ذكاء اصطناعي

الإعلانات تتحكم في أحلامك.. تقنيات تسويق جديدة تغزو العقول خلال النوم!!

الإعلانات تتحكم في أحلامك.. تقنيات تسويق جديدة تغزو العقول خلال النوم!!
فراس دالاتي
فراس دالاتي

5 د

نحن نعيش الآن في عالم مليء بالإعلانات عبر الإنترنت وغيره لدرجة أن هناك محادثاتٌ مشروعة تجري الآن حول جدوى استهداف المعلنين لأحلامك بعد ذلك، وقد حدث ذلك بالفعل. إذ أعلنت شركة المشروبات الأميركية «مولسون كوووز» عام 2021 عن نوع جديد من الحملات الإعلانية، تم تحضيره للأيام التي سبقت نهائي “السوبر بول”، وقد تم تصميمه للتسلّل إلى أحلامنا، إذ خططت الشركة لاستخدام ما يسمى بـ«حضانة الأحلام المستهدفة» لتغيير أحلام ما يقرب من 100 مليون شخص من مشاهدي السوبر بول في الليلة السابقة للمباراة لجعلهم يحلمون ببيرة الشركة في بيئة جبلية نظيفة ومنعشة على وجه التحديد.


ديستوبيا الإعلانات

الإعلان المستهدف

الإعلانات، بالطبع، تملي الكثير بالفعل حول كيفية تجربتنا للعالم، وخاصة الإنترنت، من خدمات البث مثل نتفليكس إلى مواقع الويب الإخبارية وغير ذلك الكثير، لدرجة أنه يبدو أحياناً أننا سنصل في النهاية إلى نقطة في المستقبل حيث سنضطر إلى التوقف ومشاهدة ما لا يقل عن 5 ثوانٍ من الإعلان أولاً قبل اللقاء بشخصٍ جديد،

يبدو الأمر وكأنه مبالغة؟ لكن ماذا بعد أن تفكر في حقيقة أن البحث الشرعي يجري حول إمكانية قبول الإعلانات التجارية بشكلٍ أساسي في أحلامنا؟ “إعلان احتضان الأحلام” هو أمرٌ حقيقي يتحدث عنه الأشخاص ويبحثون فيه، ووفقاً لمجلة «Science» التي ذكرت في الأيام الأخيرة أن هذا ليس مجالاً بحثياً شرعياً فحسب، ولكنه في الواقع أخاف عدداً كافياً من الأكاديميين لدرجة أن مجموعةً منهم قامت بنشر رسالةٍ تحذيريةٍ حول الآثار المترتبة هنا.

كتب الباحثون على موقع افتتاحية «EOS»: “إن إعلان حضانة الأحلام ليس وسيلةً ممتعة للتحايل، ولكنه منحدرٌ زلق له عواقب حقيقية، لا يمكن أن تصبح أحلامنا مجرد ملعب آخر لمعلني الشركات”.

في الواقع، من غير العادي التوقف والتفكير في أن الأمور قد وصلت إلى هذه النقطة، إذ أن الاحتكار الثنائي بين شركتي فيسبوك وجوجل قد فرض هيمنته على سوق الإعلانات الرقمية، مثل ذئب سمين للغاية وله شهيةٌ لا حصر لها، مما دفع المعلنين والشركات الأخرى إلى خياراتٍ أكثر جموحاً بحيث يتعيّن عليهم التفكير في غزو عقولنا أثناء نومنا.

في الواقع، يعد الإعلان والاستهداف المفرط للمستخدمين لتقديم إعلاناتٍ أفضل وأكثر صلة حقيقة مزعجةً بشكلٍ متزايد في هذا اليوم وهذا العصر، وهو ما يفسر سبب رغبة الباحثين في بذل جهود كبيرة لتجربة شيءٍ كهذا، وكما ورد في مجلة «Science»:

“يقول «آدم هار»، عالم الإدراك والحاصل على درجة الدكتوراه من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “الناس معرّضون بشكلٍ خاص (للإيحاء) عندما ينامون” اخترع هار قفازاً يتتبع أنماط النوم ويوجّه مرتديه إلى الحلم بموضوعاتٍ محدّدة من خلال تشغيل إشارات صوتية عندما يصل النائم إلى مرحلة نومٍ حساسة، ويقول إن ثلاث شركات اتصلت به في العامين الماضيين بما في ذلك مايكروسوفت وشركتان من خطوط الطيران، طالبين مساعدته في مشاريع احتضان الأحلام”.


سيطرة الإعلانات عبر تطويع الأحلام واستغلالها

في مطلع عام 2021 اتخذت سيطرة الإعلانات اتجاها خطيرا، حيث أعلنت شركة «مولسون كوورز» أن المشاركون في ما أسمته “أكبر دراسة للأحلام في العالم” سيحصلون على حزمة من 12 زجاجة بيرة مجانية إذا أرسلوا رابط احتضان الأحلام إلى صديقٍ لهم، ومن خلال هذه الحملة، تفخر شركة كوورز بالريادة في شكلٍ جديد من أشكال التسويق التدخلي الذي لم يسبق له مثيل.

مع بدء تقنيات تصوير الدماغ في التقاط المحتويات الأساسية لأحلام الناس، ودراسات النوم التي تؤسّس التواصل في الوقت الفعلي بين الباحثين والحالمين النائمين، كانت حضانة الأحلام حتى وقتٍ قريبٍ نوعاً من الخيال العلمي الخالص لأفلام مثل «Inception» ولكن أصبحت الآن حقيقةً واقعة.

ومولسون كوورز ليست الشركة الوحيدة التي أعربت عن اهتمامها باستخدام تقنيات حضانة الأحلام الجديدة هذه، إذ تستخدم حملة شركة مايكروسوفت «Xbox’s Made From Dreams» حضانة الأحلام المستهدفة لمنح اللاعبين المحترفين أحلاماً عن ألعاب الفيديو المفضلة لديهم، بينما تعلن بلايسيتشن التابعة لشركة سوني عن لعبة «Tetris» (أحجية) جديدة تعتمد على دراسة النوم وتتمحور طريقة اللعب حول احتضان أحلاماً تتعلّق باللعبة.

في عام 2018، ابتكر برجر كينج “برجر الكابوس” لعيد الهالووين، مدعياً أن دراسة مخبرية للنوم أثبتت سريرياً أنه سيسبّب الكوابيس، وتختبر العديد من الدراسات التسويقية علناً طرقاً جديدةً لتغيير وتحفيز سلوك الشراء من خلال اختراق الأحلام والنوم، وسرعان ما أصبح الاستخدام التجاري الربحي لحضانة الأحلام حقيقةً واقعة.

اقرأ أيضا:


عن أصل هذا الإجراء

حضانة الأحلام

تقاليد حضانة الأحلام -أي التقنيات المستخدمة أثناء اليقظة لمساعدة شخص ما على أن يحلم بموضوعٍ معين- تعود إلى آلاف السنين، وتمتد إلى ممارسات السكان الأصليين في جميع أنحاء العالم، لكن على مدى السنوات القليلة الماضية، بدأ علماء الدماغ في تطوير أدوات علمية تسهل احتضان محتوى أحلام معيّن، مما يجعل حضانة الأحلام أكثر استهدافاً وقابليةً للقياس، وتسمح بإجراء التجارب العلمية على طبيعة ووظيفة الحلم.

يستخدم العلماء أجهزة استشعار لتحديد متى يكون دماغ الفرد النائم متلقّياً للمؤثرات الخارجية، وفي هذه الأوقات، يتم إدخال الروائح أو الأصوات أو الأضواء الساطعة أو حتى الكلام للتأثير على محتوى أحلامنا، ترتبط الأحلام بمدى صحة الناس، ويمكن لمحتوى الأحلام أن يتنبأ بمدى تأقلم شخص ما مع تحديات اليقظة والمخاوف، بما في ذلك تلك المتعلّقة بالصدمات والاكتئاب. كما يمكن أن يؤدي تغيير محتوى الأحلام إلى زيادة إبداعنا وتعزيز مزاجنا ومساعدتنا على التعلم.

ويُعتقد أن التدخل المستهدف في النوم والأحلام يمكن أن يساعد في تخفيف العديد من الحالات النفسية بما في ذلك الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، نحن نعلم أن التوصيل المستهدف للروائح أثناء النوم يمكن أن يساعد في مكافحة الإدمان، ففي إحدى التجارب، تم تعريض المشاركين أثناء نومهم لرائحة السجائر جنباً إلى جنب مع روائح البيض الفاسد، ليتّضح أنهم دخنوا سجائر أقل بنسبة 30% خلال الأسبوع التالي.

ذو صلة

ولم يختبر الباحثون بعد ما إذا كانت حضانة الأحلام المستهدفة يمكن أن تؤدي بدلاً من ذلك إلى تفاقم الإدمان، لكن دراسة شركة كوورز الأخيرة، التي ربطت ما بين صور علب البيرة مع صور لتيارات جبلية نظيفة بدلاً من الرائحة الكريهة، قد تلقي ضوءاً مزعجاً على هذا السؤال.

وبغض النظر، تؤثر مثل هذه التدخلات بوضوح على الخيارات التي يتخذها دماغنا النائم والحالم في كيفية تفسير الأحداث من يومنا، وكيفية استخدام ذكريات هذه الأحداث في التخطيط لمستقبلنا، وبالتالي تحيّز قرارات الدماغ تجاه أي معلومات يتم تقديمها أثناء النوم.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة