تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

أطفال العصر الرقمي.. الإنترنت يحتكر مستقبل أطفالنا ومسيرتهم التعليمية

غادة الجوهري
غادة الجوهري

5 د

في عالم اليوم، أصبح العثور على طفل لا يمتلك هاتفًا ذكيًا أو تابلت عملية شبه مستحيلة، فهذه الأجهزة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال. وهي لا تقتصر على الترفيه فحسب، بل أصبحت الأداة المفضلة للآباء لتحقيق لحظات من السكينة والراحة والاستسهال في تهدئة أطفالهم. ولكن، هل هذه الظاهرة بريئة وسليمة كما يُظهرها المشهد الخارجي؟

أمام هذه الانتشار الواسع للتكنولوجيا بين الأطفال والشباب، يتعاظم القلق حول التأثيرات الاجتماعية والنفسية والعقلية التي قد تنتج عن هذه التجربة الرقمية المبكرة. وهناك أيضاً التساؤلات المتزايدة حول "الفجوة الرقمية" والهوة المتنامية بين من يمتلك مقدرة الوصول إلى التكنولوجيا بفعالية، وبين من لا يمتلك هذه الفرصة.


ما هي الفجوة الرقمية؟ 

الفجوة الرقمية (digital divide) هي مصطلح يشير إلى الفروق في الوصول والقدرة على استخدام التكنولوجيا بين مختلف المجتمعات. فهي ليست مسألة توفر الإنترنت أو الأجهزة الذكية فحسب، بل تتعلق أيضًا بالمعرفة والمهارات اللازمة لاستخدام هذه التكنولوجيا بفعالية.

ففي عالم تزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، توسعت هذه الفجوة الرقمية لتشمل أيضًا القدرة على الاستفادة من الرقمنة في العديد من الجوانب مثل التعليم والعمل والرعاية الصحية. كما يمكن أن تتراوح الفجوة الرقمية من الوصول المحدود للإنترنت في المناطق الريفية إلى الفرق في القدرة على استخدام الأجهزة الذكية والبرامج الحاسوبية بكفاءة.

فبالنسبة للأطفال، يمكن أن تؤدي الفجوة الرقمية إلى تحديات كبيرة. وبما أن التكنولوجيا تشكل جزءًا أساسيًا من التعليم اليوم، فالأطفال الذين يفتقرون إلى الوصول الكامل للإنترنت أو الأجهزة الذكية أو القدرات اللازمة لاستخدامها، قد يجدون أنفسهم متأخرين مقارنةً بأقرانهم. ويمكن أن تكون هذه الظروف الصعبة محددة لمستقبلهم التعليمي والمهني، مما يزيد من أهمية التعامل مع هذه القضية بجدية. وللفجوة الرقمية اشكال عديدة حسب العائق المسبب لها، مثل:


الفجوة الرقمية الاقتصادية

وهي تلك التي تنشأ بين الدول النامية والدولة المتقدمة، أو المناطق الحضرية والريف، أو بين الأغنياء والفقراء في القدرة على الوصول إلى الانترنت.


الفجوة الرقمية الناتجة عن سوء الاستخدام

هنا يتمكن الشخص من استخدام الحاسوب أو غيره من الأجهزة والاتصال بالإنترنت، ولكنه لا يستطيع استخدام الإنترنت أو تطبيقات الهواتف الذكية ومحركات البحث وغير ذلك من التقنيات في الحصول على المعلومة. أو الفجوة التي تنشأ جراء عدم معرفة الطريقة الصحيحة لاستخدام الهواتف الذكية أو الاتصال بشبكة الإنترنت وغيرها من المهارات المطلوبة لاستخدام التقنية الحديثة. 


فقط ثلث الشباب العالمي يمتلكون الوصول المباشر للإنترنت

في عام 2020، واجه العالم تحديات غير مسبوقة بسبب جائحة كوفيد-19، وأحدثت هذه التحديات تغييرات ضخمة في طريقتنا بالتعلم والعمل، حيث انتقلنا إلى البيئات الرقمية بشكل أكبر من أي وقت مضى. وفي هذا السياق، أجرت منظمة اليونيسيف دراسة لقياس مدى قدرة الناس على الوصول إلى الإنترنت وتحديد مدى استعدادهم لهذا الانتقال.

وفي تطور صادم، أظهرت النتائج أن 33٪ فقط من الأطفال والشباب تحت سن الخامسة والعشرين حول العالم يمتلكون اتصالًا مباشرًا بالإنترنت في منازلهم. هذا يعني أن غالبية الشباب في العالم لم يتمكنوا من متابعة التعليم والعمل عن بُعد بشكل فعّال. الأمر الذي يشير إلى وجود فجوة رقمية مقلقة تؤثر على تكافؤ الفرص التعليمية.

