ذكاء اصطناعي

وداعًا للإبر! رقعة ميكرونية تراقب المؤشرات الحيوية دون ألم أو دم

ملاذ المدني
ملاذ المدني

3 د

تحتوي اللصقة الذكية على ثلاث طبقات تجمع المؤشرات الحيوية دون ألم.

تعمل اللصقة باستخدام الإبر المجهرية لامتصاص السائل الخلالي وقياس المؤشرات بسهولة.

توفر اللصقة بديلاً أكثر بساطة وسرعة عن الفحوصات التقليدية بالإبر.

تم اختبار اللصقة بنجاح في المختبر، وستبدأ التجارب السريرية على البشر قريبًا.

تفتح هذه التقنية آفاقًا جديدة في تشخيص الأمراض ومتابعة الحالات الصحية.

لا يوجد شخص تقريباً يحب أن تؤخذ منه عينات دم، سواء بسبب الألم أو حتى الشعور بعدم الارتياح من رؤية الإبرة والدم. لكن يبدو أن البدائل الذكية تلوح في الأفق مع ابتكار ثوري جديد: لصقة جلدية تعمل دون أي مصدر طاقة خارجي، قادرة على جمع المؤشرات الحيوية دون ألم ولمدة تصل حتى 24 ساعة.

تضعنا هذه التقنية على أعتاب عصر جديد من الفحوصات الطبية الخالية من الإزعاج، حيث يمكن تتبع صحة الإنسان بدقة دون الحاجة إلى التوجه المتكرر للمختبر وتحمل عبء وخز الإبر المتكرر وصعوباته. فالمعتاد في التحاليل التقليدية هو استخلاص عينة دم تعكس حالة الجسم في تلك اللحظة فقط، لكن هذه اللصقة تتيح مراقبة شاملة على مدار اليوم لكثير من المقاييس، ما يمثل نقلة نوعية في عالم التشخيص والمتابعة الطبية.


كيف تعمل اللصقة الذكية؟

تستخدم اللصقة تقنية الإبر المجهرية الدقيقة، التي اخترعتها مجموعة علماء من جامعتي ولاية كارولاينا الشمالية وتشاapel Hill. اللصقة مكونة من ثلاث طبقات: طبقة هلامية غنية بالجليسرول في الأعلى، وشريط ورقي ماص في منتصفها، وتحته صف من الإبر المجهرية الشبيهة بالدبابيس. هذه الإبر مصنوعة من حمض الهيالورونيك الميثاكريلي (وهو مادة آمنة ومرنة)، وتثبَّت اللصقة برفق فوق سطح الجلد بحيث تخترق طبقته الخارجية فقط دون إحداث أي ألم أو الوصول للنهايات العصبية.

يرتبط عمل اللصقة بفكرة الاستفادة من السائل الخلالي، وهو السائل الشفاف الذي يحيط بخلايا جلد الإنسان ويحمل تركيز المؤشرات الحيوية ذاته الموجود في الدم، مثل الكورتيزول وعدد من البروتينات الكيميائية الأخرى. عند وضع اللصقة على الجلد، تقوم الإبر الصغيرة بامتصاص هذا السائل وتوصيله إلى الشريط الورقي الداخلي، لتستمر عملية الجمع لمدة تصل إلى 24 ساعة دون توقف.

ما يربط بين سهولة استخدام اللصقة وفاعليتها يتجسد في آلية الضغط الأسموزي، إذ يؤدي فرق التراكيز بين الجليسرول في الهلام والسائل الخلالي إلى سحب المزيد من السائل نحو الشريط الورقي حتى يصل إلى مرحلة الإشباع.


حلول جديدة لمشاكل فحوصات الدم التقليدية

الميزة البارزة الأخرى لهذا الابتكار أنه يختصر كثيراً من الإجراءات المعقدة في عملية التحليل، فالسائل الخلالي المجمَّع لا يحتاج للفصل أو التحضير مثل الدم (الذي تتواجد به صفائح دموية وكريات حمراء تستوجب خطوات إضافية لفصلها قبل التحليل). يعلق العالم مايكل دانييلي، أحد القائمين على البحث، بأن اللصقة الجديدة تجعل عملية اختبار المؤشرات الحيوية أكثر بساطة وسرعة، وتوفر نتائج دقيقة يمكن الاعتماد عليها لمراقبة الأمراض أو متابعة استجابات الأدوية.

وانطلاقًا من هذه النقطة، تربطنا سهولة التحليل بما تم تطويره لاحقاً من أجهزة إلكترونية قادرة على قراءة محتوى الشريط الورقي تلقائيًا وتحليل تركيز المواد الكيميائية مثل الكورتيزول في السائل المُجمع، وهذا ما طوّره الفريق ونجح في اختباره على نماذج جلد صناعية ضمن المختبر حتى الآن.


هل سنودع الإبر قريبًا؟

تجدر الإشارة إلى أن التكلفة المتوقعة لصنع اللصقة، رغم تركيبتها الدقيقة، قد تكون منافسة أو أقل من تكاليف اختبارات الدم الاعتيادية، التي تتضمن إبرًا وأنابيب ووجود موظفي مختبر مدربين (الفلبوتوميست). أما اللصقة الذكية فلا تتطلب كل هذه التحضيرات، ويمكن لأي شخص استخدامها منزلياً أو في أي مكان وبجهد بسيط.

ذو صلة

وبعد نجاح التجارب المخبرية، انتقل العلماء حاليًا لاختبار التقنية على البشر على أمل أن تمهد لتطبيق سريري واسع، خاصة أن صحيفة “لاب أون أ تشيب” المحكمة نشرت نتائج هذه الأبحاث مؤخرًا، ما يوسّع من مصداقية التجربة أمام المجتمع العلمي.

خلاصة القول، إن ظهور لصقة جلدية ذكية تجمع شتى المؤشرات الحيوية من سائل الجلد دون ألم وبطريقة عملية وموثوقة، يفتح الباب واسعًا أمام ثورة في طرق تشخيص الأمراض ومراقبة الصحة اليومية. ومع استمرار التجارب، قد نكون قريبين من زمن يستبدل فيه كثيرون وخز الإبر المؤلم بملصق صغير يُغير فكرة الفحوصات الطبية للأبد.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة