ما هو الاسطرلاب

وائل سليمان
وائل سليمان

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

4 د

أراد الإنسان القديم تحديد الوقت واكتشاف الكون من حوله فما كان منه إلا أن اعتمد على السماء عندما لاحظ حركة الأرض والشمس والقمر وربطها مع بعضها البعض ومع نجومٍ محددةٍ أطلق عليها أسماء ليميزها عن غيرها، لكنه احتاج لطريقةٍ يستخدمها في حساب مواقع تلك الأجرام السماوية ليبدأ تجارب وطرق قادته إلى اختراع أداة الاسطرلاب التي تعدت استخداماتها مجال الفلك إلى الاعتماد عليها في الإبحار وتحديد الطرق في قلب المحيطات.


تعريف الاسطرلاب واستخداماته

هو أداةٌ تكنولوجيةٌ صغيرةٌ وقديمةٌ يدوية الاستعمال وإحدى أهم الاختراعات القديمة التي تتضمن نموذجًا ثنائي الأبعاد للقبة السماوية وأطلق عليه هذا الاسم مُشتقًا أساسًا من الكلمتين اليونانيتين Astron and Lambanien؛ وتعني الشخص الممسك بالأجسام السماوية، حيث مكنت الإنسان من حساب الوقت وتحديد مكانه على الأرض بدقةٍ إضافةً للاعتماد عليها في قياس مواقع الأجرام السماوية وتحديد بعدها عن الأرض وحساب مواعيدٍ محددةٍ في السنة ومعرفة الجزء الذي سيكون مرئيًا في السماء في وقتٍ محددٍ لاحقًا.


أجزاء الاسطرلاب

  • الصفيحة الأساسية (الأم)

وتدعى Mater وهي الأصل اللاتيني للكلمة Mother، والصفيحة الأم هي الجزء الأساسي للإسطرلاب تدعى حافته بالصفيحة نُقش عليها مقياسٌ للدرجة ومقياسٌ للساعات، بينما يدعى الجزء المجوف منها بالرحم ويوجد فيه صفائح خطوط العرض.

  • اللوحة أو الصفيحة

من ينظر إلى السماء يبدو وكأن الأرض التي يقف عليها تقع في مركز فضاءٍ هائل الاتساع تتوضع النجوم وبقية الأجسام السماوية على سطحه الداخلي أُطلق عليه القبة السماوية حيث يبدو وكأنه يدور حول الأرض. رُسم مخططٌ للقبة السماوية على صفيحة الاسطرلاب بالاعتماد على تقنية الإسقاط المجسم الرياضية والتي تتيح إظهار أبعاد القبة الثلاثة على صفيحة ثنائية الأبعاد، حيث يحتاج كل خط عرضٍ إجراء إسقاط مجسمٍ خاص به لذلك يتضمن الإسطرلاب عددًا متنوعًا من الصفائح المخصصة لكل خطوط العرض عادةً ما تثبت فوق بعضها ضمن الإسطرلاب.

  • الشبكة
    • هي صفيحة تدعى أحيانًا بالشبكة النجمية تتضمن إشارات لمواقع النجوم ومدارات الأبراج، مثبتةً بطريقةٍ تتيح إمكانية تدويرها فوق صفائح خطوط العرض.
    • إشارات مواقع النجوم: تقدم هذه المؤشرات دلائل على مواقع نجومٍ محددةٍ غالبًا ما تكون مرسومةً على الشبكة، وعندما نغير اتجاه الاسطرلاب تعطي تلك الإشارات دلائل على موقع تلك النجوم مقابلةً للجهة الخلفية للقبة الكروية المرسومة على صفيحة خطوط العرض الموجودة تحتها لتظهر من خلال أجزاء الشبكة.
    • مدارات الأبراج: وهي المسار السنوي لحركة الشمس في السماء وفقًا لما تراه العين من الأرض أما دائرة الأبراج أو الزودياك فهي حزامٌ يمتد شمال مسار الشمس وجنوبه بحوالي 6 درجات وفيه يمكن تتبع حركات الشمس والكواكب.
  • المسطرة

وهي عبارةٌ عن لوحٍ أو ساقٍ مثبت بطريقةٍ تتيح له إمكانية الدوران خلال مقدمة الاسطرلاب ليحدد المواقع على الصفيحة أو الشبكة ويصلها مع مقياس الساعات الموجودة على حافة الأم المسماة بالصفيحة.

  • العضادة

وهي لوحٌ قابلٌ للدوران مثبت على الجهة الخلفية للإسطرلاب وله زوائدٌ أشبه بالريَش الصغيرة في نهايتيه ثقوب أو شقوق تستخدم للنظر من خلالها، حيث يقاس الارتفاع من خلال تحديد جسمٍ ما كأحد النجوم مثلًا عبر فتحتي المشاهدة وقراءة الارتفاع على مقياس الدرجات.


الإسطرلاب عبر التاريخ

بالرغم من عدم قدرة علماء التاريخ على تحديد المخترع الحقيقي للإسطرلاب، يُعتقد أن ظهور هذه الآلة المسماة بالاسطرلاب يعود إلى القرن السادس الميلادي حيث دلت النصوص التاريخية والآثار المختلفة على استخدام هذه الأداة في بدايات العصور الوسطى في أوروبا والعالم الإسلامي حتى اعتُمد عليها في منتصف القرن الخامس عشر كأداةٍ أساسيةٍ من أدوات الإبحار كما ساعدت في الاكتشافات الفلكية المختلفة.

يُعتقد أن العالم الفلكي اليوناني هيبارخوس أول من وضع الأسس والمبادئ الفلكية المتمثلة بالإسقاط الفلكي والتي شكلت أساس اختراع الاسطرلاب ليُتابع العالم بطليموس تطوير تلك الأفكار مما دفع العلماء للاعتقاد باستخدامه للإسطرلاب في كافة أبحاثه الفلكية.

انتشر الاسطرلاب في مختلف أنحاء العالم وظهرت منه أشكالٌ وأنواعٌ كثيرةٌ، فمنذ اختراع الإسطرلاب عرف الإنسان أنواعًا مختلفةً منه لكلٍ منها ميزاتٌ تختلف عن غيرها كان أهمها الاسطرلاب الذي اخترعه العالم الإسلامي أبو اسحاق ابراهيم الزرقلي، وهو أول إسطرلاب عالمي مختلف عن سابقاته يمكن استخدامه من أي منطقةٍ في العالم دون الحاجة للتقيد بمواقع خطوط عرضٍ محددةٍ.

هل أعجبك المقال؟

الكشف عن أسرار مصدر نهر النيل الذي كان لغزاً لآلاف السنين!

2 د

ظلّ مصدر نهر النيل لغزاً لآلاف السنين.

لنهر النيل مصدران رئيسيان: النيل الأزرق من إثيوبيا والنيل الأبيض من البحيرات الأفريقية الكبرى وما وراءها.

حاولت العديد من الحضارات البحث عن مصدر النيل، لكن نظام النهر المعقّد يجعل من الصعب تحديد أصل واحد.


يعتبر نهر النّيل من أطول الأنهار في العالم وأحد أهم الأنهار في مصر والمنطقة العربية. ومنذ القدم، كان مصدر المياه الذي ينبعث منه النّيل يثير اهتمام المصريّين القدماء، وحتى الآن لا يزال هذا السؤال غامضاً ولا يحمل إجابة واضحة. على الرّغم من التقدّم التكنولوجي والمعرفة الجيوفيزيائية، لا يزال أصل النّيل لغزاً حتّى يومنا هذا.

في حين أنّ الإجابة البسيطة هي أنّ للنيل مصدرين رئيسيّين -النّيل الأزرق من إثيوبيا والنّيل الأبيض من البحيرات الأفريقيّة الكُبرى وما وراءها- فإنّ منشأ النّيل أكثر تعقيداً ممّا يبدو.

حاول الرّومان القدماء العثور على منبع النّيل، وبمساعدة المرشدين الإثيوبيين، توجّهوا عبر إفريقيا على طول نهر النيل إلى المجهول. على الرغم من أنّهم وصلوا إلى كتلة كبيرة من المياه كانوا يعتقدون أنّها المصدر، إلا أنّهم فشلوا في النّهاية في حلّ اللغز.

قبل الرّومان، حرص المصريّون القدماء معرفة أصل النّيل لأسباب ليس أقلّها أنّ حضارتهم كانت تعتمد على مياهه لتغذية ترابهم وتكون بمثابة طريق مواصلات. فتتبّعوا النهر حتّى الخرطوم في السّودان، واعتقدوا أنّ النّيل الأزرق من بحيرة تانا، إثيوبيا، هو المصدر. وقد كانت رؤية النيل الأزرق على المسار الصحيح، ولكن لا يوجد دليل على أنّ المصريين القدماء اكتشفوا القطعة الرئيسية الأخرى في هذا اللغز؛ النيل الأبيض.

واليوم، تمّ الاتّفاق على أنّ للنيل مصدرين: النّيل الأزرق والنّيل الأبيض، يلتقيان في العاصمة السّودانية الخرطوم قبل أن يتّجه شمالاً إلى مصر. يظهر النّيل الأزرق من الشّرق في بحيرة تانا الإثيوبيّة، بينما يظهر النّيل الأبيض من حول بحيرة فيكتوريا يخرج من جينجا، أوغندا. ومع ذلك، حتى هذه المصادر هي أكثر تعقيداً ممّا تبدو عليه لأول مرة.

يوضّح المغامر الشهير السير كريستوفر أونداتجي أنّ بحيرة فيكتوريا نفسها عبارة عن خزّان تغذّيها أنهار أخرى، وأنّ النّيل الأبيض لا يتدفّق مباشرة من بحيرة ألبرت ولكن من نهر كاجيرا ونهر سيمليكي، اللّذان ينبعان من جبال روينزوري في الجمهورية الكونغو الديمقراطية. في نهاية المطاف، كما يجادل، يمكن تتبّع النّيل الأبيض مباشرة إلى نهر كاجيرا ونهر سيمليكي.

ذو صلة

في الختام، ليس لنهر النّيل مصدر واحد، بل يتغذّى من خلال نظام معقّد من الأنهار والمسطّحات المائية الأخرى. في حين أنّ الفكرة اللّطيفة القائلة بإمكانيّة تحديد المصدر بدقّة على الخريطة هي فكرة جذابة، إلّا أنّ الحقيقة نادراً ما تكون بهذه البساطة.

حتى اليوم، لا يزال مصدر النيل لغزاً يثير إعجاب النّاس في جميع أنحاء العالم.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة
متعلقات