🎞️ Netflix

إيمانويل نويد: النّصّاب الذي باع مطارًا وهميًا لبنكٍ كبير!

إيمانويل نويد: النّصّاب الذي باع مطارًا وهميًا لبنكٍ كبير!
روان سالم
روان سالم

6 د

سنسرد في هذا المقال قصّةً تحكي كيف باع رجلٌ نيجيري،إيمانويل نويد، مطارًا وهميًا لبنكٍ كبير، وذلك من خلال "انتحال شخصية" بسيط. طبعًا قُبضَ على المجرم في النهاية، ولكن أتمنى أن تقرأ القصة لأنها غريبة نوعًا ما؛ حيث تثير الكثير من التساؤلات، ربما الإجابة المُثلى عليها هو "غباء المُشتري والحظ الخارق للبائع".

تُخبرنا هذه القصة القصيرة بعدّة نصائح، ستكون أولها أن تفكّر ألفَ مرةٍ قبل الوثوق بأحدهم، وثانيها أن الشخص المُثقف عقليًا، ليس بالضرورة أن يكون مُثقفًا ضميريًا.

قبل أن نبدأ، يجب أن أخبرك بألّا تُفاجأ بالسهولة التي تمّت فيها عملية النصب هذه، لأننا وفي هذا العصر، كنا -وما زلنا- معرّضين للكثير من عمليات الاحتيال، خاصةً عبر الإنترنت: فتح الرّوابط للحصول على جوائز سيارات وغيرها، أو أولئك الذين يرسلون لنا أن لدينا أقرباء في الخارج (يحملون اسم عائلتنا مثلًا) قد تركوا لنا ميراثًا كبيرًا. ولكن أصبح الناس أكثر وعيًا بعمليات الخداع، لذا لا يمكن لأي شخص النصب على أي شخص آخر بسهولة هكذا، ومع ذلك، هناك الكثير من ضحايا عمليات النصب الحقيقية والافتراضية حتى اليوم


نبذة بسيطة عن بائع المطار الوهمي إيمانويل نويد

إيمانويل نويد (Emmanuel Nwude)، واسمه الحقيقي إيمانويل توم أودينيجوي، إفريقي نيجيري الجنسية، لا يُعرف عنه في ملفه الشخصي سوى القليل من المعلومات، إضافة إلى عمله السابق كمدير لبنك الاتحاد النيجيري، أي أنه شخص مُثقّف ولديه خلفية جيدة في التعامل، وخلفية وظيفية ممتازة.

يُعرف اليوم بأنه أكبر نصّاب ظهرَ بين عامي 1995 و1998، حيث باعَ مطارًا وهميًا لمدير مصرف بانكو نورويست في البرازيل.


التفكير والتخطيط لعملية الاحتيال

كون إيمانويل مديرًا سابقًا لبنك الاتحاد النيجيري، فهو لا يتمتع بخلفية مصرفيّة جيدة فحسب، بل لديه معرفة واسعة بكيفية التصرف في بيئة الأعمال عمومًا، والتكلّم بشكل لا يدعو للشكّ بأنه شخص مُحترم مسؤول، مكّنه ذلك من الوصول إلى الوثائق والملفات التي جعلته مصدر ثقة تمامًا للطرف المنصوب عليه.

أراد إيمانويل خداع البنك البرازيلي لسرقته قانونيًا، ولتنفيذ ذلك؛ كان لا بدّ له أولًا من انتحال شخصية أحد مسؤولي بنك الاتحاد النيجيري المهمين، أي الذين يمكنهم التواصل مع الجهات المعنية في بانكو نورويست (Banco Noroeste) البرازيلي. وبالفعل، انتحل إيمانويل شخصية محافظ البنك المركزي النيجيري في ذاك الوقت، بول أوغوما (Paul Ogwuma).

