ذكاء اصطناعي

رقعة قلب ذكية تُطبع ثلاثياً وتُشفى طبيعيًا: ETH Zurich تطلق ثورة في جراحة القلب

ملاذ المدني
ملاذ المدني

3 د

ابتكر باحثون رقعة قلبية مطبوعة ثلاثياً قابلة للتحلل تُجدد الأنسجة وتغلق الثقوب.

استُخدم بوليمر متوافق حيوياً مع خلايا عضلة قلب معملياً لخلق RCPatch.

اختُبرت الرقعة في المختبر والحيوانات، وأظهرت فعالية في تجديد الأنسجة.

الابتكار يمثل خطوة نحو علاجات قلوب متضررة، ولكنه لا يزال في مراحله الأولية.

بينما لا تزال أمراض القلب تحتل الصدارة كأبرز أسباب الوفاة في العالم، يواصل العلماء البحث عن حلول تعيد الأمل للمصابين. في إنجاز واعد، ابتكر باحثون من معهد زيورخ الفيدرالي للتكنولوجيا (ETH Zurich) رقعة قلبية مبتكرة قابلة للتحلل الحيوي، يمكنها إغلاق الثقوب في عضلة القلب والمساعدة في تجديد الأنسجة، ما قد يحدث ثورة في علاج إصابات القلب.

خلال أزمة قلبية، يموت جزء من خلايا عضلة القلب، ويحل مكانها نسيج ندبي، ما يُضعف ضخ الدم ويزيد من خطر تمزق جدار القلب—a حالة تستدعي تدخلاً جراحياً عاجلاً غالباً. الحلولُ التقليدية مثل الرقع القلبية المزروعة لم تكن تقدم التئاماً مثالياً، إذ تبقى كجسم غريب في الجسم ولا تتماثل حيوياً مع نسيج القلب.


إضافة نوعية في عالم الطب

وللتغلّب على هذه الإشكاليات، طوّر الفريق رقعة قلبية أطلقوا عليها اسم RCPatch، صُنعت عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام بوليمر متوافق حيوياً قابلاً للتحلل، مع توظيف أنماط هندسية مستوحاة من النمذجة الحاسوبية المتقدمة. لم يكتفِ الباحثون بابتكار شبكة داعمة دقيقة قابلة للتحلل فقط، بل أضافوا إليها هلاماً مائياً غنياً بخلايا عضلة قلب تم توليدها معملياً من خلايا جذعية مستحدثة، مما يمنح الرقعة قدرة على الاندماج الحيوي مع العضو المريض.

هذا الدمج بين الدعامات المصنعة وخلايا عضل القلب يساعد على إغلاق الثقوب في البطين، ومن ثم استعادة الوظيفة الحيوية تدريجياً، بل ويهيئ الفرصة لتجدد الأنسجة التالفة بدلاً من الندب. الرقعة صُممت بمرونة تمكنها من مجاراة حركة القلب الطبيعية، وتتحلل تدريجياً بعد قيامها بوظيفتها الأساسية.


مرحلة التجربة والاختبار

وللتأكد من فعالية الابتكار الجديد، أُجريت سلسلة من التجارب شملت اختبار الرقعة في بيئة معملية، حيث ظهرت عليها علامات النبض بعد ثلاثة أيام فقط من زراعتها مع الخلايا، ما دل على نجاح الاندماج الوظيفي. ثم نُقلت الخطوة الأهم إلى نطاق الحيوانات، حيث وُضعت الرقعة فوق ثقب بقطر 8 ملم في البطين الأيسر لقلب خنزير، لوحظ بعدها توقف النزيف بسرعة مع حفاظ الرقعة على متانتها في ظروف الضغط الواقعي للدم.

هذه النتائج تشير إلى قدرة الرقعة ليس فقط على سد العيوب البنيوية في القلب، بل أيضاً على تحفيز نمو أنسجة قلبية صحية جديدة، وهذا ما يربط بين جهود البحث الراهن وطموحات الطب التجديدي نحو علاج دائم وآمن للمصابين.


آفاق واعدة وتحديات مقبلة

وبرغم الجاذبية الكبيرة لما أثبتته الرقعة القابلة للتحلل حتى الآن، يقر الباحثون بأن العمل لا يزال في بداياته. إذ أُجريت الاختبارات الأولية على حيوان واحد وعلى مدار فترة قصيرة، بينما تشهد الحياة الواقعية ثقوباً بحجم أكبر وبأشكال غير منتظمة في القلب إثر التمزقات. يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى استمرارية الرقعة، وطريقة اندماجها الفعلية مع النسيج القلبي البشري أثناء عملية الشفاء على مدى أسابيع أو شهور.

وهذا يقودنا إلى نقطة أن تطوير علاجات متقدمة تعتمد على الطباعة الحيوية الثلاثية الأبعاد واستخدام الخلايا الجذعية قد يحمل مستقبلاً خيارات أفضل لعلاج تمزقات وعيوب القلب، مقارنة بالرقع التقليدية المأخوذة من أنسجة حيوانية.

وسط انفجار الابتكارات الطبية، تبدو رقعة القلب المطبوعة ثلاثيًا القابلة للتحلل كخطوة جريئة نحو معالجة الجروح القلبية المستعصية وتعزيز فرص استعادة وظيفة القلب طبيعياً دون أضرار بعيدة الأمد. ورغم أن الطريق نحو التطبيق البشري لا يزال طويلاً، إلا أن هذا البحث يمثل نقطة تحول في علاج قصور القلب ويفتح الباب أمام علاجات أكثر أماناً وفعالية للمرضى حول العالم.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.