي الفخراني، وهذا في حدّ ذاته سبب كافٍ لجعله ضمن المسلسلات الأكثر ترقباً خلال رمضان 2018، ليس منذ طرح الإعلان الدعائي الخاص به فحسب، بل منذ الإعلان عن بدء الإعداد له. إذ أن اسم يحيي الفخراني يرتبط بعدد كبير من أشهر الأعمال الدرامية التي يُصنف عدد كبير منها ضمن قائمة الأفضل في تاريخ الدراما المصرية، ومنها مسلسلات “ليالي الحلمية”، “لا”، “الليل وآخره”، “للعدالة وجوه كثيرة”، وأخيراً مسلسل “ونوس” في 2016.

يعود الفخراني بمسلسل بالحجم العائلي إلى مضمار السباق الرمضاني – بعد أن غاب عنه الموسم الماضي – برفقة مخرجة سينمائية أثبتت تميزها بعدد قليل من الأعمال هي هالة خليل، والكاتب محمد رجاء الذي قدّم في السابق عِدة أعمال درامية ناجحة، وبمشاركة ممثلة كبيرة مثل ميرفت أمين وعدد من الأسماء الشابة التي بزغ نجمها في السنوات السابقة، وهذا كلّه زاد درجة الترقب ورفع سقف التوقعات والتطلعات للحدّ الأقصى، ويبقى السؤال.. هل كان المسلسل على قدر المتوقع منه؟!


مراجعة مسلسل بالحجم العائلي


قصة المسلسل

صورة يحيي الفخراني بمسلسل بالحجم العائلي

تدور أحداث مسلسل بالحجم العائلي حول “نادر التركي” السفير السابق عاشق الحياة، الذي قرّر في مرحلة ما من حياته التضحية بمستقبله السياسي والتخلي عن منصبه المرموق في الخارجية المصرية كي يحيا بالأسلوب الذي يروق له، ومن ثم أنشأ فندقاً في مدينة مرسى علم ومارس به هوايته في طهي الطعام، إلا أن زوجته المتسلطة “ثريا” ترفض ذلك القرار بشكل قاطع وتحرّض أبناءه ضده، مما يؤدي إلى نشوب عِدة خلافات بينهم.


مسلسل بالحجم العائلي.. الدوران في حلقات مُفرغة

صورة مسلسل بالحجم العائلي

جاءت بداية مسلسل بالحجم العائلي جيدة بنسبة كبيرة وأدت الدور المطلوب منها على الوجه الأكمل، حيث تمّ خلال الحلقتين الأولى والثانية التعريف بالشخصيات الرئيسية، وتوضيح جذور الخلاف الناشب بين “نادر تركي” وأفراد عائلته، والذي يُعدّ النواة الرئيسية للحبكة القائم عليها العمل ككل.

يقدّم سيناريو مسلسل بالحجم العائلي قصة مُتماسكة يسهل متابعتها، تعتمد على خط درامي رئيسي بارز يتصل بعدد كبير من الخيوط الدرامية الفرعية، ولكن مشاكله الحقيقية ظهرت ابتداءً من الحلقة الثالثة؛ حيث أن الأحداث سارت ببطء شديد ولم تشهد أي تقدم حقيقي بالأحداث أو تطور -ولو بسيط- بالشخصيات، وبقيت الحلقات التالية تدور في ذات الحلقة المفرَغة، حيث يحاول “نادر” التقرب إلى أبنائه بينما هم يحاولون التهرّب منه وإخفاء مشاكلهم الشخصية عنه.

عجز سيناريو مسلسل بالحجم العائلي عن تحقيق أدنى مستويات التشويق، لم يتمكن من دفع المشاهد للتساؤل عن الأحداث التالية أو انتظار وقوع شيء ما. وقد تضمن العمل العديد من المحاولات لزيادة جرعة الكوميديا، إلا أن تلك المحاولات لم تكن موفقة دائماً وكذلك لم تكن بالنسبة المطلوبة ضمن عمل تصنيفه المُفترض “اجتماعي- كوميدي”.

حاول السيناريو إبعاد شبح الملل عن أحداثه من خلال تضمينها عدداً كبيراً من الخيوط الدرامية الفرعية، ورغم أن تلك التفرعات اتصلت بالخط الدرامي الرئيسي ورغم ما لها من تأثير مباشر على السياق العام للأحداث، إلا أنه لم يكن بينها -حتى الآن- ما يثير المشاهد ويزيد شغفه بالمتابعة ويدفعه لترقب الحدث التالي. صحيح أن الأمور بدأت تختلف نسبياً منذ الحلقة الثالثة عشر تقريباً، إلا أن تلك النقلة النوعية جاءت متأخرة كثيراً -بعد مُضي قرابة 50% من الحلقات تقريباً- وذلك أفقدها قدراً كبيراً من قيمتها وأضعف تأثيرها.


