شركة كورية تمزج الذكاء الاصطناعي والتدريب العسكري والرؤية المساعدة

4 د
هنا في أراجيك، هذا السؤال لم يكن نظرياً. سمعناه مباشرة خلال Global Media Meet-up في سيول، الذي أُقيم في مكاتب Aving News وجمع شركات كورية عميقة التقنية مع وسائل إعلام دولية. وسط العروض المعتادة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي والمنصات الرقمية، ظهر فريق كوري برؤية مختلفة تماماً، يقوده Mason Kim، ويركز على الذكاء الاصطناعي البصري والأنظمة الفيزيائية الواقعية.
منذ الدقائق الأولى للعرض، كان واضحاً أن هذه الشركة لا تفكر بمنطق “العرض التقني” فقط، بل بمنطق الاستخدام الفعلي. منتجان أساسيان، مساران مختلفان، لكن جوهر واحد. تحويل الرؤية والفيزياء إلى بيانات قابلة للتحليل في الزمن الحقيقي.
تدريب قنص حقيقي… داخل مساحة صغيرة
المنتج الأساسي للشركة هو نظام تدريب قنص يعتمد على الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي من دون نظارات VR. الفكرة قد تبدو غريبة في البداية، لكنها ذكية جداً عند الفهم الكامل لها.

بدلاً من ساحات تدريب تمتد لمئات الأمتار أو كيلومترات، يعتمد النظام على:
- غرفة إطلاق حقيقية بطول يقارب 100 متر
- شاشات خاصة مقاومة للرصاص
- كاميرات موزعة تراقب السلاح ووضعية الرامي
- نظام ذكاء اصطناعي يحلل زاوية السلاح وموقعه
- محاكاة باليستية تجعل الرامي “يصيب هدفاً على مسافة كيلومتر” داخل عالم افتراضي
أحد أعضاء فريق أراجيك علّق بعد العرض قائلاً إن هذا النظام يشبه “ضغط العالم الحقيقي داخل غرفة”. الرامي يستخدم سلاحاً حقيقياً، مع ارتداد حقيقي، وصوت حقيقي، لكن النتيجة تُحسب رقمياً وتُعرض افتراضياً.
الباليستيات… حيث الذكاء الاصطناعي يصبح فيزيائياً
قلب النظام ليس مجرد شاشة أو لعبة. إنه محرك باليستي ذكي.
الذكاء الاصطناعي يتتبع السلاح عبر الكاميرات، يحدد زاوية الإطلاق، موقع البداية، ويحسب مسار الرصاصة افتراضياً، مع أخذ عوامل مثل:
- المسافة
- حركة الهدف
- زاوية الرامي
- وحتى الطقس والرياح
النتيجة تظهر فوراً. إصابة دقيقة تعني مؤشر أخضر. خطأ يعني مؤشر أحمر. كل شيء يحدث في الزمن الحقيقي.
الأهم أن الأهداف ليست ثابتة. يمكن أن تكون متحركة، تصعد وتهبط، تلتف، أو تتغير سرعتها. وهذا، في رأينا، هو الفارق الحقيقي عن أنظمة التدريب التقليدية التي تعتمد على أهداف تتحرك فقط يميناً ويساراً.
من الجيش الكوري إلى السوق الأميركية
النظام ليس فكرة على الورق. الشركة أكدت أنها تقدم هذا الحل فعلياً للجيش الكوري، بما في ذلك وحدات خاصة. ردود الفعل، بحسب ما سمعناه، كانت إيجابية جداً. الجنود وصفوا التجربة بأنها “تدريب ممتع يشبه اللعبة، لكنه فعلي ومفيد”.
الخطوة التالية واضحة. دخول السوق الأميركية، وتحديداً نوادي الرماية. في الولايات المتحدة، عدد هائل من النوادي يعتمد على أهداف ثابتة من الورق أو الفولاذ. النظام الكوري يقدم بديلاً أكثر تنوعاً، أماناً، وقابلية للبناء داخل المدن، مع عزل صوتي وحماية كاملة من الرصاص.
الشركة لا تحاول إقناع الجيوش فقط، بل أيضاً المستخدمين المدنيين الذين يريدون تدريباً واقعياً من دون الحاجة إلى ساحات مفتوحة أو ذخيرة مهدورة.
حل غير متوقع… لضعاف البصر
في نهاية العرض، انتقل الفريق إلى مسار مختلف تماماً.
حل يعتمد على Vision AI لمساعدة الأشخاص ضعاف البصر.
المنتج عبارة عن نظام رؤية ذكي يتعرف على العوائق المحيطة بالشخص، الكراسي، السلالم، المخاطر، ثم يقدّم تنبيهات صوتية فورية لمساعدة المستخدم على الحركة بأمان.
Mason Kim كان صريحاً هنا. هذا ليس المنتج التجاري الأكبر للشركة. العائد المالي الأساسي يأتي من القطاع العسكري. لكن هذا الحل، كما وصفه، “مسؤولية اجتماعية”.
في رأينا، هذه النقطة تحديداً تكشف الكثير عن عقلية الفريق. نفس مهارات الرؤية الحاسوبية التي تُستخدم لتتبع السلاح والزاوية والمسار، يمكن إعادة توظيفها لخدمة فئة غالباً ما تُهمّش تقنياً.
الشركة تخطط لإطلاق هذا المنتج في CES القادم، مع تسعير منخفض يسمح للحكومات بشرائه وتوزيعه على المحتاجين.
لماذا هذا النموذج ذكي؟
ما رأيناه في سيول لم يكن شركتين داخل شركة واحدة، بل استراتيجية بقاء تقنية. الفريق نفسه قال بوضوح إن سوق الواقع الافتراضي الترفيهي لم يكن مربحاً. المنصات محدودة، الأجهزة غير منتشرة، والمحتوى صعب التسويق.
التحول نحو الدفاع والتطبيقات الواقعية كان قراراً واعياً. الذكاء الاصطناعي لا يُستخدم هنا للعرض، بل لحل مشاكل فيزيائية حقيقية. التدريب، السلامة، الحركة، والرؤية.
خلاصة أراجيك
في رأينا، هذه الشركة تمثل نوعاً مهماً من الابتكار الكوري. ابتكار لا يطارد الترند، بل يبني أنظمة تعمل في العالم الحقيقي. أنظمة تجمع بين الفيزياء، الرؤية، والذكاء الاصطناعي.
سواء في تدريب القناصين، أو مساعدة شخص ضعيف البصر على تجنب كرسي في طريقه، الفكرة واحدة.
أن ترى العالم… وتحوله إلى بيانات مفيدة.
وهذا، في زمن الضجيج الرقمي، يستحق التوقف عنده.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
