تريند 🔥

🌙 رمضان 2024
ما الفرق بين الدين والتدين؟

ما الفرق بين الدين والتدين؟

مريم مونس
مريم مونس

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

5 د

كثيرا ما قد تتساءل عن الفرق بين الدين والتدين، ولمعرفة الفرق بينهما لا بد من تقديم تعريف لكل منهما:


تعريف الدين

الدين لغة معناه الانقياد والطاعة، أما الدين في معناه العام فهو: ما يعتنقه الإنسان ويعتقده وليس بالضرورة أن يكون بهذا المعنى أن تكون الأديان السماوية أي الدين اليهودي والمسيحي والإسلامي ربما يكون الدين البوذي، فهنا معنى الدين بمفهومه العام هو ما يعتنقه الإنسان ويصدق به، أما معنى الدين بالمفهوم الإسلامي هو التسليم لله سبحانه وتعالى والانقياد له وطاعته.

فالدين هو مجموعة نصوص وعقائد وشرائع، وأفكار لفهم الحياة والكون، والدين بتعريف العلماء: هو الإيمان والعبادة مهما كانا.


تعريف التدين

هو السلوك البشري وتفاعل الإنسان مع المنهج الديني الذي يتبعه، والالتزام بهذا المنهج، سواء كان المنهج الديني المتبع هو البوذية أم المسيحية أم غيرها من الأديان والمعتقدات، أو من المحتمل أن يكون من الأديان الأرضية التي وضعها بعض البشر، أما تعريف التدين الإسلامي: فهو الالتزام بالأحكام الشرعية من صوم وصلاة وجميع الطاعات والعبادات.

فالتدين هو فهم للنصوص ومن ثم سلوك وتطبيقات، وأنماط تجاه فهم الانسان لهذا الدين الذي ينتمي له، ولا يكون بمجرد الفهم وكثرة القراءة عن دين محدد وإنما بتطبيق معالم هذا الدين من سلوكيات وأخلاق ومعاملة حسنة طيبة.

لكن البشر يظنون أنهم عندما يقومون بالشعائر الدينية من عبادات بذلك قد وصلوا إلى الدين، ويجب أن يقال عنهم أنهم متدينون وهذا الاعتقاد خاطئ فالدين ليس عبادات فقط الدين تعامل وأخلاق، ويجب أن تكون علانية الانسان كسريرته أي ظاهره كباطنه.

فالتدين أمر متكامل في الفهم من حيث الشكل والمضمون للوصول إلى الدين، ومن غير الممكن الخلط بين الدين والتدين لأن كل واحد منهما أمر مختلف، فالدين لا يمكن أن يطاله الخطأ، أما التدين فمن الممكن أن يطاله الانحراف أو النقص، ويجب علينا ألا نجعل صور هذا الانحراف الذي نراه على البعض ذريعة لإسقاط الدين نفسه الذي ينتمي إليه هذا الإنسان، فالتدين جهاد وعمل لإنجاز الدين والمعتقد.

والإنسان ابن بيئته فهو يتأثر فيها وينتمي لها في المعتقدات والأفكار، حتى وإن كانت هذه المعتقدات والأفكار أو هذا الدين غير صحيح بالنسبة لمجتمع آخر أو بيئة أخرى. فالتدين فكرة وغريزة ملازمة للإنسان منذ وجوده، لأن الإنسان ينتابه شعور بالنقص وأنه غير كامل لذلك يسعى إلى الانتماء ويبحث عن دين أو معتقد يسد هذا النقص أو يشبع أسئلته واستفساراته. والمتدين هو الانسان الملتزم بأحكام وشرائع دينه وسلوكياته، وإن لم يكن ملتزم بهذه الأحكام ولكنه بشكل جزئي هو انسان متدين، وهو عكس مفهوم الإنسان الملحد الذي لا يؤمن بدين أو عقيدة.

ومن الفرق بين الدين والتدين نرى أن النصوص الدينية هي نصوص ثابتة موثقة، لكن التدين أمر متغير وغير ثابت، وذلك بسبب اختلاف البشر في فهم هذه النصوص والاحكام، وبحسب الإحصاءات نجد أن التطور الديني هو نتيجة لتطور الأحوال الحضارية وتطور الأزمنة.


