COMEUP 2025 يعيد برمجة مستقبل الابتكار العالمي

4 د
في Arageek، نحب أن نكون في قلب الحدث، لا كمراقبين فقط، بل كمشاركين في فهم ما الذي يتغير فعلاً في عالم الابتكار. في ديسمبر 2025، وجدنا أنفسنا أمام نسخة مختلفة من COMEUP، المهرجان العالمي للشركات الناشئة الذي أُقيم في سيول تحت شعار لافت: “A Time to Recode the Future”. العنوان وحده كان كافياً ليثير الفضول، لكن ما جرى على الأرض كان أعمق بكثير من مجرد شعار تسويقي.
أحد أعضاء فريقنا كان حاضراً في COEX خلال الأيام الثلاثة، وشاركنا انطباعاً واضحاً: هذه ليست فعالية تعرض المستقبل، بل تحاول فعلياً إعادة كتابته من جديد، سطراً بعد سطر.
COMEUP 2025 بالأرقام والمعنى
في دورته السابعة، استقطب COMEUP 2025 مشاركين من 46 دولة، وهو رقم يعكس تحول الحدث من منصة محلية آسيوية إلى نقطة التقاء عالمية حقيقية. هنا في Arageek، نرى أن هذا التنوع الجغرافي ليس مجرد زينة دبلوماسية، بل مؤشر على أن الابتكار لم يعد حكراً على وادي السيليكون أو عواصم التكنولوجيا التقليدية.

أكثر من 3,400 لقاء استثماري وتجاري تمّت عبر المنصة الرقمية، الاجتماعات الثنائية، وأجنحة المستثمرين. برأينا، هذا الرقم مهم لأنه يعكس انتقال الحدث من “مؤتمر أفكار” إلى “محرك صفقات” حقيقي، وهو ما تفتقده كثير من الفعاليات التقنية حول العالم.
Deep Tech، العالمية، وريادة الأعمال: ثلاثية واضحة
ما لفت انتباهنا هذا العام هو وضوح الهوية. COMEUP 2025 لم يحاول أن يكون كل شيء للجميع. على العكس، أعاد هيكلة برامجه حول ثلاث ركائز أساسية: التقنيات العميقة، التوسع العالمي، وريادة الأعمال كقيمة ثقافية.
الجلسات لم تكن عشوائية، بل موزعة زمنياً وفق محاور يومية، مع إنتاج بصري يعكس فكرة “إعادة البرمجة”. في رأينا، هذه التفاصيل التنظيمية ليست ثانوية، بل تصنع فرقاً حقيقياً في تجربة الحضور وفهم الرسائل الكبرى.
عندما تتحدث السعودية وكوريا بلغة الذكاء الاصطناعي
من اللحظات التي توقّف عندها فريقنا طويلاً، الكلمات الافتتاحية لكل من طارق أمين، الرئيس التنفيذي لشركة HUMAIN السعودية، وبارك سونغ هيون، الرئيس التنفيذي لشركة Rebellions الكورية. الحديث لم يكن عن تقنيات مستقبلية بعيدة، بل عن تغيّرات بنيوية تحدث الآن في عصر الذكاء الاصطناعي.

نعتقد في Arageek أن مشاركة HUMAIN، بما تمثله من ثقل حكومي واستثماري، كانت رسالة واضحة: الذكاء الاصطناعي أصبح سياسة دولة، لا مجرد قطاع ناشئ. الإعلان عن خطط تعاون مع شركات كورية، وتأسيس “HUMAIN Korea”، يعكس انتقال الشراكات من مستوى الخطابات إلى التنفيذ.
أجنحة وطنية تعكس تحوّل الجغرافيا
سبعة أجنحة وطنية من دول مثل السعودية، الهند، اليابان، وكندا، أضافت بعداً سياسياً واقتصادياً للحدث. الجديد هذا العام كان مشاركة دول لأول مرة مثل أستراليا وسيراليون، وهو ما نراه دليلاً على اتساع خريطة الابتكار عالمياً.
من خلال حديثنا مع بعض المشاركين، لاحظنا أن هذه الأجنحة لم تكن استعراضية فقط، بل منصات فعلية للتعريف بالأنظمة البيئية، الحوافز، وفرص الدخول إلى أسواق جديدة. وهذا بالضبط ما تبحث عنه الشركات الناشئة في مراحلها الأولى.
Future Founder: الاستثمار في الإنسان قبل التقنية
من أكثر المبادرات التي أثارت اهتمامنا في COMEUP 2025 برنامج “Future Founder”. هنا، لم يكن التركيز على الشركات التي حققت نجاحاً، بل على العقول التي لم تبدأ بعد. فرق طلابية، مؤسسون من الجيل Z، وجلسات إرشاد، كلها صُممت لنشر قيمة ريادة الأعمال كخيار حياة، لا كمسار مهني فقط.

في رأينا، هذه الخطوة ذكية على المدى الطويل. الابتكار لا يبدأ من المسرح الرئيسي، بل من قاعات الجامعات والأسئلة الأولى التي يطرحها الشباب عن المستقبل.
التكنولوجيا كأداة لحل الأزمات
لم يغفل COMEUP 2025 البعد الاجتماعي. جلسات حول تقنيات مواجهة التغير المناخي، ونقاشات عن ريادة الأعمال من منظور عائلي وإنساني، أعطت الحدث توازناً نادراً. هنا في Arageek، نؤمن أن التكنولوجيا التي لا تلامس الواقع الاجتماعي تبقى ناقصة، مهما كانت متقدمة.
لماذا يهمنا COMEUP 2025؟
لأنه يعكس اتجاهاً عالمياً واضحاً: الابتكار أصبح شبكة، لا مركزاً. الشركات الناشئة، المستثمرون، والحكومات باتوا يتحدثون اللغة نفسها، لغة التجربة، المخاطرة، وإعادة التفكير في كل شيء.
COMEUP 2025 لم يكن نهاية حدث، بل بداية مرحلة. مرحلة يُعاد فيها تعريف من يكتب المستقبل، وكيف، ولمصلحة من. ومن موقعنا في Arageek، سنواصل متابعة هذه التحولات، لا لننقل الخبر فقط، بل لنفهم ما وراءه، ونشاركه معك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.









