فقاعة أم طفرة؟ ما الذي يجعل الذكاء الاصطناعي أخطر استثمار في عصرنا؟
3 د
تحوّل الذكاء الاصطناعي لمحور تتسابق إليه الشركات بتوقعات مبهرة ووعود ثورية.
يلاحظ الخبراء تشابه المؤشرات الحالية مع موجات التفاؤل المفرط السابقة.
تتجاوز التوقعات التفاؤلية أحياناً القدرات الواقعية للتقنيات الحالية.
الفقاعات لا تُفجر بسبب غياب الابتكار بل لأن الوعود تتخطى الواقع سريعًا.
تظل البنية التحتية بعد انفجار الفقاعة وتدفع التطور التكنولوجي لاحقًا.
في السنوات الأخيرة، تحوّل الذكاء الاصطناعي من تقنية تجريبية إلى محور حديث العالم، ومنصة تتسابق إليها الشركات والمستثمرون. ومع كل التوقعات المبهرة والوعود الثورية، بدأ بعض الباحثين في طرح سؤال مقلق: هل أصبح الذكاء الاصطناعي «الفقاعة» الأضخم في مسيرة التكنولوجيا الحديثة؟
يتناول مقال في مجلة وايرد هذا التساؤل من وجهة نظر تحليلية، إذ يراجع آراء خبراء درسوا تاريخ الفقاعات المالية في عالم التقنية – من فقاعة الإنترنت في التسعينيات، إلى فقاعة العملات الرقمية – مع محاولة تطبيق الأدوات نفسها على ظاهرة الذكاء الاصطناعي اليوم.
وهذا يقودنا إلى المحور الأول المتعلق بعوامل تضخّم السوق الحالية.
من الحماس التقني إلى الحمى الاستثمارية
يلاحظ الخبراء أن مؤشرات السوق الحالية تتشابه بشكل لافت مع الموجات السابقة من التفاؤل المفرط، حيث تتدفق الأموال على شركات ناشئة بالكاد تمتلك نموذجاً عملياً، وتُضخّم التقييمات لحدود غير منطقية. التغطية الإعلامية الواسعة، وتصريحات الرؤساء التنفيذيين عن “ثورة الوعي الآلي”، كلها تغذي ما يمكن تسميته «الخيال الجماعي حول الذكاء الاصطناعي»، وتجعل المستثمرين أكثر استعداداً للمغامرة.
هذا الاندفاع، بحسب الباحثين، ليس مجرد تكرار للماضي، بل قد يكون التجسيد المثالي لفكرة الفقاعة: مزيج من الابتكار الحقيقي والمبالغة العاطفية.
ويربط هذا التشخيص بين حاضر الذكاء الاصطناعي وبين تجارب مثل فقاعة الدوت كوم أو العملات المشفّرة، لكن بدرجة أضخم وأكثر تشابكاً بالاقتصاد العالمي.
ما بين الواقع والتضخيم الإعلامي
لا أحد ينكر أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تغيّر طريقة عمل الشركات وتفتح أسواقاً جديدة في مجالات الصحة والتعليم والترفيه. لكن في المقابل، يرى المحللون أن التوقعات المتفائلة تتجاوز أحياناً القدرات الواقعية للتقنيات الحالية، خاصة أن العديد من النماذج الذكية تعتمد على كميات مهولة من الطاقة والمعالجة ولا تزال مكلفة وغير مستدامة على المدى الطويل.
وهذا يربط النقاش بظاهرة «تضخيم الأمل التكنولوجي»، حيث يؤدي تسارع الأخبار والإعلانات إلى رسم صورة مثالية بعيدة عن الواقع، تجعل الفجوة بين الإنجاز الفعلي والطموح الخيالي أكثر وضوحاً.
الدروس من التاريخ
عند مقارنة الوضع الحالي بما حدث في فترات سابقة، يتبين أن الفقاعات لا تُفجر عادة بسبب غياب الابتكار، بل لأن الوعود تتخطّى الواقع بسرعة أكبر من قدرة السوق على اللحاق بها. الباحثون الذين تحدثت معهم المجلة يؤكدون أن هذه الدورة تتكرر مع كل جيل: ينبهر الناس بالتقنية الجديدة، تتسارع الاستثمارات، ثم تأتي مرحلة التصحيح.
وهنا تكمن المفارقة: حتى لو انفجرت «الفقاعة»، فإن البنية التحتية التي أُنشئت خلالها – كالمعالجات الفائقة أو البيانات الضخمة – تبقى وتدفع التطور التكنولوجي لاحقاً، تماماً كما حدث بعد فقاعة الإنترنت.
بين التحذير والأمل
في نهاية المطاف، لا يعني الحديث عن فقاعة الذكاء الاصطناعي أننا أمام انهيار محتوم، بل هو دعوة للتعامل بعقلانية وموازنة بين الطموح والواقعية. فربما تكون هذه المرحلة المليئة بالإفراط والتجريب ضرورية كي تنضج التقنية وتستقر في مسارها الواقعي. وبين حماس المستثمرين وقلق الباحثين، يظل السؤال مفتوحاً: هل نحن نصنع المستقبل... أم نعيد دورة الوعود التي تتجه دائماً نحو الانفجار؟
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.







