نتفليكس تُعلنها: “نحن مع الذكاء الاصطناعي”… لكن دون أن ننسى القصة الإنسانية
3 د
في وقتٍ ما تزال فيه صناعة الترفيه منقسمة حول استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج الأفلام، يبدو أن منصة نتفليكس قررت المضي قدماً دون تردد. فقد كشفت الشركة في تقريرها المالي الأخير عن خططها لتوسيع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي داخل عمليات الإنتاج، مؤكدة أنها في وضع قوي "للاستفادة من التطورات المستمرة في مجال الذكاء الاصطناعي" بحسب ما جاء في رسالتها للمستثمرين.
تنطلق نتفليكس من رؤية تعتبر الذكاء الاصطناعي وسيلة لتعزيز الإبداع لا بديلاً عنه. المدير التنفيذي للشركة، تيد ساراندوس، لخص الموقف قائلاً إن استخدام هذه التقنية لن يجعل من أي شخص “راوياً عظيماً بالضرورة”، لكنه قد يمنح المبدعين أدوات أفضل لتحسين تجربة المشاهدة للأعضاء.
وهذا يربط بين إستراتيجية نتفليكس الحالية وطموحها إلى ترسيخ مكانتها في عصر التحول الرقمي دون المساس بجوهر العمل الإبداعي.
الذكاء الاصطناعي كأداة في خلف الكواليس
منذ بداية العام، استخدمت نتفليكس الذكاء الاصطناعي التوليدي في مشاهد إنتاجية محدودة، مثل مشهد انهيار مبنى في المسلسل الأرجنتيني The Eternaut. كما استعان صنّاع فيلم Happy Gilmore 2 بهذه التقنية لجعل الشخصيات تبدو أصغر سناً في مشاهد الافتتاحية، فيما لجأ منتجو Billionaires’ Bunker إليها لتصوّر الملابس وتصميم مواقع التصوير قبل بدء الإنتاج.
يقول ساراندوس:
"نحن واثقون من أن الذكاء الاصطناعي سيساعدنا وشركاءنا المبدعين على سرد القصص بشكل أفضل وأسرع وبطرق جديدة".
ومن هنا تنتقل المناقشة إلى الجدل الدائر في هوليوود حول حدود استخدام هذه التقنيات مستقبلاً.
جدل واسع في الأوساط الفنية
أثار إدخال الذكاء الاصطناعي إلى قلب الصناعة الفنية مخاوف بين الممثلين والكتّاب الذين يخشون على مستقبل وظائفهم، خاصةً مع ظهور نماذج لغوية ضخمة (LLMs) تم تدريبها على محتويات فنية من دون إذن أصحابها. ومع إعلان نموذج Sora 2 من شركة OpenAI، الذي يولّد مقاطع فيديو وصوت واقعية بلا قيود تمنع إساءة الاستخدام، تصاعدت المطالب بفرض ضوابط أقوى. حتى نقابة ممثلي هوليوود SAG‑AFTRA والممثل الشهير براين كرانستون دعوا الشركة إلى حماية حقوق الفنانين من ظاهرة “التزييف العميق”.
ورغم هذه الانتقادات، توضح نتفليكس أنّها تركز على توظيف الذكاء الاصطناعي في المؤثرات البصرية وتحسين بيئة العمل الإنتاجي، وليس في استبدال الممثلين أو الكتّاب البشر. ومع ذلك، لا يُستبعد أن يؤثر هذا التوجه على فرص العاملين في مجال المؤثرات الرقمية التقليدية.
وهذا يعيدنا إلى البعد الاقتصادي للقضية وتأثيرها على أداء الشركة المالي.
أرقام ونتائج مالية
حققت نتفليكس ارتفاعاً بنسبة 17٪ في إيراداتها السنوية لتصل إلى 11.5 مليار دولار خلال الربع الأخير، وهو نمو قوي وإن كان أقل من توقعات الشركة. وأوضحت المنصة أن الاستثمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي تعد جزءاً من خطتها لزيادة الكفاءة الإنتاجية وتحسين تجربة المستخدمين عبر خدماتها على مستوى العالم.
من هذا المنطلق، يبدو أن نهج نتفليكس يوازن بين الطموح التكنولوجي والمسؤولية الإبداعية، في وقتٍ تتباين فيه مواقف شركات الإنتاج الأخرى في هوليوود حيال هذه الثورة التقنية.
بين مؤيدٍ يرى في الذكاء الاصطناعي فرصة لتسريع عملية الابتكار، ومعارضٍ يخشى طغيان الآلة على روح الفن، تمضي نتفليكس بثقة نحو مستقبلٍ هجيني يجمع بين الخيال الإنساني وقدرات البرمجة الذكية. والمرجّح أن السنوات القليلة المقبلة ستحدد ما إذا كان هذا الرهان سيُعيد تعريف صناعة الترفيه أم سيكشف حدود التكنولوجيا في مواجهة الإبداع البشري.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
