من العبودية إلى الرأسمالية الحديثة: رحلة تطور النظام الاقتصادي الأكثر شيوعًا في العالم
12 د
هناك أسئلة أساسية مثارة دائمًا حول الرأسمالية Capitalism بالكاد بدأت دراستها، وكلها أسئلة جوهرية تدور حول النظام الاقتصادي الرأسمالي Capitalist Economic System كشكل من أشكال النظم الاقتصادية الأكثر شيوعًا في العالم.
ومن هذه الأسئلة: (ما هي الرأسمالية؟ وكيف تعمل؟ ومن يؤيدها ومن يعارضها؟ وما هي المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التي تولد الابتكار في الاقتصادات الأكثر رأسمالية اليوم، وما حجم فوائد هذا النظام في الإنتاجية والحوافز والمكافآت للمشاركين فيه؟ ما مدى سوء هذا النظام فيما يتعلق بالاستقرار والشمول مقارنة بالأنظمة الموجودة في قارة أوروبا الغربية وشرق آسيا؟ هل الأنظمة الرأسمالية أكثر أو أقل عرضة للأزمات المالية من الشركات؟).
نرشح لك قراءة: أين تذهب أموالي؟ دليلك إلى التمويل الشخصي السليم
ملامح النظام الاقتصادي الرأسمالي
عرفت الحضارة الإنسانية عبر التاريخ الاقتصادي الممتد عدة أنماط من النظم الاقتصادية المتلاحقة، وهي على التوالي: (النظم البدائية – نظام الرق – النظام الإقطاعي – النظام الرأسمالي – النظام الاشتراكي – النظام المختلط) وذلك وفقًا لأنماط وتعديلات مختلفة أدخلت عليهم وفقًا للتطبيق الفعلي.
يختار كل مجتمع النظام الاقتصادي الملائم له، وذلك حسب طبيعته وتكوينه الاجتماعي والسياسي والفكري، بالإضافة إلى الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة به.
ففي الولايات المتحدة، كانت الرأسمالية دائمًا النظام الاقتصادي السائد، حيث يمتلك الأفراد و/أو الشركات، وليس الحكومة، عوامل الإنتاج ويتحكمون فيها، بينما تميل الدول الشيوعية، مثل: الصين وكوريا الشمالية وكوبا، إلى الاشتراكية، حيث تتخذ الحكومة جميع قرارات الإنتاج والتوزيع القانونية، بينما تفضل دول أوروبا الغربية الاقتصادات الرأسمالية المختلطة أي مع رسم مسار وسط في التطبيق.
وعمومًا، تنقسم النظم الاقتصادية الرئيسية القائمة إلى ثلاثة، وهي: (النظام الرأسمالي – النظام الاشتراكي – النظام المختلط) فضلًا عن اهتمام العديد من المفكرين في البلاد الإسلامية المعاصرة بالنظام الاقتصادي الإسلامي.
يمكن أن تتناقض الرأسمالية البحتة مع الاشتراكية البحتة (حيث تكون ملكية جميع وسائل الإنتاج خاصة أو مملوكة للدولة) والاقتصادات المختلطة (التي تقع على سلسلة متصلة بين الرأسمالية البحتة والاشتراكية البحتة).
ففي العالم الحقيقي، فإن العديد من الاقتصادات التي يُنظر إليها على أنها تتمتع بنظام اقتصادي رأسمالي قوي لكن في الوقت نفسه لديها معدل إنفاق حكومي يصل إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي، لأن الحكومة تنفق من أجل الرفاه الاجتماعية والصحة والتعليم والدفاع الوطني. ومع ذلك، لا يزال يُنظر إلى الاقتصاد على أنه رأسمالي لأنه يعمل في ظل الشركات الخاصة، تتمتع الشركات بحرية تقرير ما تنتجه ولمن.
