تصميمات دماغية قد تربك سباق المليارات في عالم الذكاء الاصطناعي

ملاذ المدني
ملاذ المدني

3 د

تحدث دراسة حديثة عن أهمية تصميم نموذج الذكاء الاصطناعي أكثر من كمية البيانات.

تركز الدراسة على كيفية تقليد البنية البيولوجية للدماغ في نموذج الذكاء الاصطناعي.

تشير النتائج إلى أن الشبكات الالتفافية هي الأقرب لعمل القشرة البصرية في الدماغ.

يعتبر الإطار المعماري للنموذج أهم من كمية البيانات، ويدعم كفاءة أعلى بالموارد.

منذ سنوات يتسابق عمالقة التكنولوجيا لبناء نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة تبتلع الطاقة والبيانات كما لو أنها مصانع رقمية لا تهدأ، لكن دراسة جديدة من جامعة جونز هوبكنز تفتح الباب لسؤال بسيط ومربك في آن واحد: هل كل هذا التعقيد ضروري أصلًا؟ الباحثون يقولون إن النموذج قد يكون أهم من كمية التدريب، وإن مجرد اختيار المخطط المناسب قد يضع الذكاء الاصطناعي على بداية أقرب إلى طريقة عمل الدماغ.

وما يجعل هذه الفكرة جذابة للقارئ أن الدراسة، المنشورة في مجلة نيتشر ماشين إنتليجنس، تظهر أن بعض النماذج المستوحاة من البنية البيولوجية تأتي بنشاط شبيه بنشاط الدماغ حتى قبل أن تتعلم أي شيء. وهذا يربط مباشرة بين تصميم النموذج ورغبة العلماء في الاقتراب أكثر من آليات الإدراك البشري.


العقول الاصطناعية ومسار التطور البيولوجي

المثير أن الباحث مايكل بونر وزملاءه انطلقوا من مقارنة بسيطة: البشر يتعلمون الرؤية دون ملايين الصور، بينما تدرب الشركات نماذجها على مليارات البيانات وتستهلك طاقة هائلة. بونر يرى أن تطور الدماغ عبر ملايين السنين قد يكون قد استقر على تصميمات فعالة للغاية، ويمكن للذكاء الاصطناعي الاستفادة منها. وهذا يعيد النقاش إلى أهمية البنية العميقة وخريطة الاتصال داخل الشبكات العصبية مقارنة بالكم الهائل من البيانات المستخدمة.

وانطلاقًا من هذه الفكرة، تفحّص الفريق ثلاثة أنواع أساسية من تصميمات الشبكات: المحولات، الشبكات كاملة الاتصال، والشبكات الالتفافية. وهذا يربط الفكرة بالجدل المتزايد حول أي من هذه الهندسات أقرب فعلًا لآلية عمل القشرة البصرية في الدماغ.

في التجارب، قام العلماء بتعديل هذه التصاميم وإنشاء عشرات النماذج غير المدربة، ثم عرضوا عليها صورًا لأجسام وحيوانات وبشر. قارنوا النتائج بنشاط الدماغ لدى البشر والرئيسيات تحت الظروف نفسها، لتظهر مفاجأة واضحة: زيادة عدد العصبونات الاصطناعية في المحولات أو الشبكات كاملة الاتصال لم تغير الكثير، بينما أدى تعديل الشبكات الالتفافية إلى نتائج تشبه بشكل لافت أنماط الدماغ الحقيقية. وهذا يمهد لخطوة أوسع في فهم العلاقة بين الإدراك البصري وإعادة بناءه داخل نماذج الحقبة الجديدة.


العمارة قبل البيانات

الجزء الأكثر إثارة هو أن هذه الشبكات الالتفافية غير المدربة نافست نماذج ضخمة تُدرَّب عادة على مليارات الصور. النتيجة، بحسب الفريق، تشير بقوة إلى أن المعمارية هي العامل الحاسم، وقد تكون أهم بكثير مما كان يعتقد سابقًا. وهذا يعيدنا للحديث عن كفاءة الطاقة والسرعة وتخفيض تكاليف الحوسبة الهائلة التي تتطلبها النماذج التقليدية.

ذو صلة

هذه الرؤية تدفع الباحثين الآن إلى التفكير في خوارزميات تعلم بسيطة مستوحاة من البيولوجيا، تساعد على بناء إطار جديد للتعلم العميق يعتمد على قوانين أقرب للطبيعة وأبعد عن الاستهلاك المفرط. وهذا يربط بين الخطوة الحالية وطموح أوسع لإعادة تعريف الطريقة التي تُدرَّب بها الأنظمة الذكية مستقبلًا.

في المحصلة، يبدو أن السباق نحو ذكاء اصطناعي أقرب للدماغ قد يتحول من صراع على حجم البيانات وقوة الحوسبة إلى منافسة على أفضل تصميم، تمامًا كما يحدث في الهندسة المعمارية عندما يكون المخطط الذكي أهم من المواد المستخدمة. وربما يكون هذا التغيير هو ما تحتاجه الصناعة لتجاوز حدودها الحالية وفتح مرحلة جديدة من التطور الحقيقي.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة