فريدريك نيتشه

5 د
ولعلَّ أشهر فلاسفة القرن التاسع عشر في ألمانيا هو “فريدريك نيتشه Friedrich Nietzsche” الذي اشتهر بغرابته فوُصف بالمجنون، فمن هو نيتشه ولماذا وُصفت أفكاره بالهذيان؟
اقرأ أيضًا:
فريدريك نيتشه فيلسوفٌ ألمانيٌ من أبرز فلاسفة القرن التاسع عشر، ولد عام 1844 في روكين وسمي بهذا السم تيمُّنًا بفريدريك الكبير ملك بيروسيا في ذاك الوقت، توفي والده القس اللوثري عندما كان نيتشه في الخامسة من عمره.
كتب نيتشه الشعر في شبابه وألّف الموسيقى ودرسَ اليونانية واللاتينية والعبرية والفرنسية، وقد كان مهتمًا بشكل مُلفِت بشعراء “الثقافة المضادة” مثل هولدرلين وأورتلب مما دلّ على رفضه للقيم والعادات الشائعة، كما عُرِف برفضه لمفهوم الأخلاق التقليدي والقيم الدينية، ونظر إلى الله على أنه خليقة الإنسان وليس العكس، كما رأى أن الإيمان يتناقض مع السعي وراء الحقيقة.
عُرِف نيتشه بفلسفته الجنالوجية وقد لُقب بفيلسوف المطرقة لمحاولته بهدم عدد كبير من الأسس الفلسفية، فقد انتقد بعض المرتكزات الفلسفية الغربية كالحقيقة والعقل وعارض مجموعة من الفلاسفة الكبار مثل أرسطو وسقراط وكانط وشوبنهار، كما اشتهر بمعارضته للدين المسيحي لاعتقاده بأنه خُلق للضعفاء فلطالما حارب الضعف ومجّد القوة وأخلاق السادة.
وقد عرف نيتشه بسُخطه تجاه المرأة وكُرهه لها، ولعلّ ذلك بسبب الأذى الذي أصابه بعد علاقته مع “لو سالومي”. ألّف نيتشه عددًا من الكتب أبرزها “عندما تكلم زرادشت” الذي اعتبره الإنجيل الخامس، بالإضافة إلى جينالوجيا الأخلاق وأفول الأصنام، وما وراء الخير والشر، والعلم المرح، والفجر.
لم يتزوج نيتشه قطّ لكنه تقدّم للزواج من “لو أندرياس سالومي” ثلاث مرات، وبعد ثلاث مرات رَفْض أصيب بمرض الاكتئاب ووضع نفسه في جوّ من العزلة وعانى من الصداع وتعاطى جرعات كبيرة من المخدِّر.
اقرأ أيضًا:
اتخذت مؤلفاته اتجاهات سوداوية مثيرة للجدل، فقد كتب الجزء الأول من هكذا تكلم زرادشت الذي يحتوي على العبارة الشهيرة “الله مات ونحن قتلناه”، وفي عام 1983 أدى إلحاده الصريح والمتطرّف إلى عَزله أكثر وجعله غير مقبول في الجامعات الألمانية.
وبين عامي 1878 و 1888 أكمل نيتشه مجموعة مؤلفاته التي بلغت اثني عشر كتابًا، وفي عام 1889 تدهورت صحته الجسدية والنفسية بشكل كبير وأمضى سنواته العشر الأخيرة في رعاية أخته ومجموعة من الأطباء الأخصائيين ثم توفي بسكتة دماغية في 25 آب عام 1900. ومن أهم أفكاره:
هي الاعتقاد بأنه لا معنى من الحياة ولا هدف وغاية من وجود الإنسان فيها وبالتالي نسف جميع المبادئ الأخلاقية والدينية، ويُعتبر فريدريك نيتشه من أبرز الفلاسفة العدميين بسبب رفضه وتمرّده على جميع القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية انطلاقًا من اعتقاده بأن كل القيم والعادات المتوارثة تحمل الأثر السلبي على حياتنا وشخصيتنا وبخاصة القيم الدينية، فبرأي نيتشه أن ترويج المبادئ الدينية ونشرها على أنها صالحة لكل زمان ومكان هي من أكبر المشاكل على البشرية.
