إد زيتورن: بنى شهرته على كراهية الذكاء الاصطناعي… بينما يتقاضى أجرًا من شركاته!
3 د
إد زترون يدير وكالة علاقات عامة بينما ينتقد بشدة صناعة الذكاء الاصطناعي.
يقوم بتقديم خدمات دعائية للشركات الناشئة، معتمداً على جودة مشاريعها.
يرى أن وادي السيليكون أفسد الحاسوب، محولًا إياه إلى منظومة رأسمالية مغلقة.
ينتقد وسائل الإعلام التقنية والصحافيين لعدم تحليهم بالحياد تجاه الابتكار.
يعتقد أن التكنولوجيا يمكن إنقاذها بالشفافية والصدق وسط ضجيج الاستثمارات.
في مشهد التكنولوجيا العالمي تغصّ الساحة بالأصوات الممجّدة للذكاء الاصطناعي، لكن إد زترون يختار زاوية مختلفة تماماً. فهو خبير علاقات عامة أمريكي بريطاني الأصل، يدير وكالة صغيرة تُدعى EZPR، ويكسب رزقه من تقديم الاستشارات الإعلامية لشركات التقنية، من بينها شركات الذكاء الاصطناعي. لكن المفارقة أن زترون هو أيضاً أحد أكثر ناقدي تلك الصناعة ضوضاءً وحدّة، إذ لا يتردّد في وصف قادتها بأوصاف لاذعة على مدونته ونشراته الصوتية، معتبراً أن ما يحدث اليوم ليس ثورة تكنولوجية بل فقاعة ضخمة من الوهم
وهنا تبدأ المفارقة التي جعلت منه ظاهرة إعلامية تستحق الوقوف عندها.
زترون، الذي يبلغ التاسعة والثلاثين من عمره، استطاع أن يبني لنفسه إمبراطورية صغيرة من المحتوى: بودكاست بعنوان Better Offline، ونشرة رقمية يتابعها عشرات الآلاف، كلها تدور حول نقد شركات التقنية الكبرى من "أوبن إيه آي" إلى "ميتا". لكنه في الوقت ذاته يقدّم خدمات دعائية لبعض الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي، متعهداً أحياناً بـ"الرهان على سمعته" مقابل جودة مشاريعها. بالنسبة إليه لا تناقض هنا، فشغفه بالتقنية، كما يقول، يدفعه إلى حبها حين تُحسن الأداء وكرهها حين تُفسد التجربة الرقمية.
وهذا يربط بين ممارسته الإعلامية ونظرته الأخلاقية للتكنولوجيا كميدانٍ يحمل في طيّاته بشراً بنوا العالم الرقمي ثم اقتنصته الشركات العملاقة.
يرى زترون أن خطيئة وادي السيليكون الكبرى تتمثل في "إفساد الحاسوب"، إذ تحوّل الفضاء الذي كان يوماً مفتوحاً ومفعماً بالتجارب إلى منظومة رأسمالية مغلقة تعتمد على استغلال البيانات وسباق الاستثمار المحموم. لذلك سرعان ما أصبحت عبارته الشهيرة بين معجبيه: "لا تغفروا لهم ما فعلوه بالحاسوب". بالنسبة له، الذكاء الاصطناعي ليس خطراً أخلاقياً فحسب، بل أزمة اقتصادية وبيئية، لأنه يستهلك الموارد دون أن يقدم قيمة حقيقية للمجتمع.
وانطلاقاً من هذا الغضب، يرى في نفسه مدافعاً عن البعد الإنساني للتقنية، وليس مجرد ناقد غاضب على الإنترنت.
لا يكتفي زترون بانتقاد رؤساء شركات الذكاء الاصطناعي مثل سام ألتمان، بل يوجّه سهامه أيضاً إلى الصحافيين الذين يروّجون –بحسب رأيه– للسردية التفاؤلية حول الابتكار. وقد هاجم برامج تقنية معروفة لأنها في نظره تخلّت عن الحياد لصالح علاقات الود مع المديرين التنفيذيين. هذه المواجهة جعلته رمزاً شعبياً بين المتابعين الذين سئموا من "بروباغندا الذكاء الاصطناعي"، حتى أن بعضهم وصفه مازحاً بأنه "نبيّ الغضب الرقمي".
وهذا يربط بين نشاطه الإعلامي وبين حاجة الجمهور إلى صوت مختلف يعبّر عن ريبة متزايدة تجاه الصناعات التقنية.
في النهاية لا يمكن اختزال إد زترون في دور الناقد أو المروّج وحده؛ فهو يجمع بين الشغف والتناقض، بين الإعجاب بالتقدم العلمي والحنين إلى إنترنت أبسط وأكثر إنسانية. يرى أن الذكاء الاصطناعي "لم يفعل بعد ما وُعدنا به"، وأن الاعتقاد بأن السوق ستعاقب المنتجات الفاسدة ليس إلا وهماً جديداً من أوهام الصناعة. ومع ذلك، يظل مؤمناً بأن التكنولوجيا يمكن إنقاذها إذا استعاد الناس قيم الشفافية والصدق التي ضاعت وسط ضجيج الاستثمارات.
بهذا، يصبح زترون –بكل تناقضاته– صورة عن علاقتنا المعقدة بالذكاء الاصطناعي: نراه أحياناً خلاصاً، وأحياناً عبئاً، لكنه في كل الأحوال مرآة لما نصنعه نحن البشر من آمال ومخاوف رقمية.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.