هل الدين سماوي فقط؟

في حكاية طريفة رواها باولو كويلو في مقدمة رواياته، عن رجل دين ذهب في بعثة تبشيرية ليهدي الناس إلى عبادة الله، فمرّ الرجل على جزيرة وجد فيها شابين، لكن المدهش أن هذين الشابين يسيران على الماء كالسير على اليابسة، فسألهما عن الدين وحدّثهما عنه، لقد كانا بلا دين، يعبدون الله ببساطة ومحبة خالية من كل تعقيد، أقنع الرجل الشابين بالدخول بدينه وعلمهما أصول هذا الدين وطقوسه ثم غادرهما إلى مهمته، بعد سنين أراد العودة للجزيرة ليرى فعل دعوته، ماذا حلّ بالشابان؟ ماذا حلّ بهما بعد أن أصبحا صاحبا دين، وصل الرجل الجزيرة ووجد صاحبانا يمشيان ويزرعان بعيدًا عن الماء، فقالا له منذ أن علمتنا كيف نصلي ونعبد الله لم نتمكن من السير على الماء.

ذكرت هذه الحادثة لأدلل على الفرق بين الإيمان والدين دخولا للفرق بين الدين والتدين، فالدين هو مجموع النصوص المتضمنة الأوامر والمواهب الحاكمة للإنسان والمجتمع من وجهة نظر كل دين، نزلت من السماء على شكل وحي كما القرآن والإنجيل والتوراة ، أما التدين فهو حالة إنسانية إيمانية تتدخل بها عوامل شتى  مثل البيئة والجغرافيا والوراثة، وقد تلعب المصالح الشخصية دورا كبيرا في إزاحة الناس من جهة لأخرى، فالدين جاء بسيطا يحاكي أناسًا بسطاء، وكلما تقدم الزمن بالفكرة المقدسة تطور الواقع وأجبر الفكرة على ملاءمة الجديد، فبعضٌ وافق والآخر تمسك، وبدأت الصراعات والاتهامات، كلٌّ حمل سيفه يدافع عن دينه كما يعتقد، ودخلت مفردات جديدة ومقالات وفتاوى أصبحت هي الدين.

كما أن الدين هو مجموعة القواعد والمعتقدات التي تربط بينها علاقات تعطي تفسيرًا “دينيًّا” لكل جزئيات هذا الكون، وتجاوب على كل التساؤلات الوجودية، فهل من إنسان لم يتساءل بداخله للحظة كيف خُلقت؟ ما سبب وجودي على هذه الأرض؟ إن كل هذه الأسئلة الغيبية والماورائية التي يُسلّم بها الكثيرون يطرحها الدين من دون أن يعطي تفسيرات علمية مادية نستطيع ملاحظتها، وللدين عادات وطقوس عديدة تميّزه، كالأعياد والأناشيد وطريقة العبادة وغيرها.

وقد يكون الدين سماويًّا يتمثّل بكل التعاليم والمواعظ التي أوصى بها الله تعالى من خلال أحد أنبيائه لتصل إلى البشر في الأرض مثل القرآن والإنجيل والتوراة، وهناك الأديان الأرضية التي وضعها أشخاص معينين بغضّ النظر عن الأنبياء والرسل.

أما التدين فهو مفهوم يبيّن انسياق الناس وراء الديانات السماوية أو الأرضة واتبعاهم لتعاليم الدين ومعتقداته بحزافيرها، فالدين هو كلام الله المقدس والتدين هو الالتزام بهذه التعاليم حسب طريقة فهمه، وبالتالي هناك اختلاف وتباين بين مفهومي التدين والدين، فعدم اتباع الطقوس الدينية وممارستها لا يعني انحرافًا أو خروجًا عن الدين.

لكن المشكلة في التدين أن بعض المتدينين لا يرون من الدين إلا قشوره ويبتعدون عن الجوهر المضيئ للدين وعمقه، فيهتمّون بشكليات الأمور الدينية مثل اللباس الشرعي والمظهر الخارجي والمحظورات البعيدة عن المعاملة الحسنة والأخلاق الحميدة واحترام الغير وعدم إيذاء أي إنسان خلقه الله تعالى، وكثيرون ممّن مارسوا الدين تحت غلاف “الله يريد” أوصلوا فكرة خاطئة عن الدين الحقيقي، فأن تكثر من قراءة الدين وممارسة شعائره لا يعني احترام وتطبيق كلام الله، الدين هو المعاملة الحسنة والكلمة الطيبة.

هل أعجبك المقال؟