نرشح لك قراءة: Zara ليست الوحيدة: كيف يؤثر كوفيد-19 على قطاع البيع بالتجزئة؟
تعريف الرأسمالية
تُعرَّف الرأسمالية Capitalism، والتي تسمى أيضًا اقتصاد السوق الحر Free Market Economy أو اقتصاد المؤسسات الحرة، على أنها شكل من أشكال النظم الاقتصادية يتسم بشكل أساسي بالملكية الخاصة، وهو نظام سائد في العالم الغربي منذ تفكك نظام الإقطاع، وتتحكم فيه الشركات الخاصة في دوائر الاقتصاد والتجارة ولصناعة وأرباح الدولة، بدلًا من الأفراد.
تقوم الرأسمالية بشكل كبير على الملكية الخاصة والنمو الاقتصادي وحرية الاختيار، والتدخل الحكومي المحدود، حيث تكون معظم وسائل وعناصر الإنتاج الرئيسية، وهي: (الأرض – العمل – رأس المال – التنظيم)، مملوكة للقطاع الخاص، وبصفة خاصة في القطاع الصناعي، ويتم توجيه الإنتاج وتوزيع الدخل إلى حد كبير من خلال تشغيل الأسواق، فيتم إجراء الاستثمارات على أساس اتخاذ القرارات الخاصة بدلًا من اتخاذ القرارات العامة أو الحكومية، وتحكم المنافسة الحرة في السوق إنتاج السلع وتسعيرها وتوزيعها.
فهو ذلك النظام الاقتصادي الذي يقوم فيه الفرد و/أو مجموعة من الأفراد الرأسماليين -أي الكيانات الخاصة التي تعمل في دوائر الاقتصاد- بجمع عوامل الإنتاج المملوكة لهم أو المستأجرة في شكل مشروع صناعي بالدرجة الأولى، يستخدم الآلات والتقدم الفني والتقني، بهدف تراكم الثروة والحصول على ربح، بالاعتماد على إنفاذ حقوق الملكية الخاصة، التي توفر حوافز للاستثمار والاستخدام المنتج لرأس المال المنتج، حيث يمارس أصحاب السلع الرأسمالية والموارد الطبيعية وأدوات الابتكار وغيره من عوامل الإنتاج الأربعة السيطرة من خلال الشركات أو الكيانات الخاصة.
وهكذا، يقوم النظام الاقتصادي الرأسمالي على المذهب الفردي الحر، فنجد الأفراد يمتلكون عملهم، الاستثناء الوحيد هو العبودية، حيث يمتلك شخص عمالة شخص آخر. على الرغم من أن الرق غير قانوني في جميع أنحاء العالم، إلا أنه لا يزال يمارس على نطاق واسع بشكل مستتر.
عادة ما يكون لدى الرأسماليين الأثرياء قدر كبير من رأس المال (المال أو الأصول المالية الأخرى) المستثمر في الأعمال التجارية، ويستفيدون من نظام الرأسمالية من خلال تحقيق أرباح تزيد من ثرواتهم.
ويميل أولئك الذين على يمين الطيف السياسي إلى أن يكونوا مؤيدين للرأسمالية، أمّا أولئك الذين على اليسار يميلون نحو مناهضة الرأسمالية.
نرشح لك قراءة: اقتصاد كورونا: دليل مرئي للتأثير الاقتصادي وسيناريوهات ما بعد الأزمة!
أصول الرأسمالية
أصول الرأسمالية كشكل من أشكال النظم الاقتصادية معقدة، تاريخيًا، تطور النظام الاقتصادي الرأسمالي وسطع نجمه نتيجة لعدة أسباب، ومن بينها: تفكك الأنظمة السابقة للإقطاع والمذهب التجاري في أوروبا، مع بداية عصر البخار، وتطور وسائل النقل بين المدن، وانتعاش حركة التجارة بين المدن، واكتشاف الذهب كمعدن نفيس، واستخدام الآلات بدلًا من الحيوانات والعمل اليدوي.
مما مهد لقيام الثورة الصناعية، وتغير فنون الإنتاج وتبني مفهوم الإنتاجات النمطية ذات الحجم الكبير، والتوسع في التصنيع، وظهور العديد من الاختراعات والأفكار العلمية التي تحتاج لتمويل مالي لتنفيذها، وتوافر قدر هائل من الأموال المتراكمة، أو ما يطلق عليه مصطلح رأس المال التجاري.
مما أدى لظهور طبقة من التجار المغامرين أصحاب الأعمال والصفقات مع الدول الأجنبية، وأضر هذا الطلب الجديد المتزايد على الصادرات بالاقتصادات المحلية، وبدأ في إملاء الإنتاج والتسعير الإجمالي للسلع.
كما أدى إلى انتشار الاستعمار والرق والإمبريالية، حيث أقدم هؤلاء التجار المغامرين على تشغيل مشروعات صناعية تحتاج لعمالة كثيفة استقدموها عن طريق السخرة والعبودية؛ لتوسيع القدرة الإنتاجية في مجالات متعددة بعيدًا عن النشاط الزراعي الذي كان سائد وقتها بدلًا من الاستثمار في المشاريع غير المنتجة اقتصاديًا، وحققوا أرباحًا طائلة.
تواجد هذه الطبقة من التجار المغامرين كانت عاملًا رئيسيًا في تطور وتنامي صناعة القماش الإنجليزي خلال القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر وانتشار النظام الرأسمالي.
عمومًا، تعود بداية الرأسمالية إلى القرن السادس عشر، عندما انهارت أنظمة القوة البريطانية إلى حد كبير عقب تفشي وباء الطاعون والمعروف بالموت الأسود، كما أن تفكك الإقطاع ساهم كثيرًا في نقل الفلاحين من الريف إلى المراكز الحضرية للعمل في الصناعة بدلًا من الزراعة.
ومع حلول القرن الثامن عشر، كانت إنجلترا قد تحولت إلى دولة صناعية في المقام الأول، وشهدت الثورة الصناعية انفجارًا ضخمًا في آليات التصنيع، ومن هنا بدأت الفكرة الحديثة عن الرأسمالية -ومعارضتها- تزدهر بالكامل.
كما بدأ في القرن الثامن عشر التأصيل للفلسفة الرأسمالية والتدوين والكتابة عن النظام الاقتصادي الرأسمالي على يد الفيلسوف الاسكتلندي آدم سميث (وقتها لم يكن هنا صفة اقتصادي من الأساس، وكان الشائع وصف فيلسوف).
فقد صاغ الاقتصادي آدم سميت مبادئ النظام الرأسمالي في أطروحته الهامة: ثروة الأمم – The Wealth of Nations المنشور عام 1776، والتي تعتبر حجر الأساس الذي تقوم عليه الرأسمالية الحديثة. على الرغم من أن بعض أفكاره المحددة حول القيمة والعمل تختلف عن أفكار الاقتصاديين المعاصرين، غالبًا ما يُطلق على آدم سميث “عرابّ الرأسمالية الأول”.
نرشح لك قراءة: ثروة الأمم.. قراءة اقتصادية في أفكار أبو الاقتصاد، آدم سميث
وتبلورت بعد آدم سميث كتابات أخرى حول الرأسمالية كفر اقتصادي لكلًا من: (ريكاردو – جون ستيورت ميل – ألفريد مارشال – كينز وغيرهم الكثير) تحدد المبادئ النظرية والتطبيقية للنظام الاقتصادي الرأسمالي.
فنجد المبادئ النظرية مستخلصة من مؤلفات مفكري وفلاسفة النظام الرأسمالي، أما المبادئ التطبيقية فتم استخلاصها من تجارب الدول التي أخذت بذلك النظام مثل: دول أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واليابان.