ومن الواضح أن الأزمة زادت من هذه الفجوة بين سكان المدينة والريف، والأغنياء والفقراء، الذين لا يستطيعون الحصول على خدمات الإنترنت اللازمة لمتابعة التعليم الرقمي. وهذا التحدي يتطلب اهتمامًا وتدخلًا سريعًا لضمان تكافؤ الفرص التعليمية لجميع الشباب حول العالم.


كيف تؤثرالفجوة الرقمية على المساواة في التعليم؟

يتضح تاثير الفجوة الرقمية على المساواة في التعليم من خلال الدراسات التي أجريت للمقارنة بين الدول المتقدمة والنامية في الوصول إلى الإنترنت. فهناك %5 فقط من الأطفال والشباب في وسط وغرب أفريقيا قادرين على الوصول إلى الإنترنت مقارنة بمتوسط النسبة العالمية (%33). وعند المقارنة بين الدول ذات الدخل المنخفض والأخرى ذات الدخل المرتقع نجد أن نسب الاستطلاع نفسه هي %6 و%87 على التوالي.

وفي أمريكا وتحديدًا في مدينة بيتسبورغ التابعة لولاية بنسلفانيا، أُجريت دراسة على مدرستين يشكلان مثالًا حي للفجوة الرقمية لدى أبناء المدينة الواحدة. فإحدى المدرستين تقع في مقاطعة فقيرة من المدينة وتمتلك 60 جهاز حاسوب فقط لمشاركته بين 1300 طالب. وأخرى تلقت مؤخرًا الدعم من إحدى الجامعات المحلية -كارنيج مالون- لتطوير مناهج الحاسب الآلي والرفع من مستوى البحث واستخدام الإنترنت في المطالعة.


الإنترنت حق أساسي في التعليم.. فهل توفيره في المدارس أمر كافٍ؟

 لم يعد الإنترنت اليوم مجرد وسيلة للترفيه أو مصدر للمعلومات فقط. فقد أصبح الآن أداة تعليمية أساسية ومحورية للمستقبل المهني والتقدم الاجتماعي، حيث أظهرت الدراسات ارتباطاً إيجابياً بين الوصول إلى الإنترنت والتحضر.

وكمحاولة لمد الجسور بين الطلاب وحل الفجوة الرقمية، قامت الحكومات بتزويد المدارس بخدمات إنترنت حديثة ومعامل إلكترونية قدر المستطاع، ولكن هل يمكن أن يكون ذلك كافي حقًا لحل الأزمة؟

في عام 2009، وجد أن 7 من كل 9 معلمين في أمريكا يمنحون الطلاب واجبات منزلية تعتمد بشكل أساسي على الوصول إلى الإنترنت. هذا يعني أن الطلاب الذين لا يملكون وصولًا إلى الإنترنت في منازلهم قد يواجهون صعوبات في إكمال واجباتهم المدرسية، مما يعرض تكافؤ الفرص التعليمية للخطر. إذًا كيف يمكن حل هذه المشكلة؟


توفير الإنترنت للجميع.. استراتيجية فعالة لسد الفجوة الرقمية

يجب تمكين الجميع من الوصول إلى الإنترنت لإيجاد البنية التحتية الكافية، وضمان قدرة الجميع على الوصول إلى هذه الخدمات بشكل مناسب. فالحكومات تعمل الآن على توفير خدمات الإنترنت المدفوعة مسبقاً وتوفير شبكات الجيل الثالث على الأقل في جميع أنحاء البلاد، للسماح للجميع بالوصول إلى الإنترنت من خلال أجهزتهم الذكية.

ذو صلة

إضافةً إلى ذلك، تسعى وزارة الاتصالات لتوفير دورات تدريبية مبسطة بشكل متكرر في المناطق الريفية والقرى والمناطق البعيدة في أطراف البلاد. إذ تهدف هذه الدورات إلى تعليم الأفراد كيفية استخدام الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة للبحث عن المعلومات والوصول إلى مجموعة متنوعة من الدورات التعليمية والمهنية، لضمان تكافؤ الفرص وتحسين مستوى التعليم في تلك المناطق.

لم يعد اللعب البريء والأنشطة البدنية والذهنية التي اعتدنا عليها في السابق هي عامل الجذب لأطفالنا. بل أصبح الإنترنت بكافة تطبيقاته هو الهالة التي تستقطب عقول الأطفال الغضة وتشكل مستقبلهم فيما بعد. وبما أن التيار الذي يجذبهم ضخم وهائل، لا يسعنا إلا مجاراته وتجنب أضراره قدر الإمكان، فلم يعد الإنترنت وسيلة ترفيه بعد اليوم، بل أصبح النافذة التي يجب على الجميع اختراقها.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة