تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

عندما كانت الديناصورات تملأ الأرض.. كيف تفاوتت أحجامها ووصلت لتلك الضخامة؟

نور حسن
نور حسن

5 د

حكمت الديناصورات عالمنا خلال الفترة التي سبقت أسلافنا بملايين السنين، وهيمنت على باقي الكائنات التي عاصرتها، وذلك بفضل قوتها المرعبة وأحجامها الهائلة التي جعلتها تسيطر على البر والبحر والسماء. فبالرغم من أن حجمها لم يحمها من الانقراض فإن سؤالاً محيراً لا يزال يطرح نفسه: كيف تمكنت الديناصورات من الوصول إلى هذه الأحجام الخيالية؟ ولماذا لم تتمكن الثدييات المعاصرة لها من الوصول إلى نفس الحجم؟


كثرت التساؤلات حول تفاوت أحجام الديناصورات!

تنوعت أشكال وأحجام الديناصورات خلال العصر الجوراسي منذ أكثر من 200 مليون عام، إلا أن أنواعًا معينة مثل الصوروبودات Sauropods ( سحليات الأرجل أو الصراعيد) والتيرانوصورات tyrannosaurs تجاوزت أقرانها من حيث الحجم والارتفاع حيث وصل وزن ديناصور باتاغوتيتان في العصر الطباشيري إلى 57 طن وتجاوز ارتفاعه 37 متر.

تساءل العلماء عن أسباب تفوق أنواع ديناصورات معينة في الحجم، يقول الباحث أندرياس جانيل، المسؤول في متحف für Naturkunde في برلين: "لا نزال نجهل أسباب تطور الصوروبودات وبعض أنواع الديناصورات بشكل عام، إنه مجال واسع للغاية".

حتى نتمكن من فهم الموضوع بشكل أكبر، تخيل معي ديناصور ثيروبود Theropod، وهو ديناصور آكل اللحوم ذو ساقين منتصبتين ويبلغ وزنه غالبًا بين 100 و 1000 كيلوغرام بالمقارنه مع معظم الحيوانات آكلة اللحوم الموجودة حاليًا التي يتراوح وزنها بين 10 و 100 كيلوغرام نجد أن وزنها أقل بكثير من أسلافها اللاحمة، وهذا ينطبق على التيتانوصور وأرجنتينوصور حيث يصل وزنه إلى 50 _ 90 طن وهذا يتجاوز وزن حيتان بالين في عصرنا الحالي، ما يدفعنا للسؤال عن السبب الذي جعلها تصل إلى هذا الحجم؟.


ما السر وراء حجم الديناصورات الهائل؟

للحصول على إجابات حول عملقة هذه السحالي القديمة يجب علينا البحث في جوانب حياتها، على سبيل المثال لدينا اليوم عمالقة اليابسة وهي الفيلة والزرافات، وكلاهما أصبح كبيرًا نتيجة لمزايا مختلفة حيث تسمح رقبة الزرافة الطويلة بالوصول إلى أعالي الأشجار التي يتعذر على الحيوانات العاشبة الأخرى الوصول إليها، وقد نتج عن هذه الميزة جذع كبير لدعم الرقبة الطويلة. بينما يفيد حجم الفيل الكبير في إخافة المفترسات والدفاع عن أفراد عائلته. ويمكن ربط هذه الأسباب مع أحجام الديناصورات بنفس الطريقة، حيث تكتسب الحيوانات العاشبة أحجام ضخمة لتجنب التعرض للمفترسات، بينما يزداد حجم الحيوانات اللاحمة لتسهيل اصطياد العاشبات الضخمة في سباق تطوري مذهل.

يعتقد فريق من العلماء أن السر يكمن في الهواء الذي تنفسته هذه الكائنات. وبشكل أدق؛ فإن الموضوع يرتبط بنسب الأكسجين العالية في الغلاف الجوي الذي يمكن أن يدفع الديناصورات للنمو بشكل أكبر، لكن الدراسات الحديثة دحضت هذه الفكرة، بعد أن وجد الباحثون أن تركيزات الأكسجين  في الغلاف الجوي قبل 220 مليون سنة كانت على الأرجح أقل من تركيزات اليوم، بعد دراسة المواد العضوية والراتنجات المتحجرة.