ويُعتبر كتابه عندما تكلم زرادشت من أشهر الروايات العدمية في العالم، حيث تحدث عن زرادشت الذي ذهب بين الناس داعيًا إلى النظر في “الإنسان الأعلى” برؤية روحانية وليست جسمانة ليلتقي بعجوز يجلس ويدعي الله فيقول له: “ألم تعلم أن الله مات وماتت معه جميع الآلهة؟”
إن أحد أغرب الأفكار الفلسفية لدى فريدريك نيتشه هو مفهوم الإنسان الأعلى المتفوق الذي طرحه في كتابه هكذا تكلم زرادشت، عندما نتطرق لهذه الفكرة سيتبادر لذهننا بطل الأساطير المعروف “سوبر مان” الذي تم توصيفه على أنه أسرع من الرصاصة وأقوى من قاطرة بحد ذاتها، فلعلّ صُنّاعه كوّنوا تلك الشخصية بعد التفكير مليًّا بماهيّة الشخص المتفوق جسديًا على جميع الناس، فكّر نيتشه بالأمر ذاته لكن مع الاهتمام بالصفات النفسية.
فقد أشار في كتابه أن التطور لم ينتهِ بعد، وبما أن الإنسان تطور من القرود إلى أن وصل إلى هذه المرحلة فكيف سيكون في المستقبل؟ وإن مَهمة زرادشت في الكتاب هي التنبؤ بحال الإنسان الأعلى الأكثر تطورًا في المستقبل، فالإنسان المتفوق يتقبّل فكرة إيذاء الغير لأجل أهداف عظيمة وهو شخص أناني لكن بطريقة استراتيجية، فالعظمة بالنسبة للإنسان الأعلى هي إنقاذ الإنسانية من القيم الوثنية، والإنسان المتفوق لن يكون مُحبَطًا من نجاح الآخرين، والمعاناة بالنسبة له هي أساس لحصول الأشياء الخيّرة، وإن قوته الكبيرة ستجعله واعيًا وعطوفًا تجاه الضعفاء، أما الجنس بالنسبة له فهو شيء سلبيٌّ تبعًا للمعايير التقليدية.
“أليس من الجبن والكسل والكذب أن نقبل بالشيء ونتّخذه مرجعًا فقط لأن العادة جرت أن نقبله؟؟ وهل الجبن والكسل والكذب هي شروط الأخلاق؟”.
اعتقد نيتشه أن الأخلاق الشائعة هي كذبة اخترعها الناس الضعفاء العبيد للثورة ضد الإنسان المتفوق الأعلى، حيث حولت هذه الأخلاق التقليدية الضعف إلى شفقة والقوة إلى شر والفقر إلى زُهد بالحياة، وقد وصل الانحدار إلى تمجيد الشفقة، فلم ينكر خيرة العطف إذا كان فعّالًا.
لكنه رفض الشفقة لأنها مضيعة وهدر لكافة الأمور التي يمكن إصلاحها، واعتقد أن زيارتنا للمرضى هي نظرة فوقية واستعلاء منا لهؤلاء المرضى العاجزين، ولهذا السبب فقد كره نيتشه المسيحية لأنها طالبت بتساوي الناس جميعهم بالقوة، فقد وجد أن هذا النوع من الأخلاق هو خطر على الحياة البشرية، وأن الحياة فقدت معناها عندما تخلّى الجميع عن أخلاق البطولات ونادوا بالديموقراطية والمساواة، وقد قسّم الأخلاق إلى:
في النهاية، كانت هذه لمحة سريعة عن أغرب أفكار فريدريك نيتشه الفلسفية المثيرة للجدل، فما رأيك فيها؟ شاركنا التعليقات.
لك أيضًا:
أحلي ماعندنا،واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.