الأداء التمثيلي

مشهد من مسلسل بالحجم العائلي

مستوى أداء يحيي الفخراني لا يرتبط أبداً بالمستوى العام للعمل الذي يُشارك به، هو قادر دائماً على الإمساك بخيوط الشخصيات التي يجسدها وإبراز تفاصيلها وبلورة جوانبها الإنسانية والتعبير عن أعمق الشخصيات وأكثرها تعقيداً بأبسط الأساليب، خاصة أن شخصية “نادر تركي” ليست جديدة تماماً على الفخراني فهي تحمل جانباً من شخصيتي “حمادة عزو” التي سبق تقديمها في مسلسل “يتربى في عزو” وشخصية “سيد عبد الحفيظ أوبرا” التي جسدها في مسلسل “أوبرا عايدة”.

يتضمن تكوين شخصية “نادر تركي” عِدة جوانب متناقضة، هو ذلك العجوز الذي يعيش بقلب طفل وهو أيضاً الأب الحنون الذي يعاني من عقوق أبنائه، هو ذلك الرجل المرح المُتباسط مع موظفيه للدرجة التي قد تدفع بعضهم للاستهانة به، وهو بذات الوقت السياسي المُحَنّك الذي يمتلك قدرة فائقة على إدارة المفاوضات وإنهائها لصالحه. برع الفخراني في التعبير عن كل ذلك في كل مشهد ظهر به، وقدم أداءً متوازناً دون أن يغلب أي من تلك الجوانب على الآخر. ورغم أن الشخصية في مُجملها ذات طابع كاريكاتوري -بعض الشيء- إلا أن تجسيد الفخراني أكسبها قدراً كبيراً من المصداقية ودفع المشاهد للتعاطف معه في العديد من اللحظات.

كان الفخراني هو الأوفر حظاً بين ممثلي مسلسل بالحجم العائلي، ليس لأنه البطل الرئيسي للعمل أو لأنه الأكثر موهبة وخبرة، إنما لأن مستوى الأداء في هذا النوع من الأعمال الدرامية يرتبط دائماً بأسلوب رسم الشخصيات على الورق، وكلما كانت الشخصية أكثر تعقيداً أو غرابة منح ذلك الممثل فرصة أكبر للإبداع، إلا أن أغلب شخصيات بالحجم العائلي جاءت نمطية ومعتادة، وهو ما أدى إلى تحجيم قدرات وطاقات الممثلين وانعكس سلباً على أدائهم الذي جاء مقبولاً في مُجمله وفي حدود ما سمحت به الأحداث. ويمكن القول إن التميز الحقيقي كان من نصيب الشباب، وفي مقدمتهم “ركين سعد” بدور أميرة و”سمر مرسي” بدور نهى، خاصة أن شخصياتهم حظيت بالتمهيد المناسب وكانت واضحة الدوافع والأهداف.


الإخراج

صورة مسلسل بالحجم العائلي

تخوض هالة خليل من خلال مسلسل بالحجم العائلي أولى تجاربها التلفزيونية بعدما قدمت للسينما ثلاثة أعمال مميزة هم “أحلى الأوقات” و”قص ولزق” و”نوارة”. وكانت بصمتها واضحة تماماً خاصة خلال الحلقات الأولى التي تضمنت قدراً كبيراً من الكوميديا الهادئة النابعة من فرط الجدية وتفاعل الشخصيات مع بعضهم، وهو الأمر الذي يُعدّ سمة رئيسية بأفلامها السينمائية. كذلك برعت هالة خليل في استغلال موقع الأحداث في تقديم صورة مُبهجة تتناسب مع الحالة العامة للعمل.

إبداع هالة خليل في جوانب عديدة لا ينفي مسؤوليتها عن إخفاقات المسلسل، وعلى رأسها انعدام القدرة على ضبط إيقاع الأحداث الذي جاء مُتباطئاً بصورة كبيرة، حتى بلغ في بعض الأحيان حدّ الرتابة والملل. وبطبيعة الحال، يُشاركها السيناريو مسؤولية ذلك، وربما كان الأمر سيختلف كثيراً لو أنها قدمت ذات القصة من خلال فيلم سينمائي لا يتجاوز الساعتين بدلاً من مسلسل يمتد لقرابة العشرين ساعة.

صورة يحيي الفخراني
ذو صلة

يمكن القول إن مسلسل بالحجم العائلي عمل درامي مُسلٍّ مُبهج في أغلب أجزائه، إلا أنه افتقر إلى الحد الأدنى من عوامل جذب المشاهد، حتى الكوميديا لم تكن متوفرة فيه بالقدر الكافي أو موظفة بالشكل السليم. لم ينحدر المسلسل للدرجة التي تجعل المشاهد يشعر بالضيق إن صادفه وهو يُقلب بين محطات التلفاز، ولكنه أيضاً لم يتضمن سبباً واحداً يدفعه للحرص على انتظاره في ذات الموعد في اليوم التالي!

فيديو يوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة