مسلسل Homeland .. حينما تكشف الجانب المظلم للأمريكان

لم تسنح لي الفرصة بعد من مشاهدة مسلسل Homeland بأجزائه الخمسة، إلا أن العمل جذبني بعدما سمعت أحد الإعلاميين المصريين يتحدث عنه، وعن الإبداع في كتابته، وتشابه أحداث في المسلسل مع تفجيرات بروكسل، فأنهمرت في مشاهدة أجزائه الأولى.

وبالفعل استطعت أن أنتهي من الجزء الأول والثاني، وبضع حلقات من التالث في ثلاثة أيام بالتمام والكمال، لم يستغرق الأمر سوى دقائق، ربما ثوان، بمجرد بدأت تنساب الأحداث في عقلي، وأراها بأم عيني، جذبتني، واستحوذت على جزء من تفكيري، وأثرتني لأستكمال العمل.

“أبو نذير” في العمل هو ذاك الإرهابي الذي يؤرق العالم، هو الداهية، والمكر، والدهاء، إنه يعرف العقلية الأمريكية، يعرف كيف يسيرها، ويجندها، ودائمًا ما تكون زمام الأمور في يده.

على الرغم من أن الغرب دائمًا ما يصبون تركيزهم على إظهار الجانب السيء في عدوهم، دون إيضاح، أو تبرير ما آلت له الأمور، إلا أن العمل أظهر وبمنتهى الحيادية كيف يولد أمثال “أبو نذير“.

لم يكن “أبو نذير” مجرد شخصية شريرة، أو إرهابي من العراق، حاول دفع ما تتعرض له بلاده من هجمات على أيدي الأمريكان، سوى بعض العمليات في أرضهم وعقر دارهم، إنما كان هوسهم بعد أحداث ١١ سبتمبر، ربما فقدوا الثقة في كل من حولهم، أو ربما شعورهم بمدى تجبرهم أظهر مؤشرات عن رد فعل، قد يكون على غير قدر الفعل، ولكنه مؤثر.

ربما العمل مجرد مسلسل درامي، يتحدث عن أحداث في العراق، وما يوازيها زمنيًا في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه ليس بتلك البساطة، العمل يتطرق لتفاصيل دقيقة للغاية، إن الكاتب يتمتع بخبرات غير عادية، فهو نهم في القراءة بالتأكيد، ويستطيع استنباط شيء مختلف للأحداث.

تفاصيل دقيقة تطرق لها عن آلية عمل المنظمات الإرهابية، وطرق عملهم، وكيف يستطيعون تجنيد الأشخاص والسيطرة عليهم، بجانب إبراز الجانب المظلم من جانب الحكومة الأمريكية، تلفيق القضايا، والتصفية، وقتل الأبرياء، والسيطرة على الإعلام حتى لا ينطق سوى بما يتفوهون.

بالفعل استطاع العمل أن يبرز الجانب غير الأخلاقي للسياسات الأمريكية، بدءً من الغارة التي أجروها على إحد مدارس الأطفال في العراق وقتلهم لمن يزيد عن ٨٦ طفلًا، ومعرفتهم مسبقًا بأنها مدرسة للأطفال، انتهاءً برغبتهم في تصفية من يتعاونون معهم حتى لا تنكشف حيلهم.

ولم يتوقف الجانب السيء عند هذا الحد، بل ظهر عدد من القادة الأمريكيين الذين دائمًا ما يدعون للسلامة والسكينة، إلا أنهم يحملون في داخلهم غل، وكراهية.

كلير دانيس، وهي بطلة مسلسل Homeland “المجنونة” بالفعل تصدر أفعال عنها تؤكد انها مجنونة، ولكن ملامح الشخصية، وطبيعتها في العمل تتحدث عن عبقريتها التي تختفي وراء جنونها، في الحقيقة هو شخصية عاطفية أكثر من كونها مجنونة.

ولكن تلك الشخصية هي دائمًا التي تثق في حدسها، والذي دائمًا ينبأها بالصواب، لا يصدقها أحد غالبًا، ولا يثقون في قرارتها أحيانًا، وأهانوها بإستمرار، ولكنها من صنعت الفارق.

في النهاية.. لم أتحدث نقديًا عن مسلسل Homeland بل غُصت في تفاصيله، وطريقة طرحه، والأفكار التي بثها، وتناولها، ففي الحقيقة إنه عمل لا يُقيّم نقديًا، ولكن يُفهم المغزى منه، إننا نتحدث عن كاتب عبقري، وأداء مجنون، ولكنه نجاح بإمتياز.