نرشح لك قراءة: الاقتصاديون الخمسة الأكثر تأثيراً في تطور الفكر الاقتصادي الحديث
الاستعمار لا ينفصل عن الرأسمالية
يذهب البعض أيضًا إلى أن النظام الاستعماري البغيض الذي عانت منه الغالبية العظمى من شعوب الأرض يرجع بالأساس إلى النظام الرأسمالي.
الرأسمالية التي توجه كل نفوذها إلى الوصول إلى الحكم والسلطة والثروة داخل مجتمعها، يصبح كل اهتمامها بعد ذلك هو استغلال نظام الحكم ذاته في ظل شعارات قومية زائفة وتوجيه قوى المجتمع المحلي ناحية استغلال ثروات الشعوب الضعيفة واستعمارها.
الرأسمالية والاستعمار مرتبطين ببعضهما البعض ولا ينفصلان. لقد كانت الرأسمالية استعمارية، وبصورة أدق إمبريالية، خلال جميع فترات تطورها البارزة.
كان غزو الأمريكتين من قبل الإسبان والبرتغاليين في القرن السادس عشر، ثم من قبل الفرنسيين والبريطانيين، أول شكل حديث للإمبريالية والاستعمار: شكل وحشي للغاية أدى إلى الإبادة الجماعية للهنود في أمريكا الشمالية، الهنود المجتمعات في أمريكا اللاتينية التي أُلقيت في العبودية والعبودية السوداء عبر القارة بأكملها، في الشمال والجنوب.
لقد كان الاستعمار فظيعًا، مثل العبودية، بل وله دور في انتشار العبودية، فقد كان لاقتصاد العبيد في الولايات الجنوبية آثار متتالية في جميع أنحاء الاقتصاد الأمريكي، حيث ساعد الكثير من التجار في مدينة نيويورك وبوسطن وأماكن أخرى في إدارة تجارة السلع الزراعية التي يقوم عليها الرقيق، وتمتعوا بالكثير من الثروات نتيجة لذلك؛ تألفت أكثر من نصف صادرات أمريكا من القطن الخام خلال العقود الستة الأولى من القرن التاسع عشر من المحصول الذي زرعه العبيد.
كان هجومًا بشعًا على الحقوق الأساسية للإنسان، خلال جميع مراحل الرأسمالية، ظل نهب موارد ومقدرات واضطهاد الشعوب المستعمرة، واستغلال رأس المال المباشر أو غير المباشر لها، هي السمات المشتركة لظاهرة الاستعمار.
لقد كانت المجتمعات الرأسمالية وقتها تقوم ليس فقط باستغلال موارد الشعوب المغلوبة على أمرها، بل أيضًا باستخدام سوق هذه الدول لترويج منتجاتهم التي تم تصنيعها من مواد خام أو مستوردة من الدول المستعمرة.
ولا شك أن تاريخ الاستعمار في مناطق الشرق الأقصى والأوسط وأفريقيا دليل واضح على أبشع صور الاستغلال في تاريخ الأمم ببعضها.
نرشح لك قراءة: اقتصاديات الفقر: أن ترى الواقع بعين أفقر رجل في العالم!
الرأسمالية والتقلبات الاقتصادية
تُعرف الرأسمالية كأحد النظم الاقتصادية بميلها نحو توليد عدم الاستقرار، والذي يرتبط غالبًا بوجود أزمات مالية وتقلبات اقتصادية، وانعدام الأمن الوظيفي، والفشل في إشراك المحرومين والأشد فقرًا.
فالنشاط الاقتصادي في الدول الرأسمالية لم يكن أبدًا خطًا مستقيمًا يسير في اتجاه واحد أغلب الوقت، فيعاب على النظام الاقتصادي الرأسمالي خضوعه للتقلبات الاقتصادية المتعاقبة نتيجة حدة الدورات التجارية التي يعاني منها.
فهناك فترات يزداد فيها حجم النشاط الاقتصادي، وفي فترات أخرى يحدث تقلص للنشاط الاقتصادي، وبالتالي تتعرض المنظومة الاقتصادية لفترات متعاقبة من الرواج والكساد، مما يتسبب في عدم الاستقرار الاقتصادي في ظل الرأسمالية.
شكلت الحرب العالمية الأولى نقطة تحول في تطور الرأسمالية. بعد الحرب، انكمشت الأسواق الدولية، وتم التخلي عن معيار الذهب لصالح العملات الوطنية المُدارة، وانتقلت الهيمنة المصرفية من أوروبا إلى الولايات المتحدة، وتضاعفت الحواجز التجارية.
أدى الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي إلى إنهاء سياسة عدم التدخل (عدم تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية) في معظم البلدان، ولفترة طويلة من الزمن ساد التعاطف مع الاشتراكية والعمال والمهنيين من الطبقة المتوسطة بين العديد من المثقفين والكتاب والفنانين بصفة خاصة في أوروبا الغربية.
في الوقت الحالي، أصيب العالم بخيبة أمل كبيرة ومتزايدة من الرأسمالية، جراء الصدمات الاقتصادية والاجتماعية لوباء فيروس كورونا المستجد وتزايد موجة البطالة والكساد، وأثرياء العالم الذين يراكمون الثروة في ظل هذه الأوضاع بمعدل أكبر من أي وقت مضى، مع وجود الملايين تحت خط الفقر، وممارسات تصنيع تساهم في تفاقم أزمة مناخ تشكل تهديدًا خطيرًا على مستقبلنا الجماعي.
نرشح لك قراءة: الأيام السوداء في الاقتصاد: تاريخ الانهيارات المالية من الكساد العظيم إلى كوفيد-19
الرأسمالية والمصلحة الخاصة
نحن لا نتوقع الحصول على عشائنا بفضل نزعة الخير والكرم لدى الجزار أو الخباز أو الساقي، بل بسبب سعيهم واهتمامهم بتحقيق مصلحتهم الخاصة. – آدم سميث، كتاب ثروة الأمم.
تقوم فلسفة الفكر الرأسمالي كأحد النظم الاقتصادية على المذهب الفردي الحر، ومنه تنبثق مبادئ وأفكار وأسس النظام الاقتصادي الرأسمالي وركائزه ومقوماته الرئيسية، ومن أهمها: (الحرية الاقتصادية، والملكية الخاصة لعناصر الإنتاج، وسيادة المنافسة الكاملة في أسواق السلع والخدمات وعناصر الإنتاج، والمصلحة الذاتية الخاصة، والدور المحدود للحكومة، حرية الاختيار فيما يتعلق بالاستهلاك والإنتاج والاستثمار)، ومدى عمل هذه الركائز يميز مختلف أشكال النظم الرأسمالية.
الأساس هو المذهب الفردي الحر وما تبعه من ضرورة تحقيق المصلحة الذاتية الخاصة لكافة أطياف المجتمع (المنتجين – المستهلكين – العمال)، أي أن ما يحرك عجلة الاقتصاد في النظام الرأسمالي هو النزعة الفردية أو المصلحة الخاصة، لكن التجربة الاقتصادية كشفت عبر الأزمنة عن وجود تعارض دائم بين المصلحة العامة للمجتمع ككل والمصلحة الخاصة للرأسماليين.
شرع كارل ماركس في انتقاد الرأسمالية وآلياتها والمذهب الفردي التي تقوم عليه، وهذا في كتابه رأس المال. والمنشور في عام 1867 واستنتج أنه ببساطة؛ القوى الاقتصادية المتأصلة في الرأسمالية كفيلة بالقضاء عليها من الباطن، ومن ثم الإتيان بنظام اقتصادي آخر أكثر تطورًا وتفهمًا وإنسانية. وذكر أن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج تؤدي بالتبعية إلى سوء توزيع الموارد وإهدار الثروات الثمينة وزيادة حدة الصراع الأزلي الطبقي، الذي يؤدي بدوره حتمًا إلى زوال الرأسمالية.
كارل ماركس
نرشح لك قراءة: اعرف مع أراجيك : 66 مصطلح اقتصادي أنت بحاجة لمعرفة معناهم
الرأسمالية والتدخل الحكومي
النظام الاقتصادي الرأسمالي هو نظام يتميز بالأسواق الحرة، أي أن اللعب الحر بين قوى العرض (البائعين والمنتجين) والطلب (المشترين والمستهلكين) هو المحدد لأسعار السلع والتغيرات فيها، مع غياب التدخل الحكومي في الاقتصاد، حيث يعتمد نجاح الرأسمالية على اقتصاد السوق الحر، مدفوعًا بآليات العرض والطلب أو ما يعرف بتقنية جهاز الثمن.
هناك مسؤولية اجتماعية واحدة فقط للأعمال التجارية، هي استخدام مواردها والانخراط في أنشطة مصممة لزيادة أرباحها طالما بقيت ضمن قواعد اللعبة، أي تشارك في منافسة مفتوحة وحرة دون خداع أو الاحتيال. _ الاقتصادي ميلتون فريدمان، من كتابه الرأسمالية والحرية، المنشور عام 1962.
من الناحية النظرية، يتم التخطيط للقرارات الاقتصادية في ظل الرأسمالية البحتة عبر الأساليب السياسية اللامركزية، (على عكس النظم الاقتصادية الاشتراكية أو الإقطاع)، لكن من الناحية العملية، يحتاج الاقتصاد الرأسمالي إلى بعض التدخل الحكومي، في المقام الأول لحماية الملكية الخاصة. (هذا مهم للتمييز بين الرأسمالية والفوضوية، حيث لا توجد حكومة على الإطلاق).
في بعض الأحيان تتحكم الحكومة في آلية الأسعار لجعل السلع في متناول الفقراء أيضًا. على سبيل المثال، أصدرت حكومة الهند مؤخرًا أمرًا بإزالة السيطرة على أسعار الديزل وإزالته من نطاق اختصاص الحكومة. الآن سيتم تحديد الأسعار حسب أقوى طلب من المستهلكين والعرض من شركات النفط.
تعمل الأسواق الحرة، التي تسمى أيضًا اقتصادات عدم التدخل، بقليل من التنظيم الموجه أو بدونها، وفي الاقتصادات المختلطة، تلعب الأسواق دورًا مهيمنًا، ولكن يتم تنظيمها إلى حد كبير من قبل الحكومة بهدف تصحيح إخفاقات السوق، مثل: الحد من التلوث الصناعي والازدحام المروري، العمل على تعزيز الرفاه الاجتماعي، ولأسباب أخرى مثل الدفاع والسلامة العامة. تسود الاقتصادات الرأسمالية المختلطة اليوم.
نرشح لك قراءة: تسعير حياة الإنسان في ظل اقتصاد كورونا: الخبراء يزنون الحياة مقابل الاقتصاد!
المشكلة ليست في الرأسمالية
وأخيرًا.. المشكلة ليست في الرأسمالية كفلسفة ونظام اقتصادي في حد ذاته.. المشكلة تتمركز في السياسات التي وسعت دور السوق الحرة إلى ما وراء الحدود المعقولة، ففي حين أن الانضباط للاقتصاد الحر هو أكثر بكثير من شيوع فكرة آليات السوق الحرة المثالية، إلا أن نماذجها الأساسية لا تزال تضفي الطابع الرسمي على فكرة أن الثروة يتم إنتاجها بالكامل تقريبًا من قبل الشركات الخاصة التنافسية.
فإن فهم الرأسمالية كأحد النظم الاقتصادية يتطلب رؤية أن الاقتصادات مندمجة في المؤسسات الاجتماعية والسياسية. إنه ينطوي على دراسة الشبكات والعلاقات المتطورة بين الجهات الاقتصادية وأصحاب المصلحة المجتمعية وتبعيات المسار التاريخي لتلك النظم الاقتصادية المتبعة داخل الدولة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.