وجد الباحثون أن تغير حجم الكائنات مرهون بالعوامل البيئية المحيطة بشكل كبير. على سبيل المثال: في المناخات الباردة يمكن أن يكون الهيكل الضخم ميزة للحيوانات ذوات الدم الحار، فكلما زاد حجمها احتفظت بالحرارة بشكل أفضل. والعكس صحيح بالنسبة للحيوانات ذوات الدم البارد في المناخ الدافئ، يمكن أن تساعد الكتلة الأكبر في عزل الحيوان ومنع ارتفاع درجة حرارته. بالإضافة للغطاء النباتي القاسي المنتشر في تلك الفترة، والذي حرض على تطور جهاز هضمي قوي وضخم يسمح للديناصور باستخلاص أكبر قدر ممكن من القيمة الغذائية من كل قضمة.


كيف تأكل هذه الديناصورات ما يكفي لدعم حجمها؟ 

تميزت فئة الصربوديات Sauropods عن أقرانها من الديناصورات في الحجم، وهي فئة عملاقة آكلة للأعشاب تمتلك عظام مجوفة ورقبة طويلة جدًا مع رأس صغير.

عندما درس  العلماء سمات هذا الكائن الغريبة، وجدوا أن السبب في التفاوت الكبير بين حجم رأسه الصغير وجذعه الهائل هو عدم حاجته لمضغ الطعام وبالتالي لا يحتاج لرأس ضخم حتى يدعم عضلات فك كبيرة وأسنان صخمة لسحق الطعام، وإنما كانت هذه الكائنات تتغذى على النباتات وأغصان الأشجار دون مضغها، وهذا ما سمح لها بتناول كميات كبيرة من الطعام بشكل سريع لتمدها بالغذاء على مدى أسابيع. ويعتقد الباحثون أنها كانت تبتلع الحصى للمساعدة في تكسير الطعام (كما يفعل الدجاج اليوم).


لماذا لم تصبح الثدييات كبيرة مثل الديناصورات؟

تمكنت الثديات من التطور السريع بعد انقراض الديناصورات قبل 65 مليون سنة، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى حجم أكبر أو حتى قريب من حجم الديناصورات.

قامت عالمة الأحياء فيليسا سميث بدراسة عام 2010 للبحث في أسباب ضآلة حجم الثدييات مقارنة مع الديناصورات، فوجدت أن الثدييات كائنات تحتاج لتنظيم درجة حرارة أجسامها، وبالتالي فهي تحتاج طاقة أكبر بعشر مرات مما يستخدمه الزاحف أو الديناصور من نفس الحجم. بمعنى آخر فإن الثدييات تحتاج الطاقة للحفاظ على أجسامها دافئة بينما الديناصورات مثل الزواحف الحالية، لا تحتاج لتنظيم درجة حرارة أجسامها، وقد سمحت لها الطاقة الإضافية بالنمو بشكل أكبر.

ذو صلة

تقول سميث: "من المهم معرفة أن تطور أي كائن حي يرتبط بالبيئة المحيطة ووجود كائنات أخرى تشاركه الكوكب، ويمكن القول أن الثدييات تطورت منذ 210 مليون سنة، لكنها في أول 140 مليون سنة كانت صغيرة ولم تتنوع بشكل كبير، لكن بمجرد انقراض الديناصورات تمكنت من التطور إلى أحجام وأنواع مختلفة".

يمكن القول ختامًا أن تحديد السبب الحقيقي لضخامة هذه الكائنات لا يزال لغزًا لدى العلماء، لكن النظريات التي تفسر ذلك موجودة، وربما كان الحجم الكبير يحميهم من الحيوانات المفترسة، أو ساعدهم في تنظيم درجة حرارة أجسامها الداخلية، أو من أجل البحث عن غذائها في أعالي النباتات خلال تلك الحقبة. والشيء المؤكد لدى علماء الحفريات هو أن العالم الذي عاشت فيه الديناصورات كان مختلفًا جدًا عن عالم اليوم، وأن المناخ والنباتات والغذاء المتوفر ساعدت في الوصول إلى تلك الأحجام.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة