سمكة قرش بلون الشمس وعيون بيضاء… أول حالة “مهق-زانثوكرومية” في الكاريبي!
3 د
أثار العثور على قرش ممرضة برتقالي بعيون بيضاء قبالة سواحل كوستاريكا دهشة الباحثين.
يمثل القرش أول توثيق لظاهرة "التلون الأصفر" في الأسماك الغضروفية بالمنطقة.
يشير اللون البرتقالي المميز للقرش إلى احتمال إصابته بظاهرة "زانثوكروميسم" و"البرص".
يبحث العلماء في العوامل الجينية والبيئية التي قد تسهم في ظهور هذه الظواهر.
في حدث نادر لم تشهده أعماق البحر الكاريبي من قبل، جذب صيادون انتباه العالم بعدما عثروا على قرش ملون بلون برتقالي ساطع وعيون بيضاء غامضة قبالة سواحل كوستاريكا. هذا الكائن البحري الغريب يمثل أول حالة مسجلة لظاهرة "التلون الأصفر" في هذه الفصيلة وأول توثيق لهذه الحالة بين الأسماك الغضروفية بالمنطقة.
في رحلة صيد رياضي قُبالة حديقة تورتوغويرو الوطنية الشهيرة، فوجئ الفريق بوقوع قرش بطول يقارب المترين، يتمتع بجسد لامع وبلون لم يسبق رؤيته من قبل تحت سطح البحر. لم تمض سوى لحظات حتى نشر أحد الصيادين صورة الاكتشاف على وسائل التواصل الاجتماعي، ليتلقفها باحثون مختصون ويوثقونها لاحقاً في مجلة متخصصة بالحياة البحرية.
ظاهرة التلون الأصفر: سر اللون البرتقالي الساطع
ويعد التلون الأصفر، أو ما يُعرف علمياً بـ"زانثوكروميسم" أو "زاثنية اللون"، إحدى الحالات الوراثية النادرة التي تظهر لدى بعض الحيوانات. في هذه الظاهرة، يسيطر اللون الأصفر أو البرتقالي على المخلوق نتيجة غياب التصبغات الداكنة. عادة ما يُلاحظ التلون الأصفر بين الطيور والزواحف، لكن لم يكن هناك سجل سابق لحدوثه لدى قروش الممرضة أو أي من الأسماك الغضروفية في مياه المحيطين الكاريبي والهادئ في أمريكا اللاتينية. ويبدو أن هذا القرش البرتقالي النادر لم يتوقف عند لونه المميز فقط، بل أدهش العلماء كذلك بعيونه البيضاء التي تكاد تخلو من حدقة واضحة، في تلميح لاحتمالية إصابة السمكة بمزيج من الزانثوكروميسم و"البرص"، أي نقص كامل في الأصباغ، المعروف بالمهق.
والجدير بالذكر أن الانتقال من دراسة الألوان إلى أصلها الجيني يوجهنا نحو أحد الأسئلة المحورية في علم الوراثة البحرية.
الغموض الجيني وراء اللون النادر
لا يزال الباحثون يجهلون تماماً كيف تظهر حالات التلون الأصفر بالتحديد. تشير الدراسات الأولية إلى وجود طفرة وراثية متنحية تؤدي إلى تعطيل إنتاج الأصباغ الداكنة، مما يسمح للألوان الصفراء أو البرتقالية بالسيطرة. على غرار حالات شهيرة مثل الميلانية أو الليوسية (التي تزيد أو تقلل من التصبغ كلياً)، يزيد التلون الأصفر من بروز لون الحيوان ضمن بيئته، ما قد يجعله مهدداً بخطر الافتراس أو قلة التمويه أثناء الصيد والهروب.
وبينما ينتقل الحديث من الوراثة إلى حياة القرش اليومية، نجد أن للتلون النادر تأثيراً مباشراً على فرص البقاء والنجاة في البرية.
حياة القرش وأثر التلون على فرص بقائه
مع أن الألوان الزاهية تعرض معظم الحيوانات لخطر أكبر، إلا أن هذا القرش الفريد بدا بصحة جيدة ووصل فعلاً إلى مرحلة البلوغ. يتغذى القرش الممرضة عادة على الأسماك الصغيرة والمحار وسرطان البحر، ويحتل مكانة متوسطة بين مفترسات البحر. ويستنتج العلماء من حجم هذا القرش النادر أن لونه الجديد لم يؤثر على قدرته في الصيد أو البقاء. ومع ذلك، قد يؤدي ظهور الألوان غير الاعتيادية إلى تعقيد عملية التمويه في البيئة البحرية، ما يؤثر سواء في فعالية الصيد أو في تجنب الحيوانات المفترسة. وسواء كانت هذه التغيرات خطراً أو مكسباً تكيفياً، فلا تزال الأسئلة مفتوحة أمام الأوساط العلمية.
ولأن الغرابة لا تتوقف عند اللون، ينتقل الجدل العلمي أيضاً إلى العوامل البيئية المحيطة ومدى دورها في هذه الظواهر.
العوامل البيئية: هل من تأثير خارجي على لون القرش؟
على الرغم من تركيز معظم الباحثين على الجانب الجيني، لا يغفل المتخصصون عن احتمالية تأثير ضغوط خارجية مثل التزاوج الداخلي، الإجهاد البيئي، ارتفاع درجات الحرارة، أو حدوث تغيرات هرمونية على إصابة القرش بمثل هذه الظواهر. ويُوصي الخبراء بضرورة مواصلة الأبحاث لاستكشاف التنوع الجيني لدى قروش الممرضة في الكاريبي، بالإضافة إلى رصد العوامل البيئية التي قد تساهم في ظهور مثل هذه الألوان النادرة.
في الختام، يسلط هذا الاكتشاف الضوء على مساحة واسعة من الأسرار الحية في أعماق البحار، ويؤكد أن عالم الأحياء البحرية لا يزال يحمل لنا مفاجآت علمية لا تُحصى. ظهور هذا القرش البرتقالي بعيونه البيضاء يدفعنا للتساؤل أكثر عن حدود التنوع والتكيف لدى الكائنات البحرية، ويدعونا إلى مراقبة المزيد من المفاجآت التي ربما تسبح الآن في الظل بأعماق المحيطات.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.