طبعًا لم يكن نويد وحيدًا في العملية، بل كان لديه عدة شركاء: إيمانويل أوفولو (Emmanuel Ofolue)، وأوبوم أوساكوي (Obum Osakwe)، ونزيرابي أوكولي (Nzeribe Okoli)، وأناجيمبا وزوجته أماكا، توفي الزوج فيما بعد عام 1998.

بمساعدة شركائه وهويته الجديدة كمحافظ للبنك، تمكن إيمانويل من التواصل مع نيلسون ساكاجوتشي (Nelson Sakaguchi)؛ مدير بنك بانكو نورويست في البرازيل في ذاك الوقت.


الخطّة والتنفيذ: كيف تستخدم مهاراتك الوظيفية في النّصب؟

فكّر إيمانويل مليًا، ولم يرَ أفضل من الاحتيال بفكرة إشراك البنك البرازيلي في تطوير اقتصاد نيجيريا. كيف ذلك؟ ببساطة، خطرت لديه فكرة إجراء استثمار من خلال بناء مطار جديد في العاصمة النيجرية أبوجا. بدهائه الوظيفي ومن خلال تاريخ التعامل المصرفي وقدرته على الوصول إلى وثائق ذات سرية عالية، استطاع إيمانويل ببساطة إقناع نيلسون بالصفقة؛ إذ أخبره أن الحكومة النيجيرية تبحث عن مستثمرين لبناء مطار في العاصمة الجديدة أبوجا، وأنه في حال نجاح الصفقة وتوفير أول استثمار بقيمة 242 مليون دولار، سيحصل نيلسون على عمولة كبيرة، 10 مليون دولار.

بالفعل، تم الأمر بين عامي 1995 و1998، حيث دفع نيلسون لإيماويل وشركائه مبلغ 191 مليون دولار نقدًا، وعن المبلغ المتبقي، المقدر بـ 51 دولارًا، فقد اتفقوا أن يدفعه على شكل فائدة مستحقة من البنك البرازيلي.


تأتي الرياح بما لا تشتهي السّفن! 🤭

طبعًا لم يكن هناك مطار، ولا أية خطة لتطوير الاقتصاد، بل حقق إيمانويل ما يريد وتمكّن وشركاؤه من الاحتيال على نيلسون. بينما كان الأمر يسير على ما يرام، وكاد الفريق النّصاب أن يفلت بفعلته، حدثَ أن أصبح بنك بانكو نورويست جميلًا في أعين مالكي بنك سانتاندر (Banco Santander) الإسباني، وأرادوا الاستيلاء عليه واستحواذه.

طبعًا تحتاج عملية الاستحواذ تحقيقات واسعة وشاملة في البيانات المالية للبنك البرازيلي. خلال تلك الفترة، عُقدت العديد من اجتماعات مجلس الإدارة بين البنكين، ولكن بعد مدّة، وفي ديسمبر/كانون الأول من عام 1997، تساءل كبار المسؤولين في البنك الإسباني عن السبب الذي جعل نصف رأس مال البنك البرازيلي تقريبًا تحت أيدي حساب غير محمي في جزر كايمان.

لم يلقَ المسؤولون تفسيرًا مناسبًا لذلك التناقض، خاصة وأن عملية بناء مطار جديد في أبوجا، لم تتم بعد، أو لم يكن هناك بنية تحتية أو أي شيء يُثبت أن هناك مطارًا في طور البناء، وهنا بدأت التحقيقات الرّسمية في الموضوع.

أُجريت التحقيقات الجنائية في عدة ولايات قضائية من بينها البرازيل ونيجيريا وسويسرا وإنجلترا. وفي محاولة لضمان استمرار البيع والاستحواذ على البنك البرازيلي، كان على مالكي البنك دفع المبلغ المفقود، 242 مليون دولار، من حساباتهم الخاصة. وعلى الرغم من ذلك، انهار البنك البرازيلي في النهاية.


حبل النّصب قصير👌: القبض على النّصاب وأعوانه

كما تبيّن، تمت عملية النصب بين عامي 1995 و1998، ولكن القضية كانت معقدة بعض الشيء، واحتاجت تحقيقات متخصصة، وعليه، لم تبدأ نتائج التحقيقات الجنائية بالظهور إلا بحلول عام 2002، ذلك بفضل الرئيس النيجيري أوليسيجون أوباسانجو، الذي أسس في فترة حكمه لجنة الجرائم الاقتصادية والمالية (EFCC)، وهي وكالة لمكافحة الكسب غير المشروع.

عام 2004، مَثل إيمانويل وشركاؤه أمام محكمة أبوجا العليا، ولم تكن هذه التُهمة الوحيدة في سجّلاتهم، بل واجهوا أكثر من 100 تهمة تتعلق بالرشوة والاحتيال. حاول المتهمون الدفاع عن أنفسهم وإنكار التّهم، ولكن لم يطُل الأمر حتى اعترف أحد أفراد العملية بذنبه.

بالنسبة لإيمانويل، فقد أغرق نفسه أكثر عندما بقي يحاول إنكار التهم الموجهة إليه على الرغم من اعتراف أحد زملائه، وزاد البلوى على نفسه عندما حاول رشو رئيس لجنة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية بمبلغ 75000 دولار. رفض رئيس مجلس الإدارة الرشوة، ووجّه لإيمانويل تهمة أخرى هي محاولة رشوة.

تمكّنت النيابة العامة من استدعاء نيلسون سيكاغوتشي كشاهد، كونه مَن تعرّض للخداع. بعدما أدلى نيلسون بشهادته، أقر إيمانويل وأصدقاؤه بذنبهم. حُكم على إيمانويل بالسجن خمس سنوات ودفع غرامة 10 ملايين دولار للحكومة الفيدرالية. صحيحٌ أن المبلغ المدفوع كغرامة ليس كثيرًا، بل وكأنه نقطة من كأس مليء بالماء، ولكن في النهاية، أخذت العدالة مجراها.

كان إيمانويل، قبل القبض عليه في 7 يوليو من عام 2003، وبحسب المصادر، أحد أغنى رجال الأعمال في نيجيريا. امتلك مبنى مؤلفًا من 10 طوابق في قلب مدينة لاغوس النيجيرية. عاش ملكًا مرفّهًا في الطابق العلوي من المبنى، بينما خصّص الطوابق السفلية لبنكه التجاري. كما قيل إنه امتلك مبانٍ في جميع أنحاء نيجيريا، ومُدُنًا في الولايات المتحدة. وردَ أيضًا أنه كان ممولًا رئيسيًا لحزب الشعب الديمقراطي. ولكنه في النهاية، أصبح مجردَ نصابٍ سجين.

قُلنا في بداية المقال إن الناس أصبحوا أكثر وعيًا اليوم، فلا تتم عمليات النصب هكذا ببساطة، إلّا أن الأمر المحيّر للعقل فعلًا، هو أن صفقة مثل هذه، تنطوي على ملايين الدولارات، عادةً ما تأخذُ ساعاتٍ وأيام من وقت المحامين ومختلف المهنيين المعنيين في الموضوع لتحليل حيثياتها قبل عقد الصفقة، أي تأخذ وقتها في التحليل والتفكير، فكيف لبنكٍ راسخ مثل بنك بانكو نورويست، أن يقع ضحية لعملية احتيال كهذه؟! لمَ لمْ يُرسل البنك طاقمًا إلى الموقع للتأكد من عملية البناء؟ أو لمَ لمْ يدقق نيلسون في الموضوع أكثر؟ لمَ لم يتأكد من هويّة الرّجل الذي سيتمّ معه الصفقة؟ الأسئلة التي تدور حول القصة أكثر من الأجوبة المقدمة بكثير.

شاركنا رأيك في التعليقات حول هذه القصة الحقيقية، وهل برأيك يمكن أن يحدث تطور لاحق بعد كل هذه السنين؟

ذو صلة

المصدر: هنا

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة