مشروع “ميركوري”: خطة سام ألتمان لتحويل ذكاء البنوك إلى ذكاء اصطناعي
2 د
تشهد المؤسسات المالية العالمية تحوّلاً لافتاً مع تسارع دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب عملها. فبحسب تقرير حديث نشره موقع "بلومبيرغ"، تعمل شركة "أوبن إيه آي" الأميركية على تطوير حلول ذكية تستهدف تقليل عبء العمل الروتيني الذي يثقل كاهل المصرفيين المبتدئين في وول ستريت.
الخطوة، التي تأتي في وقت تتزايد فيه المنافسة بين شركات التقنية المالية (FinTech) وشركات الاستثمار التقليدية، تهدف إلى أتمتة المهام المتكررة مثل إعداد العروض التقديمية، وتنظيم البيانات المالية، وصياغة التقارير التحليلية. وهي بذلك تمهّد لحقبة جديدة يمكن أن يعاد فيها تعريف دور المحلّل المالي الشاب، ليتحوّل من منفّذ مهام إلى باحث استراتيجي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في سرعة ودقة التحليل.
وهذا يربط بين خطة "أوبن إيه آي" الجديدة وطموحها الأوسع لتوسيع حضورها في القطاع المؤسسي بعد أن أثبتت نجاحها في سوق المستخدمين الأفراد.
ثورة في بيئة العمل المصرفي
يرى خبراء أن تطبيق تقنيات اللغة الاصطناعية في البنوك يمكن أن يحسّن الإنتاجية وجودة العمل بشكل غير مسبوق. فالأدوات الجديدة قادرة على فرز آلاف الصفحات من البيانات خلال دقائق، ما يقلل الأخطاء ويزيد الكفاءة التشغيلية. ومع ذلك، يبرز تحدٍّ واضح يتعلق بمدى موثوقية هذه الأنظمة في التعامل مع معلومات حسّاسة ومقيدة بقواعد الامتثال المالي.
تراهن المصارف الكبرى على أن الحل سيكون في تطوير نماذج خاصة بها بالتعاون مع شركات مثل "أوبن إيه آي"، بحيث تتم حماية البيانات محلياً وتُستغل قدرة الذكاء الاصطناعي في التحليل دون انتهاك الخصوصية.
وفي هذا السياق، يتضح أن التحول الرقمي في وول ستريت لا يقتصر على مجرّد تحديث الأدوات، بل يشمل أيضاً إعادة تشكيل ثقافة العمل نفسها.
مستقبل الوظائف في البنوك تحت المجهر
بينما يأمل بعض المصرفيين الشباب أن توفر لهم هذه التقنيات وقتاً أكبر للإبداع والتعلّم، تتزايد مخاوف آخرين من احتمال أن تتسبب الأتمتة في تقليص أعداد الوظائف التقليدية. فمع صعود البرمجيات القادرة على إعداد النماذج المالية وتقديم التحليلات الآنية، قد تصبح بعض الأدوار أقل حاجة إلى التدخل البشري المباشر.
وهو ما يدفع المؤسسات الأكاديمية وشركات التدريب إلى إعادة توجيه مناهجها لتأهيل العاملين في القطاع المالي للتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي بعقلية تكاملية لا تنافسية.
في النهاية، يتضح أن مبادرة "أوبن إيه آي" ليست مجرد تجربة تقنية، بل تعبير عن تحوّل جذري في شكل اقتصاد المعرفة. فإذا نجحت هذه الخطوة، قد نرى قريباً جيلاً جديداً من المصرفيين يعتمد على الذكاء الاصطناعي بقدر ما يعتمد على الخبرة البشرية، ليصيغ بذلك ملامح مستقبل العمل في القطاع المالي العالمي.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
